لا يمكن لعاقل أن يصدق أن ما نسمعه ونقرأ عنه ونراه من فساد كانت الحكومة لا تعلمه أو أنه خرج للعلن بمحض المصادفة، فكلنا نعلم أن مؤسسة الفساد لم تكن لتصل لهذه القوة والجرأة دون حماية ونفوذ، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: كيف لكل هذه القضايا المتعلقة بالفساد المالي أن تظهر وبهذه الطريقة التي طالت أسماءً ذات نفوذ ومسؤولية قيادية بالدولة؟ وهل لذلك علاقة برؤية 2035؟

فالكل يعرف أن الفساد عدو التنمية الأول، والمتسبب الرئيس في التباطؤ الاقتصادي والانهيار المؤسسي والفقر في كثير من دول العالم، ومنها دول نفطية تملك كل مقومات الثراء والرفاهية وأعلى معدلات التنمية والازدهار الاقتصادي، لكنها دول تعج في فوضى الفساد، وشعوبها يشتتهم الخوف من المستقبل بسبب اختطاف قرار التنمية لمصلحة المتنفذين، ولنا مثال في إيران والعراق وفنزويلا التي تعتبر من أكبر الدول المصدرة للنفط، وتمتلك ثروات ومقومات الدول الصناعية لعوامل متوافرة كالأيدي العاملة والأنهار والطبيعة، ولكن شعوبها تعيش في خوف وجوع بلا ماء ولا كهرباء ولا أبسط مقومات الحياة بسبب الفساد الذي جعل تلك الدول في حالة فوضى وعدم استقرار.

Ad

وفي ظل صمتنا أو عدم مقدرتنا على التصدي للفساد وتغلب مؤسسته على كل من نادى وطالب بمحاربته، وصلت بنا الحال ليكون فساداً عالمياً بعد أن تناولت الصحافة الغربية والعالمية عمليات فساد مالي ضخم، وعمليات غسل أموال محرمة، وهو أمر سيضر بسمعة الكويت التي أوصى سمو الأمير الحكومة بأن تجعلها مركزاً مالياً واقتصادياً، ليجعلها الفاسدون مركزاً لغسل الأموال، الأمر الذي جعله كما أعتقد أنه القشة التي قصمت ظهر البعير، ومعه ستبدأ عمليات تطهير كثيرة للفساد ومؤسساته ليست كرغبة إصلاحية من السلطة، بل ستضطر لذلك حتى تستطيع أن تعيد الثقة للعالم بأننا دولة تحارب الفساد من أجل رؤية 2035.

يعني بالعربي المشرمح: لا أعتقد أن قضايا الفساد التي ظهرت مؤخراً كانت بنوايا إصلاحية أو حرب ضد الفساد، بل هي حرب أجبرت على خوضها الحكومة بعد أن أصبحت فضيحتنا عالمية، وهو أمر سيؤثر على رؤية 2035 ، وسمعة الدول بأن تكون مركزاً مالياً واقتصادياً، وأتوقع أن الأيام القادمة ستكشف عن المزيد من قضايا الفساد، وستضطر السلطة لتغيير خريطتها وتستبدل كل أدواتها، لتبدأ من جديد، وإلا فإننا سنسير كما سارت الدول الأخرى التي وصلت إلى مرحلة الفوضى وعدم الاستقرار!