شهدت ملكيات الأجانب تحسّنا وزيادة في 3 بنوك واستقرارا وثباتا في 3 مصارف أخرى خلال الأسبوع الماضي، في حين جاءت نسب التغيير السلبي في ملكيات الأجانب بمستويات طفيفة جدا تراوحت بين 0.01 و0.04 بالمئة، وذلك في نحو 4 بنوك، وفي الوقت ذاته قابلتها عمليات شراء من مستثمرين محليين في نفس البنوك الأربعة.

وسجلت بنوك الوطني والخليج وبيتك ارتفاعا في ملكيات الأجانب، في وقت تراجعت الملكيات الأجنبية في بنوك بوبيان والأهلي المتحد وبرقان والدولي، في حين لم يطرأ أي تغيير على تلك الملكيات في بنوك التجاري والأهلي الكويتي ووربة.

Ad

محصلة القول أن القطاع المصرفي يواصل تأكيد أنه قادر على العبور الى بر الأمان، ليس كقطاع فحسب، بل سيقود الاقتصاد الكويتي أيضا معه، حيث يتصدى ويتقدم الصفوف الأمامية لمعالجة تداعيات الأزمة اقتصاديا.

والملاحظ أن زيادات المستثمرين الأجانب خلال الفترة الماضية تعطي دلالات كبيرة وبليغة وإيجابية، حيث إنه اذا كان قرار الشراء وقت الاستقرار يعكس ثقة، فإنه في ظل الأزمات يعكس قناعة وإيمانا بمستقبل القطاع عموما والأسهم محل الشراء خصوصا.

وعليه، يمكن الإشارة الى أنه اذا شهدت بعض أسهم البنوك تراجعات سلبية من جانب مستثمرين أجانب، فإنها كانت بنسب طفيفة جدا، وقد قابلتها عمليات شراء من مستثمرين محليين، والعكس ايضا من بادر وباع من المستثمرين المحليين على قاعدة بِع اليوم واشترِ غدا بسعر أقل، قابل قراره عمليات شراء من مستثمرين أجانب.

وقالت مصادر مصرفية واستثمارية لـ "الجريدة" إن المستثمرين الأجانب لا يتعاملون بنظام ردود أفعال قصيرة الأجل، مثلما يحدث في السوق بشكل عام، حيث إن القرار والنظرة متباينة تماما، ويوجد فارق كبير وشاسع بين قرار المستثمر المحلي والأجنبي، سواء في النظرة أو آلية الدخول والخروج والهدف من العائد على الاستثمار.

وأكدت المصادر أيضا أن معلومات توزيع أرباح نقدية من عدمة نهاية العام الحالي ربما كانت مفاجئة للمستثمرين المحليين، لكنها بالنسبة إلى المستثمر الأجنبي كان أمرا واضحا ومقروءا، حيث ان دولا أوربية سبقت في هذا الجانب، إضافة الى أن تعليمات "بازل 3" واضحة ومقروءة للمستثمرين الأجانب الممثلين في صناديق استثمارية كبرى، وبيوت استثمار عالمية تعرف وتعي اين توجه استثماراتها وفي أي قطاع، وبالتالي لم يكونوا في حاجة او منتظرين إيضاحا أو شرحا لتعليمات "بازل 3" بأن من سيستفيد من التيسيرات الرقابية تلقائيا يتحوط، ولن يكون بمقدروه توزيع أرباح نقدية، ولذلك كانت ردة الفعل تجاه القطاع المصرفي أكثر إيجابية، ولم تكن هناك تخارجات أو تراجعات في نسب الملكيات بشيء يُذكر أو يمكن البناء عليه، بل ارتفعت في 3 بنوك.

وتشير مصادر مصرفية الى أن القطاع سيبقى محافظا على قوته وجاذبيته، خصوصا أنه من واقع البيانات المالية للبنوك يتضح حجم التحوط والتشدد الإيجابي الذي ينتهجه البنك المركزي، ويبعد بالبنوك مسافات كبيرة عن أي تداعيات سلبية بمصدات عديدة تمكّن المصارف من استيعاب أي صدمات، وبالتالي تمكن الإشارة الى أن القطاع البنكي يتميز بمميزات عدة تتمثل في الآتي:

1- أسهم البنوك دفاعية تمتص الصدمات وترتد أسرع من غيرها.

2- السعر السوقي يحقق عوائد استثمارية جيدة جدا على مدار العام.

3- التوزيعات؛ سواء المنحة أو النقدية، تلبي طموح المستثمرين الأجانب بالنسبة للعائد السنوي على الاستثمار.

4- طبيعة الاقتصاد الكويتي وهيكل أدائه يعتمدان بشكل واسع وكبير على البنوك، ويمثّل ذلك ضمانة لأداء جيد بالنسبة للقطاع.

5- القطاع المصرفي المحلي تاريخيا قطاع متحفّظ وليس مغامرا في استثمارات أو قطاعات عالية المخاطر، حيث إن تركزه المحلي يمثّل حماية واستقرارا، ويستمد جزءا من قوته من المتانة والقوة المالية للاقتصاد الكويتي الذي حصل أخيرا على أفضل تصنيف سيادي على مستوى الأسواق الناشئة، رغم أزمة الوباء الصحي حاليا.

تحدّ جديد

في سياق متصل، ذكرت مصادر أن هذه الأزمة تمثّل تحديا للبنوك على عدة جبهات، أبرزها ما يلي:

1- الخروج بأقل خسائر ممكنة من تلك الأزمة، وخفض تأثيراتها الى أقصى درجة، والسعي نحو تحقيق أداء ايجابي.

2- إثبات الفوارق الاستثنائية وحصافة كل مصرف بشكل منفرد، وتأكيد قوة مصادره التشغيلية وسلامة قراراته الاستثمارية الأخرى أو توسعاته الإقليمية والعالمية.

3- تحدي توزيع أرباح نقدية سيكون استثنائيا كبيرا، وسيجني البنك الذي ستكون لديه قدرة على التوزيع الكثير من المكاسب، سواء على صعيد سعره السوقي أو زيادة حصته السوقية التشغيلية، وكثير من الانعكاسات الإيجابية الأخرى التي سيجنيها من جذب مستثمرين أجانب لهيكل الملكية.

4- تؤكد مصادر أنه متوقّع أن تكسر بعض البنوك التوقعات وتحقق أداء جيدا، وعليه سينتظر منها توزيعات نقدية رهانا على التعويض خلال النصف الثاني من العام الحالي.

في السياق ذاته، قالت مصادر إن البنوك الكويتية خلال الأزمة المالية السابقة، تفوّقت بشكل ملموس، حيث واءمت بين اتخاذ أقصى التدابير، والنجاح في المحافظة على توزيعات نقدية طوال سنوات الأزمة، إضافة الى بناء مخصصات ومصدات عتيدة، حتى باتت لديها هوامش مريحة ومساحات كبيرة تمكّنها من مجابهة الأزمة الحالية، بفضل التعاون والتوافق مع تحفظات البنك المركزي.

كما تمكن الإشارة الى أن الأزمة السابقة كوّنت لديها خبرات تاريخية في التعاطي مع المخاطر المختلفة، وتشير المصادر الى أن وضع البنوك الكويتية أفضل من غيرها بكثير، والدليل تقدمها لمعالجة التداعيات، إلا أن ما تجدر الإشارة اليه أن حالة الحذر المرتفعة من البنك المركزي تاريخيا تعكس سياساته وميله نحو التحوط الزائد بخطوط دفاع كثيرة وبعيدة عن أقرب مخاطر، وهو ما يحمّل المصارف عبئا إضافيا ومزدوجا، ولا خلاف على نجاح ونجاعة تلك السياسات، وأنها تصبّ في مصلحة البنوك باعتراف المصارف ذاتها.

وشددت المصادر على حقيقة، هي أن البنوك الكويتية ستكون اسرع من غيرها في التماسك والقوة والاستدامة بوضع سليم، وقدراتها عالية في استيعاب وامتصاص صدمات الأزمة وتداعياتها.

أيضا تجدر الإشارة الى أن ملكيات المستثمرين الكويتيين في القطاع المصرفي بين 83.- و99 بالمئة، وهي نسب سيطرة محكمة وعالية قلّما يشهدها أي قطاع، وبالتالي التغييرات في إطار أقل من 0.250 بالمئة، يبقى في إطار مقبول، ويضمن سائلية ودورانا لأسهم القطاع الذي تعتبر تلك السائلية من مميزاته، فمن يريد التخارج في أي وقت يجد مقابلا له يريد الشراء والعكس.