يستغرق الأمر من الاتحاد الأوروبي ستة أشهر على الأقل لمراجعة طلب من إحدى الدول الأعضاء بشأن دعم صناعة محلية لديها، لكن منذ تفشي فيروس "كورونا"، أصبحت الموافقة على هذه الطلبات تتم في أقل من 24 ساعة حتى في أوقات العطلات.

واستقبلت المفوضية الأوروبية عددا كبيرا من الطلبات في ظل الأزمة، وتم بالفعل تنفيذ برامج دعم وإنقاذ مالي بأكثر من تريليوني يورو (حوالي 2.2 تريليون دولار) - تعادل حجم الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا.

Ad

اعتياد على الدعم

• في الأحوال العادية، تحظر قواعد السوق الأوروبية الموحدة على حكومات الدول الأعضاء تقديم الدعم بشكل غير مبرر لشركاتها، وفي الوقت الحالي، لم يصل تخفيف القواعد التنظيمية إلى هذا الحد، فالساسة في مختلف دول القارة العجوز يقدمون الدعم بسخاء لصناعاتهم المتضررة.

• المشكلة هنا أن دول الاتحاد الأوروبي ربما تعتاد تقديم الدعم للصناعات المتضررة، وحتى قبل أزمة "كورونا"، كانت القارة العجوز تكثف هذه الإجراءات، والآن هناك خرق في عدد من القواعد التنظيمية.

• عندما تم تخفيف القواعد أثناء الأزمة المالية العالمية على سبيل المثال، عادت الأمور إلى طبيعتها بعد انتهاء الأزمة بشكل سريع، لكن في أزمة "كورونا"، ومع تقديم بعض الدول الدعم للشركات بشكل مكثف، ربما تعتاد هذا الأمر، وهذا ما سيمثل حقبة اقتصادية جديدة في أوروبا.

• بالمقارنة، تحاول الولايات المتحدة من وقت لآخر إغراء ودعم الشركات بإعفاءات ضريبية من أجل جذبها للاستثمار في السوق الأميركي، وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب هددت بفرض رسوم جمركية ضد دول القارة العجوز بسبب تقديمها للدعم لـ "إيرباص" على حساب "بوينغ".

• زادت التوترات منذ عام 2014 بين المفوضية الأوروبية وبعض حكومات الدول الأعضاء بسبب الدعم المقدم من عدد من الحكومات لشركاتها مما يخرق قواعد المنافسة.

• ظهر هذا جليا في عرقلة المفوضية الأوروبية العام الماضي لصفقة اندماج بين "سيمنز" و"ألستوم" وفق قواعد حماية المنافسة في أوروبا، لكن ربما يتم السماح بمثل هذه الصفقات في الوقت الحالي وإن كان بشكل مؤقت ومحدود.

• يقتصر الدعم الحالي في دول أوروبية على إنقاذ الوظائف والحيلولة دون إفلاس عدد من الشركات في ظل أزمة "كورونا"، ولو ظلت هذه القواعد مخففة لوقت طويل، ربما تقل السيولة اللازمة لمكافحة الأزمات المستقبلية.

السوق الموحدة

• أعرب العديد من الدول أبرزها إسبانيا عن القلق من انهيار منظومة السوق الأوروبية الموحدة بسبب برامج الدعم واسعة النطاق في ظل أزمة "كورونا".

• يأتي ذلك مع الأخذ في الاعتبار أن الدول ذات الاقتصادات الغنية تقدم غالبية الدعم لشركاتها مما يضر بالمنافسة مع الشركات في اقتصادات أخرى أقل تقدماً، فألمانيا مثلا، قدمت نصف قيمة الدعم الإجمالية في أوروبا لشركاتها بدعم من اقتصادها القوي وديونها الأقل، وتخشى شركات أضعف اقتصادياً من تضرر شركاتها وضعف المنافسة مع نظيراتها الألمانية.

• كشفت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين عن حزمة بقيمة 750 مليار يورو في شكل قروض ومنح سيعاد توزيعها على الدول الأكثر تضررا من أزمة "كورونا".

• ذكر مسؤولون أوروبيون أن الشركات التي كانت في موقف مالي ضعيف قبل أزمة "كورونا" يجب عدم إنقاذها كما أن الشركات المتضررة من الأزمة عليها سداد ما تلقته من دعم لاحقاً.

• في الماضي، لم يكن تقديم الدعم سهلا في أوروبا إلا وقت الأزمات، لكن في عام 2020، بدا تقديم الدعم أمرا ضروريا للشركات، كما أن أزمة "كورونا" أسفرت عن تعالي الأصوات المطالبة بإعادة توطين سلاسل الإمداد في القارة العجوز.