يتنوع في دول العالم الثالث توظيف الفنون، وبصفة خاصة الدراما، فهناك توظيف إيجابي يخدم تنمية المجتمع واندماجه بعضه مع بعض، من أجل هدف وطني يخدم الجميع، وهناك توظيف لأهداف تخدم السلطة أو الأطراف النافذة في المجتمع.

وبسبب إشكالية توظيف التاريخ في الكويت، للحصول على مزايا وامتيازات من الثروة والحكم، بدأنا نرى توظيفاً مكثفاً للدراما -في مسلسلات رمضان الأخير- لخدمة ادعاءات البعض عن دوره في التاريخ الكويتي بأنه ذو شأن في السلطة والمال، ليبرر ما يريد الاستيلاء عليه حالياً.

Ad

وهي أمور لا تقدم ولا تؤخر إلا في الدول المتخلفة، التي لا يستطيع الفرد فيها الحصول على مكاسب بإبداعاته وخدماته المبتكرة لوطنه، فيلجأ إلى التاريخ ليبرر سطوته على شؤون البلد ووضع يده على ثرواته، بالحق أحياناً وبالباطل غالباً.

لم نرَ أحفاد جورج واشنطن أو هنري فورد أو ونستون تشرشل ولا شارل ديغول ولا غاندي، وغيرهم من عظماء خدموا أوطانهم، يطالبون بحقهم في السلطة والمال في دولهم، بسبب ارتباطهم الجيني بهؤلاء العظماء، في حين أن الأسر الحاكمة التي تتوارث السلطة جينياً هناك دساتير ومواثيق في الدول الديمقراطية تنظم طرق حكمها وعلاقاتها مع شعوبها وحكوماتها.

من الغباء أن نستمر في الكويت في تصنيف الناس وفقاً لمكان هجرتهم الأصلي، أو ننسب البلد لقبيلة معينة لملكيتها مكاناً ما في البلاد، أو نربط الانتماء الوطني بمفردات أو لهجة معينة.

من يبحث عن هذه الأمور الشكلية، ونحن في الألفية الثالثة، هو شخص يشعر بالنقص في شرعية تمثيله وأحقية مناصبه، وتأنيب الضمير، بما يجنيه من مكاسب دون وجه حق، لذا يبحث عما يبرر له ذلك.

الكويت كما أشار أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في خطابه عشية عيد الفطر، لن تكون بعد أزمة كورونا كما كانت، ويجب رسم مستقبلها بشكل جديد، فهل سيتم رسم مستقبلها بإشكاليات تاريخية وتشكيل مداد المستقبل من ادعاءات تاريخية، أم بعمل وطني موحد يقوم على المساواة ووحدة المجتمع ومكافأة المبدع والمخلص للوطن وعدالة اجتماعية نافذة؟!