اكدت لجنة الشكاوى والتظلمات في الديوان الوطني لحقوق الانسان ان حرية التعبير تتعرض لتراجع عام بفعل العديد من القوانين المتشددة، فيما اعتبرت ان السياسة السكانية الحالية تتسبب في الإساءة للعمالة الكويتية والوافدة على حد سواء. وخلصت اللجنة في تقرير اعدته بعنوان "دولة الكويت... حقوق الإنسان وسياسات مواجهة وباء كورونا"، والذي يغطي الفترة الزمنية الممتدة من بداية اتخاذ حكومة الكويت التدابير الصحية الوقائية والعلاجية في شهر فبراير إلى نهاية شهر يوليو 2020 والذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه الى مجموعة من التوصيات بشأن المواضيع التي تناولتها.
التركيبة السكانية
واوضحت اللجنة في تناولها لموضوع التركيبة السكانية ان السياسة السكانية الحالية تتسبب في الإساءة للعمالة الكويتية والوافدة على حد سواء بسبب النقد الشعبي لأداء المؤسسات نتيجة التوظيف الوهمي والسياسي في جهات مختلفة لا فائدة تنموية أو اقتصادية منها رغم كونها – العمالة – ضحايا لسياسات غير حصيفة تتسبب في انتشار دعوات إقصاء شعبوية تخلو من الحس الإنساني. وأضافت: كخطوة نحو الحل تقترح اللجنة البدء بتصور لحل مشكلة التركيبة السكانية وإلغاء نظام الكفيل من خلال لجنة مشتركة تضم وزارات الشؤون الاجتماعية والداخلية والتجارة والصناعة وهيئة القوى العاملة وغرفة تجارة وصناعة الكويت والاتحاد العام لعمال الكويت لضبط سوق العمل وتحديد المهن الحِرَفِية والفنية والتي يحتاجها المجتمع الكويتي.التلاعب بسمات الدخول
وتناولت اللجنة ظاهرة التلاعب بسمات الدخول، مؤكدة ان تصحيح هذه الظاهرة لابد وأن تمر من خلال معالجة اختلالات هيكل العمالة والتركيبة السكانية في البلاد من ناحية، وتوظيف التقدم التقني إلى أبعد حد ممكن من ناحية ثانية، وإعادة النظر بصورة جادة ومستعجلة في نظام الكفيل، وتطويره بما يفرق بن العمالة الوافدة عالية الثقافة والتخصص، والتي يمكن تكويت مواقعها مستقبلا، أما العمالة الوافدة الهامشية فيصعب تعويضها من العمالة الوطنية لأسباب وظروف تتعلق بظروف الوفرة الاقتصادية والحالة الاجتماعية.سكن العمالة
وتطرقت اللجنة الى ظروف السكن العمالي اذ أدت ظروف وباء كورونا المستجد إلى نتائج وخيمة على مستوى السيطرة على أعداد المصابين في تلك المناطق بسبب عدم ملاءمة السكن، مما أدى إلى الحجر على سكان تلك المناطق لمدد زمنية تفاقمت خلالها الحاجة إلى الطعام مع فقدان الوظائف لآلاف العمال وضياع مصادر رزقهم مع توقف الحياة الطبيعية خاصة العاملين منهم بالأجر اليومي. واكدت انه تبدو الحاجة ماسة جداً للانتهاء من هذه المشكلة من خلال إنجاز مشاريع المدن العمالية كاملة الخدمات بطاقة استيعابية لا تقل عن مليوني عامل أو أكثر تبعاً لحركة النشاط الاقتصادى مستقبلاً.حرية التعبير
وتحدثت اللجنة عن حرية التعبير، موضحة انها تتعرض بكافة صورها لتراجع عام بفعل العديد من القوانين المتشددة ومن ذلك: قانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، وقانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع، وقانون رقم 8 لسنة 2016 بشأن تنظيم الاعلام الالكتروني، وقانون رقم 63 لسنة 2015 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.واوضحت ان مسائل إعادة النظر فيها تتلخص في الآتي: إلغاء عقوبة السجن في مسائل الفكر والتعبير واستبدالها بالغرامات المالية، وتقليص نطاق التجريم في تلك القوانين، والسعي في نشر التوعية الإعلامية المتواصلة بمواد القوانين المذكورة خاصة للأجيال الشابة التي لا تعي مخاطر استخدام وسائل الإعلام الجديد.المؤسسات الإصلاحية
وتناولت اللجنة قضية المؤسسات الإصلاحية، موضحة ان أبرز مشكلة تواجه قطاع السجون في دولة الكويت هي ظاهرة الاكتظاظ والسعة المكانية والتي يعود تاريخها لسنوات طويلة، وقد عملت وزارة الصحة على تكثيف تلك الخطط والإجراءات للحد من انتشار الإصابات بفيروس كورونا، كما ساهم صدور المرسوم رقم 87 لسنة 2020 بالعفو عن باقي مدة العقوبة أو تخفيضها المقيدة للحرية والغرامة المحكوم بها على بعض الأشخاص والذي استفاد منه 2370 محكوما من المواطنين والمقيمين في عدد من القضايا عدا قضايا أمن الدولة والأموال العامة حلاً مؤقتاً لهذه المشكلة.واستدركت: لكن ثمة إجراءات جذرية يجب اتخاذها لمنع تكرار العديد من المظاهر في المؤسسات الإصلاحية ومن ذلك: زيادة السعة المكانية للسجون، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية الخاصة بعمليات تبادل أو استكمال السجناء مددهم الباقية في دولهم لتقليل أعداد السجناء، والعناية بالجانب النفسي للسجناء لمنع تكرار حالات الانتحار وكان آخرها لنزيل أقدم على شنق نفسه في يوليو 2020، وعدم التأخر في تنفيذ مراسيم العفو عن السجناء خاصة في الأوضاع الاستثنائية التي نعيشها – ويعيشها العالم – في زمن الوباء، وعدم الاكتفاء بقائمة العفو بعد تنفيذ المراسيم الخاصة بهذا الشأن، والتأهب لأي طارئ وبائي داخل المؤسسات الإصلاحية بإعداد قائمة احتياطية جديدة لضمان سرعة السيطرة على السجون.وتناول التقرير الأداء الحكومي تجاه قضايا حقوق الانسان أثناء جائحة وباء كورونا المستجد خصوصا من ناحية وعود الإصلاح ومكافحة الفساد والتدابير الصحية للسكان. وبين التقرير فيما يتعلق بوعود الإصلاح ومكافحة الفساد ان جائحة وباء كورونا المستجد دفعت السلطة التنفيذية إلى إطلاق وعود اصلاح العديد من مواطن الفساد في الدولة، وكان سمو رئيس الوزراء قد وجه المواطنين إلى التعاضد والتعاون مع الدولة للإبلاغ عن مواطن الفساد، داعياً كل من لديه معلومات عن الفساد أن يتقدم بها إلى هيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، مشددًا على توفير كل الضمانات لحماية المُبلغ. وأكد على أنه يعمل وفق توجيهات من سمو الأمير الذي «يتابعني ويتابع شخصياً ملفات الفساد وترسيخ دولة القانون والمؤسسات». كما دعا أكثر من وزير الى ضرورة التواصل مع وزارته لكشف أي مخالفة للقوانين أثناء جائحة وباء كورونا المستجد، ومن بن أبرز تلك الجهات وزارة التجارة والصناعة وهيئة القوى العاملة ووزارة الداخلية. فيما قدمت العديد من الوزارات والهيئات الحكومية كثيرا من خدماتها بطرق إلكترونية وفرت على سكان دولة الكويت الجهد والوقت وساهمت في إزاحة المفاهيم البيروقراطية التي طالما كانت محل تذمُّر شعبي.التدابير الصحية
وتحدث التقرير عن التدابير الصحية لسكان دولة الكويت، فإنه بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن مرض كورونا أصبح بدرجة جائحة عالمية، جرى الحديث عن تعديل قانون الأمراض السارية لإدراج فيروس كورونا ضمن الأوبئة التي يسري عليها القانون رقم 8 لسنة 1969 في شأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية بصفة عامة، وبصفة خاصة المادة 15منه والتي تمنح سلطات استثنائية لوزير الصحة لحماية البلاد من تفشي الوباء، وتنص على عزل المناطق ومنع التجول وتخويل الأطباء دخول المساكن في أي وقت للبحث عن المرضى وعزلهم، وإتلاف المأكولات والمشروبات واتخاذ كافة الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية مع ما فيها من مساس بالحريات العامة وضبطها والاستعانة بقوة الشرطة لإرغام من يرفض تلك الإجراءات على تنفيذها والانصياع لأوامر السلطة التنفيذية بشأنها، بما يحقق المصلحة العامة في ظروف استثنائية عصيبة. واتخذت المنظومة الصحية في دولة الكويت العديد من الإجراءات لمكافحة تفشي الوباء والحفاظ على قوة هذه المنظومة من خلال عدة تدابير كتجهيز أجنحة خاصة في كل من مستشفى جابر بكامل طاقته الاستيعابية للمصابين بالوباء إضافة لمستشفيات أخرى، وإقامة العديد من المحاجر بالتعاون مع وزارة المالية ووزارة الدفاع ووزارة الاشغال ومؤسسة البترول الوطنية الكويتية وتجهيز محاجر عديدة كالمحجر الذي أقيم على أرض شركة معرض الكويت الدولي، واستاد جابر ومحجر منطقة الرتقه وتجهيز المنتجعات والفنادق لهذا الغرض، وإنشاء مستشفيات ميدانية تساند المستشفيات الرئيسية وأخرى خاصة داخل المناطق المعزولة مع توفير المستلزمات الطبية والأدوية لمواجهة الوباء، وعمل المسحات الطبية العشوائية للمواطنين عن طريق نظام خاص مرتبط مع الهيئة العامة للمعلومات المدنية والاستعانة بفرق أجنبية من دول عدة مثل كوبا والهند والصين، وتعين فرق خاصة لمتابعة مرضى فيروس كورونا سواء للعلاج أو الوقاية. وأقامت وزارة الصحة مؤتمرا إعلاميا دوريا لإطلاع الجمهور على مستجدات تأثير الوباء على السكان، وكانت تقدم من خلاله إحصاءات يومية عن المجريات الصحية فيما يتعلق بحالات الإصابة والشفاء والوفيات، وكان المؤتمر فرصة لبيان تدابير وزارة الصحة المتلاحقة لمواجهة الموقف وتقديم النصح الطبي، وقد بدا تأثير ذلك واضحاً من خلال الرسائل اليومية التي تطلقها الوزارة بحكم تفعيل القانون رقم 8 لسنة 1969 سالف الذكر عبر وسائل الإعلام الرسمي الخاص بالوزارة أو المؤتمر الدوري الذي يقيمه مجلس الوزراء بحضور سمو رئيس الوزراء أحياناً، والوزراء المختصين ولا سيما وزير الصحة.وتلقت دولة الكويت إشادة دولية بنجاعة تدابيرها الصحية في وقت مبكر من مواجهتها للوباء من منظمة الصحة العالمية والتعاون معها بالفحوصات المخبرية والاكلينيكية لمجابهة هذا الفيروس المستجد. وقد بلغ إجمالي عدد الإصابات في دولة الكويت حتى تاريخ 23 يوليو 2020 وبموجب أرقام وزارة الصحة 61872 إصابة، فيما بلغ إجمالي حالات الشفاء 52247 حالة، فيما بلغ عدد الوفيات 421 شخصا.متابعة قوائم العفو الأميري
عقدت لجنة الشكاوى والتظلمات في الديوان الوطني لحقوق الانسان اجتماعين خلال شهر يونيو 2020 لبحث الأمور العاجلة التي تستوجب التحرك السريع وكان أهمها: تقديم تقارير بشأن الزيارات التي قامت بها اللجنة ومناقشة ما تم خلال تلك الزيارات، ومتابعة موضوع العفو الأميري ومحاولة شمول سجناء الرأي ضمن قوائم العفو، وعرض الشكاوى التي تلقتها اللجنة واتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها، وتدشين حسابات لجنة الشكاوى والتظلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر- انستغرام) بالإضافة إلى البريد الالكتروني.وتلقت اللجنة مجموعة من الشكاوى عبر البريد الالكتروني، منها الشكاوى العمالية للمطالبة بتأخر صرف الأجور، وشكاوى العنف الأسري، بالإضافة لشكوى ذوي نزيل انتحر في السجن في يوليو 2020.يذكر أن أعضاء اللجنة المحامي علي البغلي رئيساً ومنى العطية مقررة، والأعضاء: د. عبدالرضا أسيري ومظفر عبدالله راشد والمحامي حمدان النمشان وأسامة الذويخ. اختصاصات لجنة الشكاوى والتظلمات
تنص المادة (20) من اللائحة الداخلية لتنظيم العمل في الديوان الوطني لحقوق الانسان الصادرة بالقرار رقم (1) لسنة 2019 على دراسة الشكاوى والتظلمات الخاصة بانتهاكات حقوق الانسان المحالة إليها وتقصي الحقائق تجاهها وتقديم المساعدة لمقدميها وارشادهم ومعاونتهم لحلها.وتختص بالقيام بالزيارات الميدانية الدورية والمفاجئة لرصد أوضاع حقوق الانسان في أي مكان يمكن أن يحدث فيه انتهاك لحقوق الانسان، والمساهمة في إعداد التقارير التي يقدمها الديوان عن حقوق الانسان في الدولة والمساهمة بالرأي في إعداد التقارير التي تلتزم الدولة بتقديمها إلى المنظمات الدولية بمقتضى الاتفاقيات المنضمة إليها.وتختص بإعداد إحصائية دورية لمجلس الإدارة حول عدد الشكاوى والتظلمات المقدمة للديوان، وتنظيم دورات وبرامج لتعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان في مجال اختصاصها.