حديث سمو رئيس الوزراء مع رؤساء تحرير الصحف كان موفقاً بكل المعايير، حيث عرض فيه، وبشيء من الإسهاب، أهم المشكلات التي تواجه الكويت اليوم، بالإضافة إلى جائحة كورونا، حيث ركز على ثلاث قضايا مهمة وهي الفساد والتركيبة السكانية والإصلاح في هيكلية الاقتصاد.

وقد يقال إن هذه المشكلات معروفة ومتوارثة وسبق الحديث عنها من قبل الكثيرين، وإن رئيس الوزراء لم يأت بجديد، ولكن والحق يقال أنها قد تكون المرة الأولى التي يرتجل فيها رئيس الوزراء هذه القضايا بحديث مطول، وبتسلسل في الأفكار وعرض للأرقام والإحصاءات المهمة مع إقراره بوجود أخطاء وقعت في السابق، وصعوبات ستواجه الحلول في المستقبل.

Ad

وشخصيا وجدت في كلمته انتصارا للقضايا التي ركزت عليها في مقالاتي مثل ضرورة الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد، وكذلك في المقالين الأخيرين حول أعداد وتشعبات التركيبة السكانية وكيفية حلها، وذلك عندما ذكر الرئيس أن «المعالجة تشكل تحدياً في المستقبل»، وأن «التعديل ليس اليوم أو باكر إنما نحتاج إلى وقت ونحتاج إلى تغيير في نمط الحياة»، وأن «أجدادنا كانوا يعملون في كل المهن»، و»هذا ما هو عيب»، وكان هذا رداً موفقاً على كل ما انتشر في وسائل التواصل من رسائل الجهل والمزايدات والإشاعات المغرضة.

إن كلمة الرئيس هذه خلقت استحقاقاً والتزاماً واجباً أمامه، وهو التحدي الحقيقي له، والمتمثل باتخاذ القرارات التي سيتصدى بها لهذه القضايا بعد أن عرفها وشخّصها.

إن تنفيذ قرارات الإصلاح أصبح بعد حديث الرئيس أمراً لا مناص منه، فكما كان تشخيصة لمشكلات الكويت متفقاً تماماً مع كل الدراسات العلمية الاقتصادية فإن الحلول التي وضعت في الأدراج والتي أبدع في بيانها خيرة شباب الكويت الاقتصاديين هي أيضاً جاهزة منذ فترة، واليوم هو أفضل وقت للبداية في تطبيقها وتنفيذها.

وحتما سيحتاج الإصلاح إلى قرارات غير شعبية لكنها ضرورية، وهناك من المخلصين من سيعمل على تبنيها وتسويقها إذا بدأ الرئيس قراراته الإصلاحية.

وكما ذكر الرئيس فإن هناك صعوبات ستواجه الإصلاح، ونحن نعلم أن من هذه الصعوبات ما سيوجه إليه شخصيا لأن هناك طابورا يكمن في العمق سيرفض الإصلاح، كما أن هناك مصالح ستشكل عقبات كثيرة، ولكن في النهاية أصبحت الإصلاحات ولو بشكل متدرج وحصيف هي قدر الرئيس بعد حديثه الذي نشر على الملأ، فهل يفعلها ويعزم على الإصلاح دون تردد؟

قال الخليفة العباسي المنصور:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ

فإن فساد الرأي أن تترددا.