قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إن أهداف عمليات الاستحواذ على الشركات أو اندماج الشركات مع بعضها، متعددة ومن أهمها التوسع في قاعدة العملاء والعمليات، والزيادة في الحصة السوقية أو زيادة السيطرة، وتقليل المصروفات التشغيلية الدخول في أسواق جديدة، أو الحصول على موارد جديدة مثل الموارد البشرية أو التقنية أو الاستفادة من التشريعات ومواءماتها.

في التفاصيل، وخلال السنوات التسع الأخيرة (2011 – 2019)، شهدت الكويت نحو 317 صفقة إندماج واستحواذ وبقيمة إجمالية بلغت 17.9 مليار دولار، حسب تحليلنا للبيانات المتوفرة من خلال موقع ريفينيتيف (Refinitiv).

Ad

وقمنا بتقسيم صفقات الاندماج والاستحواذات خلال الفترة المذكورة لحقبتين مختلفتين، تمتد الحقبة الأولى للسنوات ما بين 2011 - 2015 والحقبة الثانية للسنوات 2016 – 2019، علماً أن الكويت حققت في الحقبة الأولى فوائض في ميزانية الدولة بإجمالي بلغ نحو 47.6 مليار دينار أو نحو 158 مليار دولار، بينما حققت في الحقبة الثانية عجزاً بنحو 19.3 مليار دينار أو نحو 64 مليار دولار نتيجة تراجع أسعار النفط.

في الحقبة الأولى، شهد عدد صفقات الإندماج والاستحواذ اتجاها متصاعدا، إذ سجلت الكويت 203 صفقات اندماج واستحواذ بمعدل سنوي بلغ نحو 41 صفقة خلال السنوات 2011-2015 ولكن خلال الحقبة الثانية تراجع عدد الصفقات إلى نحو 114 صفقة بمعدل سنوي بلغ نحو 29 صفقة خلال السنوات 2016 –2019.

ولكن كانت الصورة مغايرة بالنسبة إلى قيمة الصفقات، إذ بلغ إجمالي قيمة الصفقات خلال 2011-2015 نحو 8.3 مليارات دولار، مقارنة بنحو 9.6 مليارات دولار للحقبة الثانية 2016-2019 أو بمعدل نحو 84 مليون دولار للصفقة الواحدة، أي أكثر من ضعف معدل قيمة الصفقات خلال الحقبة الأولى.

ووفقاً لنفس المصدر، كانت هناك تسع صفقات ضخمة (قيمة الصفقة الواحدة أكثر من 400 مليون دولار) خلال السنوات 2011-2019، إذ سجلت خمس صفقات ضخمة خلال السنوات2011-2015 بإجمالي قيمة نحو 3.6 مليارات دولار (أو نحو 44 في المئة من إجمالي قيمة صفقات الحقبة الأولى)، أي بمعدل نحو 730 مليون دولار للصفقة الواحدة، مقارنة بأربع صفقات ضخمة خلال السنوات 2016-2019 بإجمالي نحو 6.7 مليارات دولار (نحو 70 في المئة من إجمالي قيمة صفقات الحقبة الثانية)، أي بمعدل نحو 1.7 مليار دولار للصفقة الواحدة.

وإذا استثنينا قيمة الصفقات الضخمة من الإجمالي، ينخفض معدل قيمة الصفقة الواحدة خلال فترة التحليل (2011 - 2019) إلى نحو 25 مليون دولار للصفقة الواحدة، ويتلاشى الاختلاف في معدل قيمة الصفة الواحدة خلال الحقبتين (نحو 24مليون دولار للحقبة الأولى و26 مليوناً للحقبة الثانية).

وكانت حصة الشركات أو المجموعات المحلية أو الوطنية من إجمالي قيمة الصفقات هي الأعلى خلال السنوات 2011 – 2015 عندما حققت نحو 39.6 في المئة من الإجمالي لنفس الفترة مقارنة بنحو 32.9 في المئة للصفقات المنفذة من الشركات العالمية و27.5 في المئة للصفقات المنفذة من الشركات الخليجية.

وتغير الترتيب في الحقبة الثانية 2016 – 2019 إذ ساهمت الصفقات المنفذة من الشركات الخليجية نحو 57.1 في المئة من الإجمالي، تلاها قيمة الصفقات المحلية بنسبة 29.1 في المئة من الإجمالي، ثم الصفقات المنفذة من الشركات العالمية بنسبة 13.7 في المئة.

ومع تراجع أسعار البترول وتأثيرها مباشرة على الاقتصاد المحلي، فقد تغير توجه صفقات الاندماج والاستحواذ من صفقات الاستحواذ على الأغلبية (أو شراء الأصول بالكامل) إلى صفقات شراء حصص أقلية في الشركات، إذ بلغت قيمة صفقات الاستحواذ على الأغلبية نحو 49.8 في المئة من إجمالي قيمة الصفقات في الفترة 2011 – 2015 مقارنة بنحو 35.2 في المئة في الفترة 2016 - 2019، بينما ارتفعت صفقات شراء حصص أقلية من 38 في المئة للسنوات 2011 – 2015 إلى نحو 53.7 في المئة للسنوات 2016 – 2019.

سيكون لوباء كوفيد-19 بالإضافة إلى ضعف أسعار النفط تأثير سلبي كبير على الاقتصادات المحلية والإقليمية وبالتالي على أداء معظم القطاعات والشركات المحلية.

وحالة عدم اليقين قد ينتج عنها إلغاء أو تأجيل بعض صفقات الاندماج والاستحواذ التي كانت قيد التنفيذ أو الإعداد نتيجة المخاطر المرتفعة التي يمثلها الوباء وتأثيرها على الافتراضات التي بنيت عليها الصفقة، أو تغير أولويات الأطراف الداخلة في الصفقة، أو نتيجة عدم توفر التمويل الخارجي الضروري لتنفيذ الصفقة.

وكذلك قد يكون للتحديات اللوجستية التي تسببها (وسوف تستمر في تسببها في المدى المنظور) جائحة كورونا تأثير كبير على هذه الصفقات، حيث لم يعد من الممكن عقد الاجتماعات المتواصلة المباشرة لتسريع المفاوضات أو الحصول على الموافقات الضرورية من الجهات الرقابية.

وقد بلغ إجمالي قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ في العالم نحو 730.5 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2020، بانخفاض بنسبة 25 في المئة عن مستويات العام الماضي، وفقاً لبيانات متوفرة من ريفينيتيف (Refinitiv).

في المقابل، وفي مثل هذه الظروف تُخلق فرص كبيرة ومتنوعة لصفقات الاندماج والاستحواذ. فمثلاً الأداء الضعيف في البورصة المحلية جعل أسعار أسهم العديد من الشركات المدرجة منخفضة، مما قد يجعلها فرصة مناسبة للاستحواذ.

إن عدم اليقين بشأن الآفاق المستقبلية والمخاطر التي لا يمكن قياسها وتخلق تحديات كبيرة فهو من صميم صانعي الصفقات، الذين يطمحون الحصول على فرص جيدة بأسعار رخيصة نسبيا.

وأخيرا، هناك بعض القطاعات والأعمال (مثل الرعاية الصحية، الخدمات اللوجستية والاتصالات) قد استفادت من جائحة كورونا، ولا بد أن تكون الشركات العاملة في هذه القطاعات هدفاً للاستحواذ من المستثمرين الذين ليس لديهم استثمارات في هذه القطاعات.