عدم ظهور الأعراض عند المصابين يساعد في انتشار فيروس كورونا في البلاد، فكيف نتأكد من انتهاء الوباء أو إذا بدأ بالظهور من جديد؟

"كوفيد-19" مسؤول عن انتشار وباء سريع تخطى الملايين في عدد الإصابات، مما استدعى منظمة الصحة العالمية أن ترفع تصنيف درجة تعاطيها مع الفيروس من وباء إلى جائحة، وعلى الرغم من أن المسار الرئيس لانتقال الفيروس عن طريق الرذاذ والتقارب الاجتماعي فإن الانتقال الثانوي عبر مياه الصرف الصحي وارد، لذلك على مهندسي المياه والمهنيين فهم طبيعة الفيروس والتدابير الفعالة لحماية الصحة العامة.

Ad

أظهرت الدراسات مع أنواع السلالات السابقة أن الفيروس يستطيع أن يبقى لفترة كافية في مياه المجاري التي تنشأ من المناطق الموبوءة ومن المستشفيات، وخصوصا وحدات الأمراض المعدية، حتى الآن تم تأكيد ظهور الفيروس في مياه مجاري هولندا والولايات المتحدة والسويد، وذلك يستدعي أخذ تدابير احترازية لتطهير هذه المياه قبل تصريفها في شبكة الصرف الصحي، فقد أصدرت إدارة السلامة والصحة المهنية الأميركية توجيهها الجديد للعاملين في مياه الصرف الصحي في فبراير 2020 مشيرة إلى أن تقنيات التطهير الحالية المستخدمة في محطات المعالجة مثل الأكسدة بالكلور والتعطيل بالأشعة فوق البنفسجية فعالة في تطهير مياه المجاري من "كوفيد-19"، كما أن تقنية المعالجة بأغشية المفاعلات الحيوية فعالة أيضا لأن الفيروسات تتركز بشكل كبير في المواد الصلبة العالقة التي تتم إزالتها بكفاءة بواسطة آليات الترشيح.

في الكويت تعمل محطات المعالجة على تحويل مياه المجاري إلى مياه صالحة ليتم استخدامها في ري المسطحات الخضراء على الطرق والمناطق السكنية وملاعب الغولف والحدائق والمطارات والمقرات الحكومية وفي نوافير مراكز التسوق الكبرى والمحميات الطبيعية وإنتاج بعض أنواع الأعلاف للماشية مثل البرسيم، كما يعمل قسم الهندسة الصحية في وزارة الأشغال العامة على تنفيذ مشروع "التدفق الصفري" الذي يهدف إلى تقليل تدفق مياه الصرف الصحي المعالجة وغير المعالجة في البيئة إلى "صفر" بإعادة استخدامها كليا للأغراض السابقة.

ولكن مازال هناك نسبة من مياه المجاري غير المعالجة يتم تصريفها إلى البحر مباشرة، بالرغم من أن محطات المعالجة تعمل بكفاءة، لأن كمية التدفق اليومي لمياه المجاري تفوق الطاقة الاستيعابية للمحطات الحالية، فبشكل عام تحتوي مياه المجاري على مجموعة من مسببات الأمراض بما في ذلك البكتيريا والطفيليات والفيروسات ونسبة مرتفعة من الفوسفات والنيتروجين مما تؤدي إلى انخفاض حاد في نوعية مياه البحر أو زيادة انتشار الأمراض الوبائية عند ملامسة مسببات الأمراض، بالإضافة إلى انتشار الطحالب التي قد تقتل الأسماك والكائنات الدقيقة في المياه وتقلل التنوع البيولوجي.

يجب على الجهات المعنية تقييم كفاءة المحطات الحالية لمعالجة وتطهير مياه الصرف الصحي، ويجب إنشاء نظام لمراقبة دورة الفيروس في مياه المجاري واحتمالية بقائه لفترة في مياه البحر، وبالنظر إلى أنه لن يتم فحصها مخبريا فيمكن أخذ عينات من مياه المجاري بصورة دورية للكشف عن مدى تركيز الوباء في المناطق أو كإنذار مبكر للفيروس إذا عاد إلى البلاد بعد انتهاء الجائحة لأن محطة معالجة واحدة تلتقط مياه الصرف الصحي لأكثر من مليون شخص.

عندما تكون كفاءة أنظمة المياه والصرف الصحي غير كافية فإن خطر العثور على فيروسات جديدة أو إعادة انتشارها يكون مرتفعا جدا، فهل تتحمل الدول مسؤولية مشتركة في نشر الوباء؟ في سيناريو مسؤول ومثالي على حكومات الدول دعم وتمويل أنظمة المياه والصرف الصحي في بعض المناطق النائية حول العالم من أجل حماية مواطني بلدانهم أيضا.

* أستاذ موارد المياه، قسم الهندسة المدنية، جامعة الكويت