رصد مراقبون تبايناً في تعليق خصوم واشنطن على الساحة الدولية على الاضطرابات العرقية. ففي وقت كانت التوترات الصينية- الأميركية تصل إلى مستوى غير مسبوق، اتخذت الصين منحى جريئا في انتقاد ما أسمته العنصرية المتأصلة في أميركا، على عكس موسكو التي التزمت حتى الساعة موقفاً متحفظاً.

في المقابل، أثار تعليق إيران، خصوصا اعتماد وزير خارجيتها محمد جواد ظريف بيانا سابقا لنظيره الأميركي مايك بومبيو مع تغيير اسم البلد من ايران إلى الولايات المتحدة، سخرية أكثر من اي شيء آخر، على اعتبار انه لا يمكن اجراء اي مقارنة بين النظام السياسي الاميركي القائم على الحريات وبين النظام الإيراني الشمولي إلى حد بعيد.

Ad

في هذا السياق، قالت الصين أمس، إن الاضطرابات في الولايات المتحدة تظهر خطورة مشكلتي العنصرية وعنف الشرطة، وتكشف عن المعايير المزدوجة لواشنطن في دعم متظاهري هونغ كونغ.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تجاو ليجيان إن "حياة السود حياة أيضا. يجب ضمان حقوقهم الإنسانية"، مضيفا: "العنصرية تجاه الأقليات الإثنية في الولايات المتحدة مرض مزمن في المجتمع الأميركي".

واستغل دبلوماسيون صينيون ووسائل إعلام رسمية الاضطرابات العنيفة التي أثارتها وفاة جورج فلويد، واتهموا الولايات المتحدة بالنفاق، وقارنوا المحتجين الأميركيين بالمتظاهرين المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ.

وقال تجاو: "لماذا تكرم الولايات المتحدة ما يسمى بالعناصر المطالبة باستقلال هونغ كونغ... بوصفهم أبطالا ونشطاء، في حين تصف الاشخاص الذين يتظاهرون احتجاجا على العنصرية بمثيري شغب؟".

بدورها انتقدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا شونينغ واشنطن. وكتبت على "تويتر": "لا أستطيع التنفس" مرفقة العبارة بصورة لتغريدة للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغن اورتيغوس انتقدت فيها سياسة الصين في هونغ كونغ.

أما وزارة الخارجية الإيرانية فقد دعت واشنطن إلى "وقف العنف ضد شعبها". وقال المتحدث باسم الوزارة عباس موسوي في جملة لا تخلو من الغرابة متوجها الى الشعب الأميركي "لقد سمع العالم صوت مظلوميتكم ويقف إلى جانبكم". وأضاف مخاطبا المسؤولين الأميركيين والشرطة: "أوقفوا العنف ضد شعبكم ودعوهم يتنفسون".

وقال موسوي للصحافيين باللغة الإنكليزية: "نأسف بشدة أن نرى الشعب الأميركي، الذي يلتمس سلمياً الاحترام ووقف العنف، يقمع بصورة عشوائية ويقابل بأقصى أشكال العنف".

وحظيت التظاهرات العنيفة في الولايات المتحدة بتغطية إعلامية واسعة في الإعلام الإيراني، خصوصاً في التلفزيون الحكومي، الذي بث مؤخراً برنامجاً اتهمت فيه واشنطن بالعنصرية المؤسسية.

وتعرضت إيران لتنديد أميركي بعد التظاهرات الدموية التي هزت شوارع الجمهورية الإسلامية في نوفمبر احتجاجاً على رفع مفاجئ في أسعار الوقود. وقالت الولايات المتحدة إن ألف شخص قتلوا خلال قمع السلطات لتلك التظاهرات.

وفي موسكو قال الكرملين، إن تصريحات مستشارة الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بشأن "تورط موسكو" بالاضطرابات في أميركا هي "تلميحات خاطئة" لا يمكن أن تعكس وجهة نظر واشنطن الرسمية.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمس في رده على سؤال حيال تصريحات المستشارة السابقة، سوزان رايس: "أولا، نحن بالتأكيد نراقب عن كثب ما يحدث في الولايات المتحدة، ولكن كل ما يحدث هناك شأن داخلي لهذا البلد. لم نتدخل قط في الشؤون الأميركية وليست لدينا النية بالتدخل".

وأضاف بيسكوف: "أي تلميحات مثل تلك التي ذكرتها (سوزان) بالطبع خاطئة تماما، وبقدر ما نفهم، فإن مثل هذه التلميحات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعكس وجهة نظر واشنطن الرسمية".

وكانت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي السابقة لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قد لمحت إلى احتمالية تورط روسيا في الاضطرابات العرقية. وقالت لقناة "سي إن إن": "لن أفاجأ عندما أعرف أن روسيا تحرض كلا الجانبين عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ولن أفاجأ إذا اتضح أن الروس يقدمون لهم الرعاية التجارية بطريقة أو بأخرى".