قيل «لا يصنع الرجل الحياة، بينما الحياة تصنع منه رجلا»، وأنا أقول إن سنة 2020 صنعت منا جميعا رجالا بواسل أمام «كورونا» الملعون! فمنذ بدايتها ونحن أمام تحديات لم نحسبها وأمور كثيرة كانت تُؤرقنا ونستعيذ بالله منها، وما خال لنا يوما أن نشهدها أو أن تصير أمام أعيننا. فـمنا من كان حُلم حياته مشروعا يبنيه بـسواعد طموحه وعرق اجتهاده، وآخر اضطرته الحاجة للاغتراب لينال رزقا حلالا يكسو به بيته وأهله، وأخرى باعت كل ما تملك لتفتح محلا صغيرا تسترزقُ منه ما يغنيها، وآخرون جاؤوا بشق الأنفس ليحظوا بوظيفة تليق بـشهاداتهم وخبراتهم، وعمال كثر وقصص وحكايا أكثر وأكثر. ثم حطّتْ سحابة كورونا المُثقلة بالسواد بغتة، لتهطل على رؤوس كل طَموح مثابر وصاحب عمل، وتنزع منه شقاء العمر والسنين! جاءت بإعصارها الجائر لتجرف معها أحلاما وآمالا شدادا، خسر وأفلس الكثير، وبكت عيون العاكفين الذين كانت وظائفهم عمادا لهم وغذاء لأرواحهم، تشتتت أسر من الحاجة، وأخرى هدتها قلة الحيلة والصبر، جفّ الدمع وثقُلت الروح بما تحمل، وطال الفرج وتمادى «كورونا» وضَعُفَ الجلد والصبر. لك أنت أكتب، ولصدرك الممتلئ بكل ما لا تطيق بوحه، بوخز قلبك الذي ينخرك ليلا دون أن يشعر بك أحد، بآهاتك وبكائك المنهمر، بنجواك وابتهالك المستمر، أعرفُ جيدا ما تمر به، وأعرفُ أن أصعب ما قد يمر به المرء هو أن يخسر لقمة عيشه أو أن يتهدد استقراره، لن أطبطب عليك وأسألك الصبر لأنني على يقين أن كل سبل التصبر نفدت! لكنني أريدك أن تهدأ أولا، ثم أن تؤمن بأن الله ما ابتلاك إلا ليكرمك.

أرجوك تمعن في المصيبة من زاوية تختلف عن تلك التي تظنُ أنها المخرج، لا تصُبّ تركيزك على الحريق فقط، لأنه لابد وأن يكون هنالك باب يُنجيك دون أن تعلم! تلك المحن ما وُضعت إلا لحكمة نجهلها، لكننا سرعان ما نحمد الله عليها لاحقا، لا تدري، لعل الله أراد لك فرصة أفضل! علها رسالة لك لتحسب حساب الظروف الطارئة مستقبلا.

Ad

أعرف أن «الحكي سهل» أمام تلك الغصة التي تزعجك، لكنني هنا لأخبرك أن خسارتك ما كانت فشلا أو عيبا فيك أبدا، إنما هي عارض طارئ لا تملك حله، تأكد يا جَسور أنك على موعد مع شيء جميل، فلا ورد دون مطر، ولا فجر دون ليل حالك! فاستعن بالله وخذ من صفعات القدر ما يقومك ويطورك، وكن على يقين أنك أقدر على همك مما تظن، وليس ما هو آتٍ أصعب عليك مما قد فات، وكما يقول غسان كنفاني: «لك شيء في هذا العالم فـقُـمْ!».