يعايرنا بعض "الوطنجيين"، وهم يشيرون بأصابعهم إلى ما يفعله بعض المتظاهرين في أميركا من أعمال تكسير ونهب: "هذا ما كانت تريد أن تفعله المعارضة الكويتية بالبلد والممتلكات، لولا القبضة الأمنية التي ردعتهم وحمتنا وحمت البلد".

هكذا بكل بلاهة (لم أقل بكل وقاحة، من باب إحسان الظن)، مع أنهم يعلمون أن مسيراتنا لم ينتج عنها حتى خدشٌ واحد على خدِّ زجاج محل واحد. هم يعلمون أننا كنا نرفع شعار "سلمية... سلمية"، رغم تعرضنا للضرب. هم يعلمون أننا كنا نرفض أي صدام مع أي شرطي، وكنا نصرخ أثناء المسيرات في وجوه بعض الشبان المتحمسين: "مؤسسات الدولة وعناصرها ملك للشعب، يجب عدم الضرر بها". والنتيجة أن هؤلاء الشبان كانوا بمستوى من الوعي لا يحتاج إلى تنبيه.

Ad

ورغم أعمال التخريب، التي حدثت في أميركا والتي يرفضها كل عاقل، هذا إذا تناسينا أن "المخرب" باراك أوباما كان أحد المشاركين في المظاهرات، وغيره كثر من ذوي العقول والمناصب، وأن نسبة المخربين إلى جموع المتظاهرين لا تكاد تذكر... لكن لنطرح السؤال: ماذا كانت ردة فعل الحكومة هناك، وما هي ردة فعل مسؤولي الولايات والمدن الأميركية المعنية؟ الإجابة: الاستجابة لمطالب الشعب الغاضب، إذ قررت سلطات مدينة منيابوليس تفكيك شرطة المدينة واستبدالها بحلول مدنية تُعنى بالمجتمع، وعزم نواب الحزب الديمقراطي على تقديم اقتراح بقانون لتعديل أنظمة الشرطة ومنع تكرار الحوادث العنصرية.

وبالطبع: توجهت أصابع الإعلام، هناك، باللوم للشرطة ومسؤولي الدولة المعنيين. بينما في الكويت، توجهت أصابع التخوين، لا اللوم فقط، إلى الشعب الغاضب، وارتفعت حدة التصفيق لقوات الأمن كلما رفعت الهراوات على المواطنين الذين لم يكسروا ولم ينهبوا.

هناك: الوطن هو الشعب... هنا: الوطن هو المسؤولون الفاسدون.