الإخوة الأعزاء العاملون في جريدة "الجريدة" المحترمة بالكويت الشقيقة، يا من عشتم وعاش معكم فقيدنا الراحل خالد جميل الصدقة، وخبرتم مدخله ومخرجه فترة طويلة كشفت لكم الغطاء عن جوهر الراحل الكريم، وأظن أنكم سبرتم سرّه وعلانيته، واستطعتم أن تُعزّوا به بدقة متناهية، وتكشفوا عن مكنوناته وسلوكه وأخلاقه، ولم تكونوا معزّين عاديين، بل كنتم جميعاً، ومن دون استثناء، أوفياء لزميلكم الراحل، وأخيكم، وصديقكم، وأنتم أدرى الناس به.

وكان كلامكم في التعزية خارجاً من قلوبكم، فدخل قلوبنا فبردها، ونفوسنا فطمأنها.

Ad

وتصلح تعازيكم لنا أن تكون نموذجاً لكل مَنْ أراد التعزية بصدقها وعذب كلماتها، فأنتم في نثركم جميعاً وتعزيتكم شعراء.

ونزلت تعازيكم برداً وسلاماً على قلوبنا نحن أسرة الفقيد، فنسأل الله العلي العظيم أن يديمكم وأسركم بصحة وعافية، وألا تروا مكروهاً.

والحياة هكذا كما قال الشاعر:

وما الدهر إلا هكذا فاصبرَنَّ له

رزيةُ مال أو فراق حبيب

وقد كانت الصدمة بفراق حبيبنا وصهرنا أليمة على نفوسنا، لكننا صبرنا والحمد لله، والصبر عند الصدمة الأولى. واحتسبنا مصيبتنا عند الله وإيماننا، والحمد لله فوق الآلام والأحزان، وتمثلنا قول الله عز وجل في القرآن المجيد: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".

رحم الله فقيدنا وفقيدكم الغالي، وأسكنه فسيح جناته، والحمد لله رب العالمين.

وإليكم ما قلت فيه يوم رحيله في 1 شوال 1441هـ:

الراحل خالد جميل الصدقة

ما مرَّ بي مُذ أن أُصِبتُ بمُهجتي

عدنانَ حُزنٌ هزَّ كلَّ كياني

حتى أتانيَ نَعْيُ صِهريَ خالدٍ

فالنومُ منْ ألمِ الفراقِ جفاني

قد كانَ خالدُ كوكباً مُتألِّقاً

بين الرفاقِ فقد خَبا بثواني

وتركتنا يا خالدٌ متعجِّلاً

للقاءِ ربٍّ مُنعِمٍ مَنَّانِ

أُمُّ اللُّغاتِ على فراقِكَ خالدٌ

لَبِستْ ثيابَ اليُتْمِ من قَطِرانِ

والعلمُ بعدكَ راحَ يندُبُ حَظَّهُ

فأُصيبَ بعدكَ في عمى الألوانِ

والشِّعرُ أرخى للبكاءِ عِنانَهُ

يمشي الهُوَينى مُطْرِقَ الأجفانِ

والنبكُ تعرفُ للفقيدِ مكانَهُ

كالمِسكِ سُمعتُهُ بكلِّ مكانِ

وتركْتَ خلفَكَ أُسرةً مكلومةً

تدعو لكَ الرحمنَ بالغفرانِ

لا تحسَبوا يا قومُ أنّيَ محبَطٌ

لا لن يكونَ لتاليَ القرآنِ

فأنا على الصَّبرِ الجميلِ مُجَرَّبٌ

عُلِّمتُهُ من سيِّدِ الأكوانِ

(أبويامنٍ) صهري وسابعُ أنجمي

لا تعذُلونيَ في البُكا إخواني

إن كنتُ يا مولايَ جاوزتُ المَدى

فارحمْ إلهيَ عبدَكَ اللهفانِ

فلأنتَ عنديَ يا إلهيْ المُرتَجى

في كلِّ أمرٍ يا عظيمَ الشانِ

قد حلَّ ضيفٌ عند بابكَ خالقي

أدخلْهُ ربِّيَ جنةَ الرِّضوانِ

صلّى على المختارِ ربِّيَ دائماً

ما أشرقتْ شمسٌ على الغُدرانِ

ولقد رَثَيْتُكَ يا فقيديَ مُخلِصاً

كمْ كنتُ أُوثِرُ أن يكونَ رثاني

*(والد زوجة الراحل)