تلقى حلفاء إيران في البرلمان العراقي بقلقٍ معلن، نبأ الجولة الخليجية التي قام بها وزير المالية العراقي علي علاوي هذا الأسبوع، معتبرين إياها مدخلاً لخطوات تقارب أكبر، لا مع المحيط العربي، بل لاستئناف شراكة واسعة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ربما تعرقل مطالبات الجناح المتشدد في بغداد بشأن انسحاب القوات الأميركية، وتقليص التعاون في مجالات حساسة أخرى.

وقال مصدر مقرب من وزير المالية العراقي إن مجمل أهداف الزيارة والمباحثات التي أجراها علاوي في الرياض ثم الكويت، كانت تركز على أن الأمن القومي لمنطقة الخليج والعراق مترابط على مستوى الأزمات ويتطلب مرحلة تعاون جديدة.

Ad

وأضاف المصدر أن التعاون بين العراق ومحيطيه العربي والدولي تعرض لتباطؤ منذ صيف 2019 حين قدَّمت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي تنازلات أكثر مما ينبغي، لإيران في مجالات أمنية واقتصادية، مشيراً إلى أن أجندة الحكومة الجديدة، التي يترأسها مصطفى الكاظمي، تريد استئناف تنشيط العلاقات مجدداً، خصوصاً مع بروز تحديات كبيرة مثل انهيار أسواق النفط ووباء «كورونا»، واستمرار التوتر بين واشنطن وطهران، وتداعيات ذلك على العراق وجيرانه الخليجيين.

وفي حديث مع «الجريدة»، أكد هذا المصدر المقرب من علاوي، الذي يحاول حشد دعم إقليمي ودولي للعراق وسط أزمات عميقة، أن بغداد اتخذت قراراً بالذهاب إلى مدى بعيد في التعاون الاستثماري مع الرياض والكويت في مجالات تركز على إنتاج الغاز والطاقة الكهربائية، كما تتضمن مشاريع صناعية وزراعية، وأخرى تتعلق بالتجارة الدولية وفرصها الكبيرة في منطقة شمال الخليج.

ورأى أن الوقت حان لتصحيح أخطاء حكومة عادل عبدالمهدي التي أدت إلى تباطؤ العمل المشترك، سواء مع دول الخليج أو الولايات المتحدة، وأنه لا يمكن لبغداد أن تبقى رهينة الأزمات المتراكمة في طهران وحلفائها من الفصائل المسلحة في العراق ولبنان، وتدخلها المتزايد في ملفات السياسة والاقتصاد.

لكن نواباً وساسة مقربين من طهران يعربون عن قلق جدي من هذه التحركات السريعة نحو الخليج، وهي أول نشاط دبلوماسي كبير تقوم به حكومة الكاظمي منذ تسلمها المهام مطلع الشهر الحالي.

واعتبر هؤلاء أن التعاون الذي يلمحونه يتعدى تسهيلات مالية واستثمارية تساعد بغداد على تخفيف أزمتها الاقتصادية، بل قد تعني استغناءً عن معدلات ملحوظة من ميزان التبادل التجاري مع إيران، التي تجني مليارات الدولارات سنوياً من جراء نقص الإنتاج العراقي في حقول الطاقة أو تأمين إمدادات الغذاء والسلع.

وتضخ وسائل الإعلام الموالية لإيران في العراق مواد يومية تحذر من انخراط بغداد في حلف مع الخليج والمحور الغربي، مشيرة إلى أن ذلك سينعكس على الحوار الاستراتيجي المقرر انطلاقه بين بغداد وواشنطن بشأن مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، ومستويات التعاون الأمني ضد الإرهاب، والموقف من معالجة الميليشيات الموالية لطهران، والتي تتصاعد مطالبات حركة الاحتجاجات العراقية بتقييدها وحلها لضبط فوضى السلاح التي توصف بأنها معرقل أساسي لانفتاح الاقتصاد المحلي.