الفتنة نيرانها تزداد وبسرعة، فإن لهيبها يستعر في "تويتر" وحريقها ينتشر في "فيسبوك"، مشاهير التنافر الاجتماعي من الطرفين تسابقوا في الشتائم والتهم والسخرية، وبدؤوا بالسباق نحو زيادة المتابعين، وتكثير التعليقات وتكبير أرباح الإعلانات، وبعض الساسة ركبوا هذه الموجة لتدعيم حملاتهم الانتخابية لحزبهم، وهذا السباق كله غير محمود إلا لدى الأبالسة من الإنس، هذه الفتنة في هذه الفترة معلومٌ من يذكي نارها، ولكن كيف قُدحت شرارتها؟

تجار الإقامات أم المتعاقدون المافيوية؟ خونة الأوطان من بائعي الشهادات الوهمية أم غاضو الطرف؟ لا شك أن الشعبين الكويتي والمصري دائما يدفعان ضريبة الديمقراطية، التي يستغل نعمتها القبليون والحزبيون الذين يسلخون جلد الوطنية من الدولة ويرتدونه ليستروا به على جرائمهم في حق الدولة، فالمجتمعان المصري والكويتي وقعا ضحية ظواهر سلبية كثيرة، هي التي تسببت في إنشاء هذه الفتنة المميزة لدى الطرفين، فالمتخادم والمنتفع تشاركا مع الفاسدين، والمؤجج للآراء العامة استرزق سياسياً، والمشهور الاستغلالي للأزمات استثمر رواج هذا الموضوع، والأرعن الناطق بالقانونية اتبعه، ومعه الاستفزازي المتفيهق بالتاريخ، والمتصنع بشتى صنوف الثقافة، فكل هؤلاء تنشطت أعمالهم في أزمة كورونا، وهؤلاء غير الممثلين لهذين الشعبين العربيين هم من يمدون نيران هذه الفتنة بالوقود، فإن كانت هذه المشكلة، فما حلها؟

Ad

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت". لذلك سأكتب خيراً، وسأصمت عن البدهي من الحماقة التي يفضح بها أهلها أنفسهم وهم يصورون وقائعهم القانونية ليدينوا ذاتهم.

فالخير كثير، وهو أن الروابط أكثر من الفوارق، فالكويت آزرت مصر في حربها ضد إسرائيل، ومصر ساندت الكويت إبان الغزو الغاشم، فكما كانوا مسلمين يقاتلون أعنّاهم، وكما كنا مسلمين نُقتل أعانونا، لذلك سيبقى الود موجوداً ومحموداً، ونعتبر وجود أبنائهم في بلدنا شركاء وطن كما أننا مساهمو بلد.

مطرقة ودينار، عقار وجنيه، درس وسياحة، صَيدلة وشراكة، علم وعمل، مكاسب وأرزاق، زيجات وأفراح، أذواق فنية متمازجة ومنابر متداخلة، أدبيات متجانسة وأحزان واحدة ومحبة جامعة، ومن الحماقة والسذاجة محاولة قلع تلك الأصابع المتشابكة بدون توقع وجود ألم موجع ومُكلف للطرفين.