قال عضو اتحاد الناشرين العرب سعود المنصور إن صناعة النشر تواجه تحديات صعبة خلال أزمة فيروس كورونا، في ظل تعطيل كل الفعاليات الثقافية بسوق الكتاب.

وأضاف المنصور أن "العالم كله توقف حتى الأنشطة الاجتماعية، وكلنا نتابع فقط الأخبار الصحية وتعليمات وزارة الصحة"، مؤكداً أن "قطاع النشر الآن في أصعب مراحله، بعد ايقاف المعارض الدولية وإغلاق المكتبات فترة طويلة، وإيقاف الشحن الخارجي، إلى جانب صعوبة الشحن والتحرك داخل الكويت، حيث يوجد مناطق معزولة وحظر كلي أو جزئي، وكلها تحديات صعبة أمام صناعة النشر".

Ad

وأشار المنصور، وهو من شركة "ذات السلاسل"، إلى الأضرار التي أحدثها الوضع الصحي المتأزم، فهناك إصدارات حديثة لم توزع داخل الكويت وخارجها، "وخلال هذه المرحلة تعاملنا بنظام (مجموعة إدارة أزمة) اشترك فيها قيادات الشركة والخبرات في النشر والتوزيع والإدارة للحفاظ على سلامة الموظفين".

وتابع: "كان ذلك فرصة جيدة لمراجعة مشاريع النشر في الدار والاهتمام بمشاريع الكتب الطويلة المدى. وفي التوزيع دعمنا فريق التوزيع قدر المستطاع في التوصيل للبيوت داخل الكويت، وتكاتفنا جميعا لتنفيذ تعليمات وزارة الصحة وقرارات مجلس الوزراء"، آملاً للجميع السلامة، وعودة الحياة إلى طبيعتها لتتغير الأحوال، مع ضرورة وجود دعم حكومي لصناعة النشر.

وعن استمرار "ذات السلاسل" في خضم هذه الأزمة الخانقة، أكد أنها شركة عريقة بدأت من 1972 ومرت عليها أزمات من كل نوع، ومنها أزمات وكوارث عالمية ومحلية كثيرة، ورغم ذلك استمرت، لافتاً إلى أن "ذات السلاسل" لها جمهورها من جميع شرائح المجتمع، "وتتعامل مع مجموعة من المترجمين والباحثين والفنانين والمبدعين، ولها وكالات كبيرة، وأتوقع أن بدعم كل هؤلاء ستستمر الشركة في السوق بشكل مهني".

وعن تأثير إغلاق بعض دور النشر في دول أخرى، قال المنصور: "نسمع أخباراً من هنا وهناك... ونتوقع ظروفاً صعبة قادمة على صناعة النشر أكثر من ذلك، وندرس كل هذه التغيرات، وسبب فشل هذه التجارب بالتأكيد مع قيادات إدارة النشر والتوزيع في الشركة"، لافتاً إلى استمرار المناقشات على مستوى أعضاء مجلس إدارة اتحاد الناشرين العرب "التي نشارك فيها، ونتبادل الرأي والدراسات".

وبشأن المقترحات التي ستساهم في استمرار دور النشر وتجنبها خطر الإغلاق، أشار إلى أن صناعة النشر هي أداة تطوير المعرفة والفكر والوعي، فهي أمر وطني وواجب من ناحية، ومن ناحية أخرى هي مهنة تضم الطباعة والنشر والتوزيع وتضم فنانين ومبدعين وكتاب، مستشهداً ببعض الدول التي قدمت الدعم لقطاع النشر، "إذ تابعنا تجارب حكومات في منطقتنا بدأت دعم صناعة النشر، لذلك أتمنى أن تساهم حكومة الكويت في دعم الناشر الكويتي عبر تخصيص مبالغ لشراء الكتب لمكتبات الجامعات والمدارس والوزارات، ودعمه بكل الوسائل".

وأكد أن الأضرار بالغة ولن يتم تجاوز الأزمة بسهولة، داعياً إلى تخصيص مبلغ بهدف إنقاذ صناعة النشر ضمن حزمة الدعم الاقتصادي، لافتاً إلى أن "هذا الدعم هو دعم لعقول أبنائنا وثقافتنا ومستقبلنا وللتطور الفكري والعلمي".

البيع «أونلاين»

من جانبه، شرح المدير العام لدار الفراشة، فهد الهندال طريقة تعامله مع أزمة سوق الكتاب، لافتا الى انه تم الاتجاه نحو البيع "أونلاين"، والاعتماد على خدمة التوصيل، مع تقديم عروض جاذبة للجمهور وإعادة التعريف بالكتب عبر "ريفيو" قصير إلى جانب معلومات عن الكاتب.

وحول تأجيل معارض الكتب العربية، وتأثير ذلك على استمرار دور النشر، قال الهندال: "مستمرون في عمل الدار، وحاليا نستقبل الأعمال وبصدد وضع خطة النشر لهذا العام، مع تأجيل الأعمال ذات الكلفة الأعلى للعام القادم، والانفتاح على معارض الكتب الافتراضية التي بدأت تأخذ حضوراً تجارياً مهماً".

وعن شبح الإغلاق الذي بدأ يتردد كثيرا في ظل هذه الظروف، أكد أن "هناك مخاوف لا شك، ولكننا نراقب الوضع العام، فالاقتصاد والصناعة في اختبار قوي مع الوقت المطلوب للتعافي والعودة لمستواهما المستقر".

وعن الأفكار التي تعود بالنفع على سوق الكتاب، أعرب عن أمله أن "يكون هناك توجه مشترك لتفعيل المعارض الافتراضية ومنصات البيع أونلاين، والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن الشحن والتوصيل لتقديم عروض وخدمات بأسعار في متناول اليد".

الخيار الإلكتروني

وفي هذا السياق، قال الناشر خالد النصرالله، من دار "نوفا بلس"، إن قطاع النشر في كل العالم غير مستعد حتى اللحظة للاعتماد على الخيار الإلكتروني الخالص والمتجرد تماماً من الورق، رغم وجود منافذ أخرى مثل التطبيقات، و"كيندل" وغيرها، لكن القارئ مازال متعلقاً بالشكل التقليدي للكتاب".

وأكد النصر الله أن "تلك المرحلة قادمة لا محالة، لكنها تسير ببطء، لذا اعتمدنا فقط على منافذ التوصيل داخل الكويت وخارجها، ونحن نراقب الوضع، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن استكمال خطتنا للموسم المقبل".

وحول استمرار دور النشر في ظل هذه الظروف، قال: "سنستمر، لأن لدينا مشروعنا الخاص، نحن نخسر لكننا نحاول تقليل الخسائر قدر المستطاع".

وفيما يتعلق بمخاوف الإغلاق التي بدأت تلوح في الأفق عقب إغلاق بعض دور النشر في دول أخرى، ذكر أن "هناك مبالغات أو سوء إدارة، مضى علينا أربعة أشهر تقريباً منذ آخر معرض شاركنا به في مسقط، أي مشروع ليس باستطاعته الصمود هذه المدة! لا مخاوف ولكن علينا العمل على تحقيق البديل".

وأوضح أنه كان يعمل على تأمين فكرة تعود بالفائدة على الناشر والقارئ معاً، للخروج من الأزمة الراهنة، مضيفاً:" كنت منذ مدة أفكر في النشر من خلال تطبيق خاص، أسرع في الانتشار وأوفر على القارئ، وهذا خيار للطرفين خصوصاً في الدول التي يتأخر وصول الكتب إليها أو في ظروف مثل الظروف الحالية".

بين الاهتمام والإهمال

من جهته، قال الشريك والمؤسس لـ "بلاتينيوم بوك" للنشر، أحمد الحيدر: "تعاملنا مع هذه الظروف من باب القبول بالأمر الواقع، فالضرر لم يكن مقتصرا على دور نشر في بقعة ما من المعمورة، بل امتد الأذى إلى مؤسسات النشر ومؤسسات أخرى بمختلف أنشطتها في العالم بأسره"، مؤكداً أن "قطاع النشر أحد أكثر القطاعات التي تأثرت بالأزمة، وربما ما يضاعف معاناته ان هذا القطاع يعد الأقل اهتماما من جانب الحكومات في العالم العربي.

وأعرب الحيد عن أسفه لهذا الاهمال الحكومي لقطاع الثقافة وتحديدا دور النشر والمكتبات، مبيناً أنه "خلال الأزمة الصحية الراهنة كانت الأنشطة التجارية تفتح وتغلق وتحدد لها المراحل ضمن ضوابط ومعايير واحترازات، بينما قطاع النشر والمكتبات لا أحد ينبس ببنت شفة في أمره".

وأضاف: "للأسف أزمة كورونا أعطتنا فرصة جميلة لتشجيع الناس على القراءة، ولكن في الكويت لم يتم استغلالها من جانب الحكومة، وفي المقابل هناك حكومات في دول أخرى متقدمة استغلت الفرصة، وعلى سبيل المثال، فقد قدمت بريطانيا كوبونات شراء كتب لمواطنينها، وكانت عبارة عن شراء كتب إلكترونية".

وأوضح أن "بريطانيا استفادت من جانبين، أولهما دعمها لقطاع النشر لإحيائه بعض الشيء وتعويض خسائره الفادحة التي نجمت عن الأزمة خصوصاً مع إلغاء معارض الكتب الرئيسية في العالم، وفي العالم العربي، والآخر أنها شجعت الناس على القراءة والثقافة، وممارسة هذه العادة الجميلة التي هي في النهاية تنمي عقول البشر، وتعود بالفائدة على المجتمع بشكل عام".

وعن تجربته في دار "بلاتينيوم بوك"، قال: "تأثرنا كغيرنا، وإن كانت الخطط تغيرت، فعدد الكتب المطبوعة سيتم تقليصه بالتأكيد، وهذا طبيعي في ظل الأزمة، ومازلنا نجهل المعارض المقبلة وما إذا كانت ستقام من عدمه"، موضحاً ان "المعارض التي كان مقررا إقامتها في مارس وأبريل ألغيت جميعها، وكانت الخسائر فيها كبيرة على الناشرين، وللأسف ليس لدينا صوت كناشرين في الكويت يمثلنا".

وحول مخاوف الإغلاق، قال: "إنها موجودة دائما، والمخاطر في العمل التجاري موجودة دائما، لكن نحن نؤمن بأن من يعمل في قطاع النشر عليه أن يعرف أنه يبني في المجتمع أكثر من عمله في التجارة، ويبني في عقول المجتمع وفكره أو يطور في عقلية الناس أكثر مما يعمل في التجارة. نعم لا نريد الخسارة، نريد تغطية تكاليفنا، نريد هامشاً معقولاً من الأرباح، لأن وجودنا فقط لإيماننا أن للثقافة دوراً مهماً وأساسياً في حياة الناس، والربح والخسارة تأتي في الدرجة الثانية".

وتابع: "نحن لا نتكلم عما بعد أزمة كورونا، إذ من الممكن أن يتم تقديم دعم حكومي لقطاع النشر ويكون بطريقة عادلة ومرضية، وليس على مدى قصير"، آملاً "ألا يكون قطاع النشر هو أول القطاعات التي سيشملها التخفيض بنسبة 20% الذي تكلمت عنه الحكومة، ونتمنى أن يكون لقطاع الثقافة الأولوية والدعم بدلا من التقليص".