لقد أكد لنا النقيب البريطاني هنري داودينغ من خلال ما شاهده أثناء زيارته للكويت مع مطلع القرن العشرين أن مدينة الكويت "مدينة نظيفة" بشكل ملحوظ ومبانيها جيدة، وأن المدينة تعتبر مزدهرة في ذلك الوقت بالمقارنة بالمدن القريبة منها في الجزيرة العربية. وعن أعداد سكان المدينة، يقول داودينغ إن مدينة الكويت تضم حوالي 3000 بيت و500 محل تجاري و6 مقاه و3 مدارس و4 مساجد وأعدادا غير محصورة من المخازن والمستودعات.

ورغم أنه أورد هذه الأرقام، فإنه أوضح أنه لا توجد إحصائيات رسمية أو بيانات مؤكدة، ولكن يمكن الاعتماد على هذه الأرقام من خلال مشاهدة وجود 30 بيتا جديدا يتم بناؤها و40 محلا تجاريا جديدا يتم افتتاحها في كل عام تقريباً. ولم يكتف داودينغ بالتقديرات التي يبدو أنه أخذها من الوكالة السياسية البريطانية في الكويت ومن مشاهداته الشخصية، بل توجه بالسؤال حول ذلك إلى الشيخ مبارك نفسه الذي أفاده بما يلي:

Ad

■ الرجال المقاتلون ​​​​19000

■ كبار السن والأطفال 13000

■ النساء ​​​​​​22000

■ الرجال المقاتلون (خارج المدينة) ​12000

■ كبار السن والأطفال (خارج المدينة) ​9000

■ النساء (خارج المدينة) ​​​14000

وهنا يتوقف داودينغ لحظة ليبين رأيه في هذه الأرقام التي تبدو مبالغاً فيها، فيقول "ليس هناك وسيلة للتأكد من هذه الأرقام، وخصوصاً ما يتعلق بمن هم خارج المدينة والذين هم من القبائل غير المستقرة، فأعدادهم تتأرجح بشكل كبير"، لكنه يعود ليقول إنه يوجد احتمال أن تكون هذه الأرقام صحيحة لأنه "في وقت الإفادة بهذه الأرقام كان عدد الأشخاص في المدينة مرتفعاً بسبب لجوء القبائل إلى داخل المدينة بسبب اقتراب بن رشيد. وإذا كان ذلك صحيحاً، فإن المبالغة قد لا تكون كبيرة كما تبدو للوهلة الأولى".

ويستمر في تحليله لأرقام الشيخ مبارك فيقول إنه مبالغ فيها وإنه أشار إلى ذلك في موضع آخر من التقرير، موضحاً أن الشيخ مبارك نفسه أفاده في مناسبة أخرى بأن الرجال المقاتلين يتراوح عددهم ما بين 6000 و7000 رجل، وإذا كان ذلك صحيحاً، فإن سكان الكويت الإجمالي يكون ما بين 30 و40 ألفاً، وأن 30000 هو الرقم الأقرب للصواب. وهنا أود القول إن الشيخ مبارك لم يكن له جيش نظامي تحت أمره في كل الأوقات، بل كان يعلن التعبئة العامة (بمفهومنا الحالي) في وقت الحاجة ويجهز الرجال القادرين على القتال ويقودهم إلى المواجهة مع الأعداء، كما أن بعض الأطراف المتحالفة معه كانت تساهم برجال تحت راية خاصة لهم كما حدث في معركة الصريف. ويبقى للمحللين والمهتمين بهذه الأرقام فرصة كبيرة للتحقق منها والتدقيق فيها وإبداء آرائهم حولها، فهناك الكثير من التقديرات المتوفرة في رسائل ووثائق تاريخية كثيرة، منها وثائق للشيخ مبارك، ومنها وثائق لزائرين للكويت قبل فترة الشيخ مبارك، ومنها وثائق لرحالة عرب وأوروبيين في القرن التاسع عشر، وكلها تحتوي على أرقام يمكن مقارنتها وتحليلها للخروج برؤية علمية متجردة تعيننا على تصور حجم بلدنا الحبيب وسكانه في الماضي.