بينما بحث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الأميركي دونالد ترامب عبر الهاتف الصراع في ليبيا وأزمة سد النهضة الأثيوبي عقد البرلمان المصري، أمس، جلسة مغلقة أقرت منح الرئيس تفويضاً بشنّ عمل عسكري خارج الحدود للدفاع عن الأمن القومي.

وقبل الجلسة عبّر نواب عن دعمهم التدخل في ليبيا أو في أي مكان آخر، في حال رأت القيادة السياسية والعسكرية حاجة إلى ذلك.

Ad

وقال وكيل مجلس النواب المصري السيد الشريف، إن المادة 152 من الدستور المصري تنص على أن الدولة لا تعلن الحرب ولا ترسل قواتها في مهامٍ قتالية إلا بعد موافقة مجلس النواب.

وأجاب وكيل مجلس النواب، على سؤال حول عما إذا كان التصويت سيكون لمصلحة إرسال القوات أم ضده بالقول إنه «في هذه المواقف لا يوجد أغلبية أو معارضة»، مؤكداً أن «جميع النواب صوت واحد طالما هناك مخاطر تهدد الدولة المصرية».

وتابع أن «مصر دائماً تساند الحق وستدعم الشعب الليبي، في مواجهة الإرهاب الغاشم ومموليه، ومجلس النواب المصري لن يتأخر في إعطاء التفويض الكامل للقيادة السياسية في الدفاع عن مقدرات مصر وأمنها القومي». وقال وكيل لجنة الشؤون العربية النائب أحمد امبابي: «أتوقع أن يحظى التفويض بإجماع وليس أغلبية واتوقع أن توافق المعارضة على التفويض».

من جانبه، اعتبر النائب عن تحالف 25/30 المعارض هيثم الحريري أن التقديرات العسكرية تسبق التقديرات السياسية في شؤون الأمن القومي.

وأضاف الحريري: «لدينا معركتان لا تقل أحدهما أهمية عن الأخرى معركة الوجود وتتعلق بمياه النيل وسد النهضة ومعركة الحدود في الغرب ووجود قوات معادية على حدودنا الغربية سواء كانت تحت العلم التركي أو ميليشيات إرهابية أمر مرفوض تماماً ويمثل خطراً على الأمن القومي».

واضاف «نحن لا نتمنى أن ندخل معارك حربية الآن لا مع إثيوبيا ولا مع تركيا، ولا مع أي أحد لكن إصرار الجانب التركي والقوى الإرهابية على كسر كل الخطوط الحمراء يمثل خطراً على مصر. لسنا مطلعين على الأمور العسكرية بالتفصيل والمؤكد أن بعضها سري لذا ففي الأمور العسكرية نحن مع جنودنا ومع القوات المسلحة».

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، إن السيسي وترامب «اتفقا على تثبيت وقف إطلاق النار في ليبيا، وعدم التصعيد، تمهيداً للبدء في تفعيل الحوار والحلول السياسية».

وأضاف راضي أن السيسي استعرض، خلال الاتصال مع ترامب، موقف مصر الاستراتيجي الثابت تجاه القضية الليبية، الهادف الى استعادة توازن أركان الدولة، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، ومنع المزيد من تدهور الأوضاع الأمنية، وذلك بتقويض التدخلات الأجنبية غير المشروعة في الشأن الليبي، التي لم تزد القضية سوي تعقيداً وتصعيداً، حتى باتت تداعيات الأزمة تؤثر على الأمن والاستقرار الإقليمي بأسره.

من جانبه، أبدى الرئيس الأميركي تفهمه للشواغل المتعلقة بالتداعيات السلبية للأزمة الليبية على المنطقة، مشيدا بالجهود المصرية الحثيثة تجاه القضية الليبية، والتي من شأنها أن تعزز من مسار العملية السياسية في ليبيا.

وذكر المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول كذلك تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالي لملف سد النهضة الإثيوبي، فضلا عن بعض الموضوعات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية الاستراتيجية بين البلدين.

أزمة النهضة

من ناحية أخرى، تتجه الأنظار إلى القمة الإفريقية المصغرة التي يشارك فيها زعماء دول مصر والسودان وإثيوبيا اليوم، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، باعتبارها الفرصة الأخيرة لإنقاذ المفاوضات المتعثرة حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.

ويترأس رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، القمة المصغرة التي تعقد عبر تقنية الفيديوكونفرانس، ويشارك فيها الرئيس السيسي، ورئيس وزراء السودان عبدالله حمدوك، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، إضافة إلى مراقبين من دول الاتحاد الإفريقي، في محاولة لتقييم المفاوضات التي أشرف عليها الاتحاد القاري بوجود مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي استمرت لنحو أسبوعين لكنها انتهت دون تحقيق أي تقدم يذكر.

وفشلت المباحثات السابقة في الشق الفني بسبب اتساع البون بين وجهات النظر المصرية والإثيوبية حول نقاط ملء السد وتشغيله خصوصا في سنوات الملء الأولى وسنوات الجفاف.

وبين طموح إثيوبيا في أن ينقلها السد الذي تكلف أربعة مليارات دولار، إلى مصاف الدول المنتجة للكهرباء بما يعزز خطط التنمية بطاقة إنتاجية 6450 ميغاوات، ومخاوف مصر الحقيقية من تراجع إمدادات نهر النيل بسبب السد، بما يخصم من حصة القاهرة التاريخية المقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، ويعزز من أزمة توفير المياه لأكثر من 100 مليون نسمة، تبدو حظوظ قمة اليوم في تحقيق انفراجة حقيقية محدودة.

مسارات متوقعة

مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت لـ «الجريدة» أن القاهرة جاهزة بسيناريوهات للتعاطي مع نتائج القمة الإفريقية، بداية من السيناريو الإيجابي المتمثل في طرح الاتحاد الإفريقي لمسار واضح للعودة للمفاوضات تمهيداً للتوصل إلى اتفاق في مدى زمني واضح وملزم، أو أن يعتمد الاتحاد آلية العودة للتفاوض دون تحديد مدى زمني مع تمسك مصر في هذه الحالة بإلزام إثيوبيا بعدم ملء خزان السد، بينما يتمثل السيناريو الثالث والأخير في فشل القمة في الخروج بأي نتائج لتكرس حالة اللا اتفاق ووقتها ستعود مصر إلى مجلس الأمن للمطالبة باستصدار القرار الأممي المجمد بخصوص هذه الأزمة.

من جهته، توقع وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام أن تكون مفاوضات اليوم صعبة، قائلاً لـ «الجريدة»: «سيكون هناك أكثر من طرح، وهو في رأيي ما سيقود إلى العودة لطاولة التفاوض مجدداً من خلال قواعد وشروط جديدة، وهذا هو أقصى ما قد يطرحه الاتحاد الإفريقي، لكن الأهم هو مدى التزام إثيوبيا بهذه الشروط حال التوصل إلى صياغة جديدة للمفاوضات».

بدوره قال، الخبير في شؤون المياه، الدكتور نادر نور الدين لـ«الجريدة»: «القمة الإفريقية ليس أمامها إلا هذه السيناريوهات الثلاثة لتمضي فيها قدماً، وخلال جولة المفاوضات لم تتقدم دولة جنوب إفريقيا بصفتها رئيس الاتحاد الإفريقي، بأي تحرك إيجابي أو تقديم مقترحات حقيقة، لذا سنرى ما الذي ستقدمه جنوب إفريقيا لإنقاذ المفاوضات من الفشل، وهل هناك نية حقيقية لتقديم مبادرة أو حلول وسط للعودة إلى المفاوضات على أسس جديدة وملزمة».

وتابع نور الدين: «في الحقيقة نجاح هذه القمة مرتبط بمدى رغبة جنوب إفريقيا في ممارسة وساطة حقيقية، من أجل فرض عودة للمسار التفاوضي في إطار زمني ملزم تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وإذا لم تجد مصر هذا الأداء من جنوب إفريقيا، فربما تطالب من الاتحاد الإفريقي بعد فشل المفاوضات برفع الأمر إلى مجلس الأمن عبر تقديم تقرير شامل عن أسباب فشل جولة المفاوضات».

شكري في رام الله

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقاء بينهما في رام الله أمس، رفض مصر أي قرارات أو خطوات أحادية بما فيها ضم إسرائيل لأراضي فلسطينية في الضفة الغربية.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن شكري بحث خلال زيارته إلى رام الله، الخطوات المتاحة «لكي يكون ممكناً الحديث عن استئناف جهود السلام».