لم تترك تداعيات انتشار فيروس «كورونا» بقعة على وجه الأرض إلا ولطّختها بشيء من الذكرى، وكانت البيئة أبرز المجالات المتأثرة بعاصفة «كورونا»، لكن هذه المرة من إهمال الناس لأهمية إلقاء النفايات الطبية في أماكنها المخصصة، بعد أن شهد العالم نوعاً من التنفيس، نتيجة ارتفاع حالات المتشافين خلال الشهر الماضي، مما يعزز الأضرار البيئية والصحية في العالم.

ففي الكويت باتت تنتشر ظاهرة رمي الكمامات والقفازات في الشوارع والطرقات والأماكن العامة، لذا قامت بلدية الكويت بالتعاون الهيئة العامة للبيئة بإطلاق حملة لرميها في الأماكن المخصصة، بدلاً من تلك الفوضى، حتى لا تزيد «الطين بلّة» وتصبح عمالة النظافة، وهي المسؤولة عن رفع النفايات، مهددة بالدرجة الأولى بخطر التعرّض للإصابة، مما قد يوسّع دائرة المصابين على مستوى الدولة.

Ad

«الجريدة» استطلعت آراء بعض المختصين عن حملة البلدية والهيئة العامة للبيئة، حيث كشف مدير فرع بلدية محافظة العاصمة بدر أبورقبة عن توزيع حاويات مخصصة في عدد من الجهات الحكومية، بعد استئناف العمل في المرحلة الثانية، من أجل الحرص على سلامة الموظفين والمراجعين، وخلق بيئة عمل صحية خالية من الأمراض.

وقال أبورقبة إن الإلقاء العشوائي للكمامات والقفازات المستخدمة يعرّض حياة عمال النظافة لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لأنها تسهم بنقله سريعاً إليهم في حال عدم التخلص منها بشكلٍ صحيح، متابعاً أنه قد يشكل خطراً كبيراً باحتمال الإصابة بنقل عدوى الفيروس إلى الأطفال الصغار أثناء لعبهم بالساحات والميادين والشوارع والطرقات، إذا التقطوا كمامات وقفازات مستخدمة ملوثة منها عن طريق الخطأ.

وأكد أهمية حملة التوعية التي أطلقتها بلدية الكويت أخيراً بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة، تحت عنوان «قبل أن ترميها فكّر فيها 1000 مرة»، والتي تهدف إلى رفع الوعي البيئي والصحي والارتقاء بمستوى النظافة العامة من خلال توعية المواطنين والمقيمين بضرورة رمي القفازات والكمامات في الأماكن المخصصة لها، تجنباً لتفشي فيروس كورونا المستجد.

وفيما يتعلق بالعقوبات أشار أبورقبة الى أن البلدية حريصة على ممارسة دورها الرقابي من خلال تطبيق القوانين واللوائح والنظم المعمول بها في بلدية الكويت على المخالفين، وحيث يمكن الإحالة هنا والرجوع إلى الأمر الأميري الصادر برقم 9/ 87 والمتعلق بحظر بعض الأفعال المضرة بالنظافة العامة كإلقاء القمامة والأوراق والمحارم وعلب وأعقاب السجائر أو المخلفات، أياً كانت، على الأرصفة وفي الشوارع والطرق والساحات والميادين والمواقف والحدائق والأراضي العامة بغرامة لا تقل عن 5 دنانير ولا تزيد على 200 دينار.

خطر على البيئة

من جانبها، قالت رئيسة الجمعية الكويتية لحماية البيئة، د. وجدان العقاب، إن النفايات الطبية تشكل خطراً على البيئة إذا لم يحسن التعامل معها ووضع آلية للتخلص منها، مبينة أن مخلفات الكمامات والقفازات والأوعية الوقائية ذات الاستخدام الواحد أصبحت عبئاً ثقيلاً على البيئة، لأنّ أغلبها مصنوع من البلاستيك الذي تعانيه البيئة، ويصعب تحلله سنوات طويلة.

وأضافت أن مثل هذه المخلفات تؤثر على عامل النظافة بالدرجة الأولى، وكان لا بدّ من وجود حملة توعية تنشر الثقافة بشأن عدم إلقائها حتى لا تعود بالضرر على المجتمع، مما يجعلها تساهم في نشر الوباء، متابعة أن جمعية البيئة كجمعية نفع عام متخصصة تساعد في التوعية فيما يتعلق بحماية البيئة المحيطة بالإنسان من التلوث، وتدعم مثل هذه الحملات لنشر الوعي لدى المجتمع.

وقالت إن البيئة تحتاج إلى اعتماد مواد صديقة لها حتى لا تتراكم الأضرار التي تعود في النهاية على الصحة العامة.

وذكرت العقاب أن البيئة البحرية بالأخص مازالت تعاني أضرار تكدس النفايات، ومشبعة بالأضرار التي سببها البشر، موضحة أن «كورونا» والنفايات الطبية ستزيد مشاكل النفايات الملقاة على شواطئ البحر إذا لم تتم مراعاتها، والتشديد على الناس بإلقاء المخلفات في الأماكن المخصصة لها.

نقل العدوى

من جهته، قال طبيب الصحة الوقائية في وزارة الصحة، د. عبدالله بهبهاني، إن إلقاء الكمامات في الطرق والشوارع قد يتسبب في نقل العدوى، حيث إن المتضرر الأول هم عمالة النظافة المنتشرة بكل المناطق، مبينا أن سوء الاستخدام من الناس وعدم الاكتراث بإلقائها بالأماكن المخصصة لها يضر بالبيئة، ويساعد على نشر الوباء، وهذا يؤدي إلى هدم الاحترازات التي وضعتها الدولة وضياع الجهود المبذولة.

ولفت بهبهاني إلى أن هناك جوانب وطقوس معيّنة يمكن من خلالها انتقال الفيروس من شخص لآخر عبر الكمام، متابعاً أن بقاء الفيروس يعتمد على نوعية القماش المصنوع منه الكمام ودرجة الرطوبة التي يتعرّض لها، فضلاً عن درجة الحرارة التي كلما ارتفعت قلّت فترة بقائه، ومضيفا أن الاهتمام لا بدّ أن يبدأ من الجهات الحكومية لنشر التوعية وتثقيف الأسر بوضع النفايات الطبية في الأماكن المخصصة لها.