وسط ترقب إقليمي ودولي للخطوة الإسرائيلية التي تتضمنها خطة السلام الأميركية، المعروفة بـ«صفقة القرن»، تظاهر آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية ضد مخطط الضم الإسرائيلي لأجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية، مؤكدين رفضهم الخطة التي حالت الخلافات والانقسامات بشأنها داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم دون دخولها حيز التنفيذ وإعلان استراتيجيتها أمس.

وكان لافتا مشاركة قادة الفصائل، خاصة «حماس» و»فتح» في الاحتجاجات، بهدف توحيد صفوفها بمواجهة المخطط الإسرائيلي.

Ad

وشارك في المظاهرة قادة الفصائل، ومن بينهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، وأمين سر «فتح» في غزة أحمد حلس.

وهددت قيادات في «حماس» بـ»فتح بركان على الكيان الصهيوني»، وحملت إسرائيل كل التداعيات للخطوة التي وصفتها بـ«الجريمة الحمقاء».

ودعت «حماس» السلطة الفلسطينية إلى «سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، وصولا إلى إنهاء التنسيق الأمني بشكل عملي بل والمواجهة الشاملة مع الاحتلال».

واعتبرت فصائل القطاع، في بيان تلي بالتظاهرة، أن قرار الضم «تهديد وجودي ويفسح المجال أمام انفجار شامل وانتفاضة جديدة».

تظاهرة مشتركة

في موازاة ذلك، تظاهر فلسطينيون وإسرائيليون، للتنديد بخطة «الضم»، على مدخل مدينة أريحا، شرقي الضفة، وشارك في «التظاهرة» قيادات فلسطينية، وأعضاء كنيست ووزراء إسرائيليون سابقون.

وقال أمين سر «فتح» جبريل الرجوب إن التظاهرة تأتي «رفضا لمشروع الضم الإسرائيلي، وبمشاركة شخصيات إسرائيلية تؤمن بالسلام»، مضيفا: «نتنياهو في مأزق، ويجب أن نُعمّق هذا المأزق، من خلال التواصل مع معسكر السلام في إسرائيل».

وتابع الرجوب: «علينا كفلسطينيين الانفتاح على معسكر السلام في إسرائيل، الذي يؤمن بخيار حل الدولتين، والتمسك بالمفاوضات على أساس القرارات الدولية، وتفعيل المقاومة الشعبية السلمية».

واحتلت إسرائيل في عام 1967 الضفة الغربية التي يعيش فيها الآن نحو 450 ألف مستوطن في مستوطنات بنيت على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم حوالي 2.8 مليون نسمة.

ارتباك إسرائيلي

على الجانب الآخر، سادت حالة من الارتباك أروقة الحكومة الإسرائيلية، التي كان من المفترض أن تعلن استراتيجية وخريطة المناطق التي سيطالها قرار الضم، وفق الاتفاق الذي أبرم بين رئيس الوزراء زعيم حزب «ليكود» بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع بيني غانتس زعيم تحالف «أزرق أبيض».

وصباح أمس، استبعد وزير الخارجية الإسرائيلي جابي أشكنازي صدور إعلان بشأن مقترح الضم، حسبما كان مقررا. وفي إشارة إلى وجود خلافات داخل الائتلاف بخصوص توقيت أي خطوة أحادية للضم، قال أشكنازي إن هذه الأسئلة يجب أن توجه لنتنياهو.

ويفضل تحالف غانتس التعامل مع أزمة البطالة ومواجهة تفشي وباء «كورونا» على التسرع بخطوة الضم، التي يمكن أن تفجر مواجهة أمنية ساخنة مع الفلسطينيين، وتتسبب في تعقيدات دبلوماسية مع رفض عدة قوى إقليمية ودولية لها.

ولاحقاً، أكد وزير التعاون أوفير أكونيس أن نتنياهو يعتزم المضي قدما بالضم خلال يوليو الجاري، لكن ليس قبل أن يوقع ترامب على الخطة.

وهاجم أعضاء "كنيست" من اليمين المتطرف، نتنياهو؛ لعدم تنفيده خطة الضم في موعدها.

وقال رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" القومي العلماني أفيغدور ليبرمان: "طوال 14 شهرا ونتنياهو يصرخ ويتحدث عن تطبيق السيادة. وما اتضح هو أن هذه الخطوة برمتها هي مجرد حملة لعلاقات عامة وسرقة انتخابية، إنها حركة فاشلة".

لا تفاهم

في غضون ذلك، أكدت تقارير إسرائيلية أن الوفد الأميركي الذي أرسلته واشنطن لإجراء المزيد من المناقشات حول الضم غادر تل أبيب اليوم دون التوصل إلى اتفاق مع نتنياهو.

وأفادت التقارير بأن الوفد الأميركي لم يقرر بعد طبيعة الخطة المطلوبة لإدراكه بوجود فجوات كبيرة بين نتنياهو وقادة «أزرق أبيض»، وأنه لا يمكن التوصل إلى تفاهمات داخل الحكومة الإسرائيلية حالياً.

وأشارت إلى أن وزراء الحكومة الإسرائيلية لديهم انطباع بأن نتنياهو تراجع عن قراره ضم 30 في المئة من أرض الضفة الغربية المحتلة، وأنه يواصل دراسة ضم المستوطنات اليهودية في عمق الضفة، ويطالب الأميركيون مقابل المناطق التي ستضمها إسرائيل أن تعوض الفلسطينيين في مناطق أخرى.

واضافت أنه رغم الخلاف بين غانتس ونتنياهو فإن الأخير لا تزال له فرصة لطرح موضوع الضم على الحكومة من أجل حسمه دون موافقة «أزرق أبيض»، لكنه سيخاطر بتفكك الائتلاف الحاكم وانهيار الحكومة والدخول في انتخابات جديدة، في ظل ارتفاع نسبة البطالة جراء الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي وباء «كوفيد 19».

وفي وقت سابق، كشفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية، ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، خرائط الضم الإسرائيلية الأولية في الضفة الغربية، وذكرت أنها تشمل تعديلات على خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بما في ذلك تبادل أراضٍ.

وتتركز التعديلات الأساسية في البؤر الاستيطانية في قلب الضفة، عبر توسعة المناطق المحيطة بها، وضم أكثر من 20 بؤرة لم ترد في «صفقة القرن» مقابل تعويضها بمناطق صحراوية في برية الخليل غرب البحر الميت.

اعتراض نسائي

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، طالب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إسرائيل بالتراجع عن نيتها ضم أجزاء من الضفة الغربية، محذرا من أن لندن لن تعترف بأي تغييرات على حدود 1967.

ودعت 40 سيدة سياسية من أنحاء العالم في نداء عاجل إلى معارضة الخطة الإسرائيلية للضم، واعتبرن أنها تدمر جهود السلام و»يجب ألا تمرّ من دون ردّ».

ومن بين الموقّعات الرئيسة السويسرية السابقة ميشلين كالمي ري ورئيسة فنلندا السابقة تارجا هالونين ورئيسة قيرغيزستان السابقة روزا أوتانباييفا ومفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سابقاً ماري روبنسون ووزيرة العدل الفرنسية السابقة كريستيان توبيرا والمحامية الإيرانية الحائزة جائزة نوبل للسلام شيرين عبادي والوزيرة السابقة في جنوب إفريقيا باربرا هوغان. (عواصم- وكالات)