مشكلتنا أننا نتناول معظم قضايانا الوطنية باندفاع شديد، ونقاشات حادة وساخنة تنتهي بصدامات وآراء وحلول غالباً ما تكون متطرِّفة وغير قابلة للتطبيق، فينتج عنها ترك المشاكل لتتفاقم وتنمو لتنفجر بوجوهنا مرة أخرى في المستقبل بشكل أكبر.

لا شك في أن قضية التركيبة السكانية كانت أكبر المشاكل التي واجهتنا في أزمة وباء كورونا، ونتج عنها مطلب مهم، بضرورة حلّها عبر الوسائل الممكنة، التي لا تضر مصالح البلد وتسيير شؤونه ومطالبه الأساسية في الخدمات والمرافق الحيوية.

Ad

القرار ربما اتُّخذ لتعديل التركيبة السكانية، والاستغناء عن أعداد من الوافدين في السنوات المقبلة، لكن المحزن هو حالة الاحتقان والشتيمة المتبادلة مع بعض الجاليات، التي يغذّيها بعض أعضاء مجلس الأمة ومشاهير ورجال إعلام.

ومنها أسئلة برلمانية تستفسر عن عدد القضايا التي رُفعت على مَن أساء للكويت في الخارج، وهي صغائر لا تقوم بها الدول الواثقة بنفسها والديمقراطية، فلم نسمع قطّ أن إيطاليا رفعت قضية على فرنسي أساء لها أو العكس، والكويت أكبر بكثير من أن تسجن شخصاً تافهاً يسيء لها أو لرموزها.

إذا كنا سنقوم بتعديل التركيبة السكانية، فيجب أن نفعل ذلك بهدوء وبتقنية لا تضرّ بلدنا، ومن دون أن نتبادل الشتائم مع أحد، فلغة السبّ والمعايرة هي حجة الضعيف وناقص العقل والإدراك.

***

من الأساليب المتطرفة والغبيّة لمعالجة التركيبة السكانية، الحديث عن تحديد الإقامة في البلاد بخمسة عشر عاماً، وعدم منح مَن بلغ الستين عاماً من العُمر إقامة في البلد، لأن الخبرات التي يكتسبها مَن عمل في الكويت وتدرَّب بها سينتفع بها غيرنا. فالممرض أو مبرمج الكمبيوتر أو مقاول التمديدات الكهربائية... إلخ، الذي اكتسب الخبرة عندنا، سيكون عُملة نادرة للدول الأخرى، وسيكون البلد مرتعاً لقليلي الخبرات ومَن يتعلمون الحلاقة برؤوسنا!