اتجهت معنويات الأسواق تدريجياً نحو الإقبال على المخاطر خلال الأسبوع الماضي في ظل بدء الاقتصادات المختلفة في كل أنحاء العالم تخفيف قيود الحظر المفروضة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد والعودة مجدداً إلى العمل.

ففي الولايات المتحدة، وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، بدأت معظم الولايات الأميركية إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية على مراحل، وبدأ المستهلكون الخروج بحذر من الحجر الصحي.

Ad

وفي المملكة المتحدة، صرح رئيس الوزراء بوريس جونسون أن بريطانيا ستعيد فتح آلاف المتاجر والمحلات ومراكز التسوق خلال الشهر المقبل. وقد يتم إعادة فتح بعض المتاجر في وقت مبكر في مستهل شهر يونيو الجاري إذا تمكنت تلك الجهات من الالتزام بالإجراءات الوقائية التي أوصت بها الحكومة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19).

من جهة أخرى، قامت إسبانيا التي تفرض إحدى أكثر عمليات الإغلاق صرامة على مستوى أوروبا بحثّ السائحين الأجانب على العودة اعتباراً من يوليو المقبل مع قيام الدولة بتخفيف القيود.

وصرح وزير الخارجية الإسباني في تغريدة على حسابه "لقد تخطينا المرحلة الأسوأ"، وأضاف: "في يوليو سنفتح إسبانيا تدريجياً أمام السياح الدوليين، وسنقوم برفع الحجر الصحي، وضمان أعلى معايير السلامة الصحية". ويتكرر نفس السيناريو في العديد من البلدان الأخرى التي قامت بتحديد المبادئ التوجيهية لإعادة فتح اقتصاداتها.

ووفق تقرير "الوطني"، فإن معنويات التفاؤل الناتجة جراء ذلك أدت إلى تراجع سعر الدولار الأميركي على نطاق واسع بصفته إحدى عملات الملاذ الآمن ودفع العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترليني نحو الارتفاع.

من جهة أخرى، ارتفعت أسواق الأسهم في كل أنحاء العالم وانتعشت أسواق السلع الأساسية، في حين تراجعت أسعار سندات الخزانة الأميركية. وتخطى مؤشر ستاندرد أند بورز 550 حاجز 3 آلاف نقطة للمرة الأولى منذ مارس مع انضمام المزيد من الشركات الأميركية إلى سباق اختبار لقاح فيروس كورونا على المتطوعين وتسجيل أول المشاركين في تلك التجارب.

لكن تلك المسيرة تعطلت بنهاية الأسبوع بعد عودة التوترات بين الولايات المتحدة والصين إلى واجهة الاحداث. إذ أدت المخاوف المتعلقة بردة فعل الولايات المتحدة تجاه قانون الأمن الصيني المقترح لهونغ كونغ إلى كبح جماح معنويات الاقبال على المخاطر.

وأشار الرئيس دونالد ترامب إلى أن الولايات المتحدة سترد على مشروع القانون الصيني حول الأمن القومي واعداً بإجراءات صارمة بحلول نهاية الأسبوع وردت الصين محذرة من أنها سترد على فرض أية إجراءات جديدة. وتراجع اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته المسجلة في تسعة أشهر مقابل الدولار الأميركي على خلفية مخاوف من تدهور العلاقات الأميركية الصينية.

بيانات اقتصادية مختلطة

ارتفعت ثقة المستهلك الأميركي في مايو بما يشير إلى شعور المستهلكين بأن أسوأ فترة من فترات الركود الاقتصادي الناجم عن تفشي فيروس كورونا قد تكون انتهت بالفعل في ظل عودة فتح الأنشطة الاقتصادية للدولة.

وعلى الرغم من تسجل مؤشر ثقة المستهلك لمستويات أقل من التوقعات، فإن مجلس المؤتمرات صرح بأن قراءة مؤشر ثقة المستهلك ارتفعت إلى مستوى 68.8 نقطة في مايو المنصرم قابل قراءة شهر أبريل المعدلة التي تم خفضها إلى 60.8 نقطة.

ًمن جهة أخرى، تراجع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الاساسي بنسبة 5.0 في المئة في أبريل، بينما انخفض الإنفاق الشخصي بنسبة -93.8 في المئة وصولاً إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ ستة عقود.

وبذلك تراجع مقياس التضخم المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي على أساس سنوي من 9.8 إلى 9.5 في المئة وأخيراً، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي بلغت نسبته 0.5 في المئة في الربع الأول من عام 2020 وفقاً للتقدير "الثاني" الصادر عن مكتب التحليل الاقتصادي. أما بالنسبة للربع الرابع من عام 2019، فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.9 في المئة.

ولم يكن لتلك البيانات من تأثير يذكر على الأسواق حيث كان هذا التباطؤ متوقعاً على نطاق واسع من قبل الاقتصاديين والاحتياطي الفدرالي. حيث تشير التوقعات إلى عودة النمو مجدداً للانتعاش بشكل حاد في الربع الثالث مع توقع مكتب الميزانية بالكونغرس الأميركي ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي بنسبة 09.0 في المئة.

الاتحاد الأوروبي يقترح خططاً تحفيزية جديدة

تعرض اليورو لتراجع حاد في مارس نظراً لاندفاع المستثمرين تجاه الدولار كملاذ آمن في ظل زيادة تقلبات الأسواق المالية العالمية. وخلال الأسبوع الماضي، شهدنا انتعاش اليورو مع عودة الإقبال على المخاطر بشكل مطرد إلى الأسواق، كما كشفت المفوضية الأوروبية عن حزمة تحفيز اقتصادي جديدة بقيمة 805 مليارات يورو.

وبموجب هذا المقترح، ستقوم اللجنة بالاقتراض من أسواق المال ثم تقوم بتوزيع ثلث ذلك المبلغ في هيئة منح وتقديم الباقي كقروض لتخفيف حدة الركود الاقتصادي غير المسبوق المتوقع حدوثه هذا العام بسبب عمليات الإغلاق.

وسيتم توجيه معظم الأموال إلى إيطاليا وإسبانيا، وهما أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضررا من الوباء. وأثار اقتراح المفوضية الأوروبية ردود فعل إيجابية من باريس وبرلين وروما ومدريد، وكذلك البرلمان الأوروبي.

وصرح رئيس المجلس الأوروبي إنه ينبغي فعل كل ما هو ممكن للتوصل لاتفاق قبل العطلة الصيفية.

انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي

على الرغم من أن الجنيه الإسترليني شهد مكاسب ملحوظة مقابل الدولار الأمريكي فإن عملية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي التي دخلت الآن عامها الرابع ما زالت تعوق تقدم العملة والاقتصاد البريطاني. وفي حين تم تحقيق بعض الخطوات هذا الأسبوع بشأن حقوق مياه الصيد، إلا أن بريطانيا ما تزال بعيدة عن التوصل إلى اتفاقية تجارية مع الاتحاد الأوروبي. إذ رفض كبير المفاوضين البريطانيين ديفيد فروست فكرة قبول تمديد موعد الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي، وعوضاً عن ذلك قال في مرحلة ما إنه سيتعين عليهم إعطاء الأولوية للتحضير لمغادرة الاتحاد بدون التوصل إلى اتفاق.

في المقابل، صرح نظيره ميشيل بارنييه، كبير المفاوضين في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سيتعين عليهما

تسريع محادثات الانفصال خلال فترة الصيف إذا أرادتا التوصل إلى اتفاق والحيلولة دون تعطيل الروابط التجارية.