ربما تكون أشهر ثلاثة شعارات انتخابية رُفعت بتاريخ الكويت السياسي هي: الرومانسي "تفاءلوا الكويت مازالت جميلة"، والاستنكاري "الكويت ليست للبيع"، وآخرها الحقير "نبي ناكل وياكم". فأما الرومانسي فإن كان لم يُجدِ والبلد يفوح برائحة السمك النافق فإنه قطعاً لن ينفع الآن والبلد يغرق بالرغوة والفقاقيع من مختلف الأشكال والأحجام والمناصب، ناهيكم أن صاحبه المبجّل قد انتقل مبكراً إلى رحمة الرفيق الأعلى، وتركنا حائرين دون أن يخبرنا عن الحل في حال عدم جدوى التفاؤل في تغيير الطباع والأوضاع؛ فمعالي السيد الحرامي المتنفع ما زال متشائماً من المستقبل، ومستمراً في أعماله الروتينية ليؤمن حياته وحياة سلالته القادمة، والمواطن المسروق متفائل بإمكانية إلقاء القبض عليه ووقف عمليات النهب والاستحواذ، فأصبح التفاؤل في غير أهله ومحله أكثر ضرراً من التشاؤم المنضبط.

وأما قصة أن "الكويت ليست للبيع" فأثبتت الأيام أن نية البيع غير موجودة أصلاً، وبالتالي لم تكن هناك حاجة لرفع مثل هذا الشعار التهويلي غير المدروس، فطالما أن المشروع مربح وبإمكاننا تأجيرها وحلبها واستغلال كل ذرة رمل وثقب معاملة لزيادة الدخل الشخصي؛ فلا داعي للبيع، كما أن البيع لا يعني بالضرورة التفريط بالشيء أو التقليل من قيمته، أو أنه يدل على سوء نية البائع، لا سمح الله، فقد يكون المشتري أفضل حساً وخلقاً وأكثر قدرة من البائع على تقييم المبيع وتقديره وإعطائه حقه واحترامه والمحافظة عليه والنهوض به.

Ad

لم يتبقَّ إلا الشعار الشعبوي الوقح الأخير، الذي استطاع الصمود في وجه التحديات والرسوخ في عقول وقلوب كثير من الناس والمسؤولين، مما انعكس سلباً على تصرفاتهم الأخلاقية، وإيجاباً على خططهم الادخارية وأرصدتهم الخارجية، على حساب بقية الشعارات الوطنية والمثالية والإنشائية، والانتخابات على الأبواب؛ ترامب في أميركا وجماعتنا في الكويت والأوراق في الصندوق، فإذا لم يثبت النواب الحاليون وقبلهم حكومة صباح الخالد والجهات الرسمية والقضائية المختلفة جديتهم في معالجة جرائم غسل الأموال، فأقترح على من ينوي الترشح في الانتخابات القادمة تطوير الشعار بما يناسب المرحلة ليكون: "نبي نغسل وياكم"، وفاله المجلس من "أوسخ" أبوابه.