استمر تحشيد القوات حول مدينة سرت الليبية الساحلية الاستراتيجية، التي تقع في الوسط بين مدينة طرابلس، عاصمة البلاد، ومقر حكومة «الوفاق» المدعومة، خصوصاً من تركيا، والتي تعد أكبر تجمع حضري في الغرب الليبي، ومدينة بنغازي أكبر مدن الشرق، والتي تعتبر معقلاً لقوات المشير خليفة حفتر والبرلمان المعترف به دولياً.

ورفض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، الدعوات إلى وقف لإطلاق النار، معتبراً أن حكومة «الوفاق» لن تستفيد في حال إعلان وقف إطلاق النار الآن على امتداد خطوط القتال الحالية.

Ad

وقال جاويش أوغلو إنه لابد للحكومة، التي يرأسها فايز السراج، من السيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية، قبل أن توافق على وقف لإطلاق النار.

وأشار إلى أن روسيا قدمت خطة لوقف إطلاق النار في ليبيا وحددت أوقاتا لذلك. وكانت القاهرة اعلنت عن مبادرة لوقف اطلاق النار لم تلق اي استجابة في طرابلس.

ودعا الوزير التركي قوات «الجيش الوطني الليبي»، بزعامة حفتر، إلى الانسحاب من المدينتين من دون معركة، ملوحاً بدعم تركي للهجوم الذي ستشنه «الوفاق» على الموقعين. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اعتبر أن الخط الممتد من سرت على الساحل شمالاً، وصولاً الى الجفرة جنوباً، هو خط أحمر وأن القاهرة لن تسمح بتجاوز هذا الخط.

ويرى مراقبون أن احتمالات وقوع مواجهة مصرية- تركية تتزايد. وحذر جاويش أوغلو نفسه من هذا الاحتمال، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أمس الأول، قائلا إن تصعيد التوتر قد يؤدي إلى نشوب صراع مباشر بين القوات الأجنبية الداعمة لمختلف الأطراف في لبيبا.

وفي موسكو، كتب إيليا بولونسكي، في «فوينيه أوبزرينيه» أن احتمالات مواجهة مسلحة بين تركيا ومصر تتزايد مع إصرار تركيا على السيطرة على سرت والجفرة، خصوصاً بعد هجوم لطائرات مجهولة على قاعدة الوطية الجوية، التي تستخدمها أنقرة لتدريب قوات «الوفاق»، وأدت إلى تدمير منظومة صاروخية تركية مضادة للطائرات.

وأعلنت تركيا قبل أيام أنها ستنظم مناورات بحرية وجوية واسعة قبالة السواحل الليبية، دون ان تحدد موعداً لها. وبعد ساعات بدأ الجيش المصري مناورات «حسم 2020» التي بدأت كتدريبات برية، ثم توسعت لتشمل استخدام حاملة طائرات وغواصات.

«جيش الوفاق»

وكانت القوات الموالية لـ«الوفاق» أعلنت، أمس الأول، بعد اجتماع عُقد السبت في طرابلس بين السراج وقادة عسكريين، أنها ستعزز منظومتها الدفاعية استعدادا لمعركة محتملة في سرت، وستشكل قوة مشتركة لتأمين «المنطقة الغربية» التي انسحبت منها قوات حفتر.

وبحث الاجتماع «تنظيم المؤسسة العسكرية، وآليات تنفيذ برنامج دمج واستيعاب التشكيلات العسكرية المساندة، وبرامج تطوير القدرات العسكرية الدفاعية لقوات الوفاق، في إطار برامج الشراكة مع عدد من الدول الصديقة».

النفط

الى ذلك، اتهمت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، الموالية لحكومة طرابلس، قوات حفتر بتلقي اوامر خارجية لوقف صادرات النفط الليبي، بعدما استؤنفت يوم الجمعة الماضي بتحميل ناقلة نفطية من ميناء السدرة، معلنة إعادة فرض القوة القاهرة على كل صادرات النفط.

وقال «الجيش الوطني الليبي» إنه سيواصل وقف إنتاج وتصدير النفط لحين تنفيذ مجموعة مطالب، من بينها تحويل عائدات النفط إلى حساب مصرفي جديد خارج ليبيا لتوزيعها بعدالة على الأقاليم.

وأمس الأول، قالت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا إن العودة لوقف الإنتاج والتصدير جاءت بعد «أيام من النشاط الدبلوماسي المكثف»، بهدف السماح للمؤسسة الوطنية للنفط باستئناف عملها. وقالت إنها «تأسف لأن الجهود المدعومة من الخارج» أعاقت المهمة.

وفيما بدا أنه رد على بيان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن بلاده تريد «عودة إنتاج النفط في ليبيا في أقرب وقت ممكن، وتؤكد أهمية وجود ضمانات لمنع العائدات النفطية من إطالة وتأجيج الصراع».

القاهرة

وفي القاهرة، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، اللواء كمال عامر، أمس إن بلاده جاهزة وقادرة على حماية أمنها ومواجهة أي تهديد يؤثر على أمنها القومي.

وأضاف عامر، في تصريحات للمحررين البرلمانيين، أن المناورة «حسم 2020»، التي نفذتها القوات المسلحة المصرية بالقرب من الحدود الليبية، حملت عدة رسائل مهمة للأطراف كافة، في مقدمتها أن مصر وقواتها المسلحة قادرة على حماية أمنها القومي بإمكانيات جيشها القادر على مواجهة جميع التحديات المختلفة، لكنه جيش رشيد لا يبادر بالعدوان. وأشار رئيس «لجنة الدفاع» إلى أن الرسالة الثانية المهمة من المناورة العسكرية، هي أن الأمن القومي الليبي جزء من الأمن القومي المصري، في ظل العلاقات الممتدة بين البلدين، وعلاقات المصاهرة والدم التي تربط الشعبين.

وشدد على أن الرسالة الثالثة من المناورة كانت للعالم أجمع بأن مصر قادرة، بفضل الله وقوة قواتها المسلحة وقيادتها السياسية، على مواجهة أي تهديدات قد تؤثر على أمنها القومي بقواها الشاملة، وأنها تستطيع أن تواجه جميع الأمور بحكمة وروية، «وبالقوة إذا تطلب الأمر ذلك».

الجزائر

وفي حوار مطول مع صحيفة «لوبينيون» الفرنسية، قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إن ليبيا بحاجة إلى خريطة طريق جديدة لإنهاء الصراع الدائر هناك، مشيرا إلى أن بلاده مستعدة لاستضافة محادثات لحل الأزمة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة. وأضاف تبون ان الحل يجب أن «يفضي لانتخابات تحت إشراف أممي وتشكيل حكومة انتقالية يجري توافق وطني بشأنها».

وبدأ وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أمس، زيارة عمل إلى تونس. وقال بوقادوم، لدى وصوله الى العاصمة التونسية، إن «إنقاذ ليبيا واجب وندعو لرفض التدخلات الخارجية».

وأكد وزيرا خارجية تونس والجزائر، أمس، ضرورة التوصل لحل سلمي في ليبيا قائم على توافق بين الليبيين وعلى التصدي للتدخلات الخارجية.

وبعد اللقاء بين بوقدوم ونظيره التونسي نورالدين الري أن «الطرفين أكدا تطابق وجهات النظر في العديد من القضايا، وفي مقدمتها الوضع في ليبيا».

وقال الري: «للبلدين موقف محايد قائم على الشرعية الدولية والحل السلمي والتوافق بين الليبيين فقط، وقائم على التصدي لكل التدخلات الخارجية»، مؤكداً أنه «ليس لتونس والجزائر أي أجندة في ليبيا».

من جانبه، قال بوقدوم: «لن يهنأ الجزائريون ولا التونسيون إلا بعودة السلم إلى ليبيا ودون وجود أي تدخّل خارجي». وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس في اتصال هاتفي، العلاقات الثنائية والأزمتين السورية والليبية. ودعا الجانبان الى «العودة لعملية المفاوضات في ليبيا بناءً على قرارات مؤتمر برلين الدولي التي وافق عليها قرار مجلس الأمن الدولي 2510».