اكتفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى استقباله نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في موسكو أمس الأول، بإدانة العقوبات الأميركية الجديدة على دمشق في إطار "قانون قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ أمس.

ولم يصدر أي رد فعل روسي آخر على العقوبات الأميركية التي انطلقت بـ"حزمة أولى" تركزت على عائلة الأسد، مستهدفة خصوصاً الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس وعائلتها، وشقيق الرئيس قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد.

Ad

وبحسب المراقبين يبدو أن الحذر الروسي يعكس درجة القلق من أن التداعيات المحتملة للقانون الجديد قد تكون باهظة على موسكو إذا دخلت في حملة لتقويضها. لكن وسائل إعلام روسية بدأت تتحدث بصراحة عن إمكانية التخلي عن علاقة خطيرة مع دمشق.

في هذا السياق، كتبت ماريانا بيلينكايا في صحيفة "كوميرسانت" الروسية، عن مضاعفات تفعيل "قانون قيصر" تحت عنوان "العلاقة مع سورية باتت خطيرة".

وأشارت الكاتبة إلى انه وفق القانون الأميركي "بات ممكناً تطبيق إجراءات تقييدية ليس فقط ضد السوريين، إنما وضد كل من يتعاون معهم، وكذلك مع الهياكل الروسية والإيرانية العاملة في سورية".

وترى موسكو أن الهدف من قانون قيصر هو "الإطاحة بالسلطات الشرعية" في دمشق.

ونقلت الكاتبة عن نائب رئيس مجلس الشؤون الخارجية الروسي ألكسندر أكسينيونوك قوله: "قانون قيصر، اختبار لقدرة روسيا على الحفاظ على النظام السوري طافياً. فالعقوبات الأميركية تضرب التعاون الروسي ـ السوري، بما في ذلك محاولات موسكو التخفيف من معاناة السوريين، من خلال إرسال الحبوب والأدوية إليهم، ناهيك عن المشاريع الأخرى. العقوبات المفروضة على البنك المركزي السوري، تعرّض للخطر أي معاملات في هذا البلد".

كما أشار أكسينيونوك إلى أن "قانون قيصر يضرب الأوساط الحاكمة في سورية، مما يفاقم الانقسام الملحوظ في عائلة الأسد والدوائر العلوية والنخبة الحاكمة ككل. على هذه الخلفية، سيكون من المنطقي أن تعيد القيادة السورية النظر في موقفها من عمل اللجنة الدستورية. والسؤال هو ما إذا كانت دمشق تتصرف بعقلانية وفقاً للمنطق السياسي".

وكانت وسائل إعلام روسية تحدثت عن قلق أمني روسي لأن إمدادات القوات الروسية العاملة على الأراضي السورية ستكون أيضاً في جزء منها تحت رقابة من جانب واشنطن لأن القانون نص على فرض عقوبات على الأشخاص والمؤسسات التي تدعم إمكانات الجيش السوري أو تمارس نشاطاً عسكرياً يستهدف المدنيين.

وكانت شركات روسية فازت بعقود مهمة لا تقتصر على القطاع النفطي وقطاع الغاز، بل تمتد لقطاعات البنى التحتية، ووقعت موسكو ودمشق عقوداً واتفاقات لإعادة تأهيل الطرق وقطاع المواصلات، وأخرى لتحديث المطارات والموانئ، كما فازت موسكو بعقد لتشغيل ميناء طرطوس التجاري بعد منافسة مع طهران على الفوز بهذا العقد، فضلاً عن عشرات الاتفاقات والعقود الأخرى في مجالات مختلفة، كلها يبدو مصيرها معلقاً بعد دخول القانون حيز التنفيذ، خصوصاً أنه فرض أيضاً عقوبات على القطاع المصرفي، مما يقلص من قدرة موسكو على التعاملات المالية مع الشركات في سوريا ومع القطاع الحكومي السوري.

في المقابل، قال إسحق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني، أمس، إن طهران لن تدخر جهداً لاتخاذ أي إجراءات لتقليص الضغوط الاقتصادية على سورية.

وأضاف جهانغيري: "نحن واثقون من أن الأمن والاستقرار سيعود إلى سورية. سنعمل على تطبيق الاتفاقات الثنائية الموقعة بين طهران ودمشق في اللجنة الاقتصادية المشتركة ولجنة العلاقات الاستراتيجية في أقرب وقت".

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، قال إن طهران لاتعترف بالعقوبات، وتعدها "ظالمة وأحادية الجانب وإرهاباً اقتصادياً ضد الشعب السوري" وتهدف لزعزعة استقرار سورية.

وأضاف موسوي، "وسط تفشي فيروس كورونا فإن فرض هكذا عقوبات لا إنسانية ومتغطرسة يضاعف آلام الشعب السوري ومصائبه". وأكد أن "إيران ستواصل التعاون مع سورية المقاوِمة حكومة وشعباً بل وستعزز علاقاتها الاقتصادية معها".