أعلن مؤتمر وزراء الدفاع في حلف الناتو عن إطلاق "مبادرة حالة التأهب والاستعداد" في بروكسل في يونيو 2018، باعتبارها رداً على مشاكل الجاهزية في مختلف الجيوش الوطنية الأوروبية، وكان هذا الاتفاق جزءاً من حزمة مبادرات مدعومة من الولايات المتحدة وتهدف إلى تعزيز قدرة الناتو على التعامل مع الأزمات سريعاً عبر تحسين التحركات العسكرية في أنحاء أوروبا، وتفعيل عملية اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية في المنظمة، عكست هذه التغيرات اصطفافاً جديداً وضرورياً للاستعداد لأي صراع محتدم ضد روسيا.

لكن بعد سنتين على إطلاق تلك المبادرة، لم تتّضح درجة فاعليتها بعد، فرغم وعودها وإمكاناتها، يبدو أنها مجرّد تعبير عن إرادة سياسية معيّنة بدل أن تكون خطة تشغيلية لتجديد جهوزية الجيوش في الدول المنتسبة إلى الناتو.

Ad

لدعم "مبادرة حالة التأهب والاستعداد"، يجب أن يطرح حلف الناتو مبادرة تكتيكية خاصة بالقوات الميدانية الأوروبية التي تخدم هدف الحلف المرتبط بالجهوزية الاستراتيجية.

تستطيع المبادرة التكتيكية التي تخصّ القوات البرية في الناتو أن تعالج مشاكل الجهوزية والعمليات المشتركة عبر تحقيق هدفَين:

أولاً، يجب أن يضع الحلف نظاماً نموذجياً للتدريبات ولتقييم جميع الكتائب عبر إشراك البلدان المعنيّة في "مبادرة حالة التأهب والاستعداد"، ويتعين على الناتو أن يطلب منها التدرّب على معاييره وتطبيق إجراءاته خلال دورة التدريبات الوطنية، كذلك يجب أن تخضع جهوزية تلك الكتائب للتقييم بناءً على معايير التأهب القديمة في قيادة القوات البرية في الناتو.

ثانياً، يجب أن ينشر الحلف مختلف الكتائب في المقرات المتعددة الجنسيات التي تندرج في بنية قيادة الناتو قبل بدء الأزمات، وقد تكون الشعبات إدارية في معظمها قبل تنشيطها، لكنّ دمج تلك القوات في مرحلة مبكرة يعطيها الوقت الكافي لإقامة علاقات مهمة ومعالجة التحديات المطروحة على المستويات التقنية والإجرائية، وقد تتخذ هذه التحركات شكل خطط مشتركة أو حتى تدريبات جماعية، يستفيد عدد كبير من مراكز تدريب القوات البرية الوطنية التي تستعملها الدول الأعضاء في حلف الناتو من التطورات الحاصلة في التدريبات الافتراضية المباشرة.

وبعبارة أخرى تستطيع الكتائب المنتشرة في مناطق مختلفة جغرافياً أو داخل مقرات الناتو أن تتدرب معاً من دون الحاجة إلى تكبّد تكاليف جَمْعِها في منطقة تدريب مشتركة، وفي الوقت نفسه قد تشكّل هذه التنظيمات الجماعية "نقاط تواصل" روتينية تضمن أن تبقى الكتائب في حالة تأهب.

لكن على حلف الناتو أن يطرح تعريفاً واضحاً لمعنى جهوزية القوى المُدرَجة في تلك المبادرة ويتبنى هياكل تنظيمية تسمح لتلك الوحدات بوضع الخطط والتدرّب معاً بانتظام في زمن السلم لأن تطبيق هذه الخطوات خلال الأزمات سيكون متأخراً، بحيث يضمن الناتو بهذه الطريقة امتلاك قوة قابلة للتشغيل البيني وقادرة على إطلاق تحركات موحّدة بدل أن تصارع 30 كتيبة فردية للاندماج في بنية قيادة الناتو التي تتعرض للضغوط.

كذلك، يجب أن يفكر الحلف ببنود أخرى يمكن إضافتها إلى "مبادرة حالة التأهب والاستعداد" لمعالجة مشاكل الجهوزية التكتيكية في المجالات الجوية والبحرية، قد تبرز الحاجة أيضاً إلى مبادرات أخرى في مجالات الفضاء والإنترنت وعلى مستوى الوظائف القتالية الفردية، على غرار الاستخبارات، قد تكون مراكز التميّز المتعددة في حلف الناتو جزءاً من الموارد المهمة لتحديد تفاصيل هذه المبادرات التكتيكية المتخصصة قبل تعميم تلك المعايير على جميع الجيوش الوطنية.

ستكون تدريبات "ستادفاست ديفندر 2021" خلال الصيف المقبل لحظة مفصلية بالنسبة إلى مبادرة "حالة التأهب والاستعداد" كونها تشمل عشرات آلاف الجنود المنتشرين في مناطق تدريب مختلفة، وسيحصل الناتو بفضلها على فرصة اختبار جهوزيته الاستراتيجية بالشكل المناسب، لكن يجب أن يضمن الحلف أولاً أساساً صلباً للجهوزية التكتيكية.

يقول نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق، توم غوفوس، "إن الجاهزية الاستراتيجية في حلف الناتو تحتاج إلى عاملَين: أولاً، يجب أن يتولى قسم القيادة والتحكم في الناتو تحريك قطع الشطرنج على لوح اللعبة. ثانياً، لا بد من تحديد قطع الشطرنج الجاهزة للتحرك".

سمحت جهود الحلف الرامية إلى تحسين التحركات العسكرية بتحقيق الهدف الأول عموماً، لذا يجب أن يركّز الناتو راهناً على الهدف الثاني، بحيث يكون تبنّي خطة أخرى تدعم مبادرة "حالة التأهب والاستعداد" وتستهدف الجهوزية التكتيكية للقوات الوطنية مباشرةً أفضل طريقة لمنح الناتو جميع الموارد اللازمة كي يستعملها حين يحتاج إليها.

* جوش كامبيل

* «وور أون ذا روكس»