قبل يوم من حلول الموعد الذي حدده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للشروع في ضم أجزاء واسعة من أراض فلسطينية بالضفة الغربية ومنطقة غور الأردن الاستراتيجية المحتلة، رجح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس لمسؤولين أميركيين إمكانية تأجيل موعد بدء تطبيق إجراءات الضم، التي تتضمنها خطة السلام الأميركية المعروفة بـ»صفقة القرن».

وأفادت تقارير عبرية عدة بأن غانتس، وهو زعيم تحالف «أزرق - أبيض»، قال أثناء اجتماع عقده أمس مع المبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام، آفي بيركوفيتش، وعضو لجنة ترسيم الخرائط الإسرائيلية - الأميركية سكوت لييث، وسفير واشنطن لدى إسرائيل، دافيد فريدمان، إن «الأول من يوليو المقبل ليس موعدا مقدسا للضم».

Ad

ونقلت المصادر عن غانتس، وهو أيضا رئيس الوزراء بالنيابة، قوله لبيركوفيتش: «الشيء المقدس الوحيد الآن هو إعادة الناس إلى سوق العمل، والتعامل مع فيروس كورونا. وقبل اتخاذ أي خطوات سياسية نحتاج إلى مساعدة الجمهور في العودة إلى كسب المعيشة بكرامة».

وذكر غانتس للوفد الأميركي أن «خطة السلام التي نشرتها إدارة الرئيس دونالد ترامب في يناير الماضي تمثل أفضل إطار عمل تاريخي لدفع عملية السلام بالشرق الأوسط قدما»، مؤكدا ضرورة المضي قدما في تطبيقها بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين بالمنطقة، وبينهم السلطة الفلسطينية، ووضع خطة «ستصب في مصلحة جميع الأطراف بشكل متساو ومسؤول ومتبادل».

نتنياهو والسلام

وليل الأحد - الاثنين، ادعى نتنياهو أن تنفيذ الضم «لن يعوق السلام، وإنما سيدعمه» رغم معارضة السلطة الفلسطينية للخطوة التي تخالف القانون الدولي.

ونقل عن رئيس الوزراء، في خطاب وجهه إلى «جمعية مسيحيين موحدين من أجل إسرائيل»، ان خطة ترامب للسلام «وضعت حدا لأوهام خيار حل الدولتين، وبدلا من ذلك تدعو إلى إيجاد حل واقعي لدولتين، فيه لإسرائيل وحدها المسؤولية الكاملة عن أمنها».

وقال نتنياهو إنه يدعو الفلسطينيين إلى التفاوض على أساس «صفقة القرن»، مضيفا: «أشجع الفلسطينيين على عدم إضاعة فرصة أخرى، يجب أن يكونوا مستعدين للتفاوض على تسوية تاريخية يمكن أن تحقق السلام للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء»، ومن المتوقع أن تبحث الحكومة الإسرائيلية غداً الخطوة التي يهدد الخلاف حولها، بين نتنياهو وغانتس، مستقبل الائتلاف الحاكم.

واتهمت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية نتنياهو بممارسة تضليل الرأي العام الدولي بإعلانه الاستعداد لمفاوضات سلام، رافضة دعوته إلى «حل وسط تاريخي».

واعتبرت أن نتنياهو «يحاول تسويق صفقة القرن على أنها رؤية متوازنة لتحقيق السلام متجاهلاً حقيقة أنها وصفة إسرائيلية ـ أميركية لتعميق الاحتلال وتقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة متواصلة جغرافيا وقابلة للحياة».

وأضافت أن «الشعب الفلسطيني لن يقبل بأن تكون حقوقه منقوصة عمّا أقرته الشرعية الدولية، وإذا اعتقد نتنياهو وعصابته بأنهم سيجدون من يجلس معهم من أبناء الشعب الفلسطيني دون تحقيق الثوابت وإلغاء قرارات الضم فهو واهم».

خلافات أميركية

في موازاة ذلك، كشفت تقارير إسرائيلية عن خلافات بين كبير مستشاري ترامب، جاريد كوشنر، والسفير الأميركي في إسرائيل، حول تطبيق خطة الضم، لافتة إلى أن الخلاف سيؤدي إلى تأجيل الخطة لأسابيع أو أشهر قادمة.

وذكرت قناة 20 الإسرائيلية، نقلا عن مسؤولين، أن فريدمان يدفع نتنياهو بجنون نحو تطبيق خطته في موعدها المقرر، في حين يخشى كوشنر من أن ينال الفلسطينيون اعترافا بدولتهم من قبل «الاتحاد الأوروبي» للرد على الخطوة.

وكانت مصادر أميركية وإسرائيلية، أفادت بأن كوشنير طلب من نتنياهو التعامل مع «صفقة القرن» كحزمة كاملة، وعدم اختيار ما يناسبه منها فقط، في إشارة إلى أن الخطة سمحت لإسرائيل بالضم، لكنها أقرت بدولة فلسطينية على 70 في المئة من الضفة الغربية، وهو ما يرفضه اليمين الإسرائيلي، ومن المقرر أن تعلن الولايات المتحدة موقفها خلال الأيام القليلة المقبلة من خطة الضم بصيغتها الحالية.

في غضون ذلك، أفادت مصادر أميركية متعددة بأن الضم الإسرائيلي لن يبدأ في أول يوليو. ونقل عن المصادر قولها إن «إسرائيل لن تتخذ خطوات لتوسيع سيادتها بالضفة الغربية هذا الأسبوع»، مضيفة أن نتنياهو يدرس إصدار تصريح حول مسألة الضم غدا.

والخميس الماضي، ذكر «البيت الأبيض» الأميركي أن «مشاورات داخلية أجريت، وانتهت دون التوصل إلى قرار نهائي، بشأن الضم»، وأعلن ارسال بيركوفيتش لبحث المسألة مع الإسرائيليين.

وتقضي «صفقة القرن» بفرض سيادة إسرائيل على نحو 30 في المئة من الضفة الغربية المحتلة، بينها غور الأردن و132 مستوطنة، مقابل الموافقة على قيام «دولة فلسطينية» منزوعة السلاح.

وتعتبر خطة ترامب، القدس الشرقية، التي تضم المسجد الأقصى، عاصمة لإسرائيل، وترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين مع بقاء المعابر الدولية والأمن تحت سيطرة إسرائيل.

رفض وتعبئة

في المقابل، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية إن القيادة الفلسطينية «ترفض كل أشكال ضم الأراضي الفلسطينية».

وأضاف اشتية، خلال كلمة في مستهل اجتماع الحكومة الفلسطينية الأسبوعي برام الله، أمس، «نرفض الضم، سواء كان صغيرا أو كبيرا، أيا كان شكله هو يقع ضمن سلسلة عمليات القضم التدريجي للأراضي الفلسطينية».

في موازاة ذلك، اطلقت الفصائل الفلسطينية تحركات من أجل تعبئة الشارع في الضفة الغربية وغزة للخروج في احتجاجات للتعبير عن رفض مخطط الضم.

وأعلنت القيادة الفلسطينية الشهر الماضي انها في حل من الاتفاقيات مع إسرائيل بسبب قرار الضم.

وفي الأردن، دعت «الحركة الإسلامية» إلى أن يكون يوم الجمعة المقبل «يوم غضب» على صعيد الأمة العربية والإسلامية؛ لمواجهة «الضم الإسرائيلي».

دعوة وإثقال

على صعيد ردود الأفعال الدولية، دعت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه إسرائيل إلى وقف خططها «غير القانونية» لضم الأراضي المحتلة، محذرة من أن الخطوة يمكن أن تفجر اشتباكات دامية.

وقالت باشليه، في بيان، «الضم غير قانوني. بكل تأكيد. أشعر بقلق بالغ من أنه حتى أقل شكل من أشكال الضم سيؤدي إلى زيادة العنف وخسائر في الأرواح».

وذكرت السفيرة الألمانية في إسرائيل، سوزانه فاسوم راينر، أن «ضم إسرائيل مناطق فلسطينية محتلة سيثقل كاهل علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي»، مؤكدة أن «الاتحاد لن يعترف بتعديلات الحدود».