لما كانت الليلة التاسعة بعد الستمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما سألها الفقيه الثاني وأجابته وقال لها: أحسنت، قالت: يا أمير المؤمنين إنه قد سألني حتى عيي، وأنا أسأله مسألتين، فإن أتى بجوابهما فذاك وإلا أخذت ثيابه وانصرف بسلام، فقال لها الفقيه: سليني ما شئت، قالت: فما تقول في الإيمان؟ قال: الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالجوارح. قالت: فأخبرني عن فرض الفرض وعن فرض في ابتداء كل فرض وعن فرض يحتاج إليه كل فرض وعن سنة داخلة في الفرض وعن سنة يتم بها الفرض. فسكت ولم يجب بشيء، فأمرها أمير المؤمنين بأن تفسرها وأمره أن ينزع ثيابه ويعطيها إياها، فعند ذلك قالت: يا فقيه، أما فرض الفرض فمعرفة الله تعالى، وأما الفرض الذي في ابتداء كل فرض فهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وأما الفرض الذي يحتاج إليه كل فرض فهو الوضوء، وأما الفرض المستغرق كل فرض فهو الغسل من الجنابة، ثم أكملت حديثها عن بعض الأمور الدقيقة... فعند ذلك تبين عجز الفقيه وقام على قدميه وقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين أن هذه الجارية أعلم مني بالفقه وغيره، ثم نزع ثيابه وانصرف مقهوراً.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

Ad

مناظرة الطبيب

وفي الليلة العاشرة بعد الستمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما غلبت الفقيه الثاني ونزع ثيابه وانصرف خجلاً تقدم إليها الطبيب الماهر وقال: فرغنا من علم الأديان فتيقظي لعلم الأبدان وأخبريني عن الإنسان وكيف خلقه وكم في جسده من عرق وكم من عظم وكم من فقارة وأين أول العروق ولمي سمي آدم؟ قالت: سمي آدم لأُدمته أي سمرة لونه، وقيل: لأنه خلق من أديم الأرض أي ظاهر وجهها، صدره من تربة الكعبة ورأسه من تربة المشرق ورجلاه من تربة المغرب وخلق الله له سبعة أبواب في رأسه وهي: العينان والأذنان والمنخران والفم، وجعل له منفذين قبله ودبره، فجعل العينين حاسة النظر والأذنين حاسة السمع والمنخرين حاسة الشم والفم حاسة الذوق وجعل اللسان ينطق بما في ضمير الإنسان، وخلق آدم مركباً من أربعة عناصر وهي: الماء والتراب والنار والهواء، فكانت الصفراء طبع النار وهي حارة يابسة، والسوداء طبع التراب وهو بارد يابس، والبلغم طبع الماء وهو بارد رطب، والدم طبع الهواء وهو حار رطب، وخلق في الإنسان ثلثمئة وستين عرقاً ومئتين وأربعين عظماً وثلاثة أرواح حيواني ونفساني وطبيعي، وجعل لكل منها حكماً، وخلق له قلباً وطحالاً ورئتين وستة أمعاء وكبداً وكليتين وأليتين ومخاً وعظماً وجلداً وخمس حواس سامعة وباصرة وشامة وفائقة ولامسة، وجعل القلب في الجانب الأيسر من الصدر، وجعل المعدة أمام الرئة مروحة للقلب، وجعل الكبد في الجانب الأيمن محاذية للقلب، وخلق ما دون ذلك من الحجاب والأمعاء وركب ترائب الصدر وشبكها بالأضلاع. قال: أحسنت، فأخبريني كم في رأس ابن آدم من بطن؟ قالت: ثلاثة بطون، وهي تشتمل على خمس قوى تسمى الحواس الباطنية، وهي الحس المشترك والخيال والمتصرفة والواهمة والحافظة، قال: أحسنت.

هيكل العظام

قال: فأخبريني عن هيكل العظام. قالت: هو مؤلف من مئتين وأربعين عظمة وينقسم إلى ثلاثة أقسام: رأس وجذع وأطراف، أما الرأس فتنقسم إلى جمجمة ووجه، فالجمجمة مركبة من ثمانية عظام ويضاف إليها عظيمات السمع الأربع والوجه ينقسم إلى فك علوي وفك سفلي، فالعلوي يشتمل على أحد عشر عظماً والسفلي عظم واحد ويضاف إليه الأسنان، وهي اثنتان وثلاثون سناً، وكذلك العظم اللامي. وأما الجذع فينقسم إلى سلسلة فقارية وصدر وحوض، فالسلسلة مركبة من أربعة وعشرين عظماً تسمى الفقار والصدر مركب من القفص والأضلاع التي هي أربع وعشرون ضلعاً في كل جانب اثنتا عشرة، والحوض مركب من العظمين الحرقفيين والعجز والعصعص.

وأما الأطراف فتنقسم إلى طرفين علويين وطرفين سفليين، فالعلويان ينقسم كل منهما أولاً إلى منكب مركب من الكتف والترقوة، وثانياً إلى عضد وهو عظم واحد، وثالثاً إلى ساعد مركب من عظمين هما الكعبرة والزند، ورابعاً إلى كتف ينقسم إلى رسخ ومشط وأصابع، فالرسخ مركب من ثمانية عظام مصفوفة صفين كل منهما يشتمل على أربعة عظام، والمشط يشتمل على خمسة عظام، والأصابع عدتها خمس كل منها مركب من ثلاثة عظام تسمى السلاميات، إلا الإبهام فإنها مركبة من اثنين فقط، والطرفان السفليان ينقسم كل منهما أولاً إلى فخذ هو عظم واحد، وثانياً إلى ساق مركب من ثلاثة عظام: القصبة والشظية والرضفة، وثالثاً إلى قدم ينقسم كالكف إلى رسغ ومشط وأصابع. فالرسغ مركب من سبعة عظام مصفوفة صفين، الأول فيه عظمان والثاني فيه خمسة، والمشط مركب من خمسة عظام، والأصابع وعدتها خمس كل منها مركبة من ثلاث سلاميات إلا الإبهام فمن سلاميين فقط. قال: أحسنت.

أصل العروق

قال: فأخبريني عن أصل العروق. قالت: أصل العروق الوتين، ومنه تتشعب العروق، وهي كثيرة لا يعلم عددها إلا الذي خلقها، وقيل إنها ثلثمئة وستون عرقاً، كما سبق، وقد جعل الله اللسان ترجماناً والعينين سراجاً والمنخرين منشقين واليدين جناحين، ثم إن الكبد فيه الرحمة والطحال فيه الضحك والكليتين فيهما المكر والخديعة، والمعدة خزانة والقلب عماد الجسد، فإذا صلح القلب صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله، قال: أخبريني عن الدلالات والعلامات الظاهرة التي يستدل بها على المرض في الأعضاء الظاهرة والباطنة، قالت: نعم، إذا كان الطبيب ذا فهم نظر في أحوال البدن واستدل بجس اليدين على الصلابة والحرارة واليبوسة والبرودة والرطوبة، وقد توجد في المحسوس دلالات على الأمراض الباطنة كصفرة العينين فإنها تدل على اليرقان وتحقق الظهر فإنه يدل الرئة. قال: أحسنت.

العلامات الباطنة

قال لها: فما العلامات الباطنة؟ قالت: إن الوقوف على الأمراض بالعلامات الباطنة يؤخذ من ستة قوانين: الأول من الأفعال والثاني مما يستغفر من البدن والثالث من الوجع والرابع من الموضع والخامس من الورم والسادس من الأعراض. قال: أخبريني بم يصل الأذى من الرأس؟ قالت: بإدخال الطعام على الطعام قبل هضم الأول والشبع على الشبع فهو الذي أفنى الأمم، فمن أراد البقاء فليباكر بالغداء ولا يتمس العشاء، وليقلل وليخفف الرداء، وألا يكثر الفصد ولا الحجامة وأن يجعل بطنه ثلاثة أثلاث ثلثا للطعام وثلثا للماء وثلثا للتنفس، لأن مصران بني آدم ثمانية عشر شبراً يجب أن يجعل ستة للطعام وستة للشراب وستة للتنفس، وإذا مشى برفق كان أوفق له وأجمل لبدنه وأكمل لقول تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحاً).

علامة الصفراء

قال: أحسنت، فأخبريني ما علامة الصفراء وماذا يخاف منها؟ قالت: تعرف بصفرة اللون ومرارة الفم والجفاف وضعف الشهوة وسرعة النبض، ويخاف صاحبها من الحمى المحرقة والبرصام والحمرة واليرقان والورم وقروح الأمعاء وكثرة العطش، فهذه علامات الصفراء. قال: أحسنت، فأخبريني عن علامات السوداء وماذا يخاف على صاحبها إذا غلبت على البدن؟ قالت: إنها تتولد من الشهوة الكاذبة وكثرة الوسوسة والهم والغم، فينبغي حينئذٍ أن تستفرغ وإلا تولد منها الماليخوليا والجذام والسرطان وأوجاع الطحال وقروح الأمعاء. قال: أحسنت، فأخبريني إلى كم جزء ينقسم الطب؟ قالت: ينقسم إلى جزءين: أحدهما علم تدبير الأبدان المريضة والآخر كيفية ردها إلى حال صحتها.

المعدة بيت الداء

قال: فأخبريني أي وقت يكون شرب الأدوية أنفع فيه منه في غيره؟

قالت: إذا جرى الماء في العود، وانعقد الحب في العنقود، وطلع سعد السعود فقد دخل وقت نفع شرب الدواء وطرد الداء. فقال: أخبريني عن وقت إذا شرب فيه الإنسان من إناء جديد يكون شرابه أهنأ وأمرأ منه في غيره، وتصعد له رائحة طيبة زكية. قالت: إذا صبر بعد أكل الطعام ساعة. قال: فأخبريني عن طعام لا تتسبب عنه أسقام، قالت: هو الذي لا يطعم إلا بعد الجوع، وإذا طعم لا تمتلئ منه الضلوع لقول جالينوس الحكيم: من أراد إدخال الطعام فليبطئ ثم لا يخطئ، وكما قيل: المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، وأصل كل داء البردة، يعني التخمة.

الماء والحجامة

قال لها: أخبريني أي الطعام أفضل؟ قالت: ما صنعت النساء وقل فيه العناء وأكلته بالهناء، وأفضل الطعام الثريد، ثم قال: فأي الأكل أفضل؟ قالت: اللحم، أفضل الأدم اللحم لأنه لذة للدنيا، قال: فأخبريني أي اللحم أفضل؟ قالت: الضأن، ويجتنب القديد لأنه لا فائدة فيه، قال: أخبريني عن الفاكهة، قالت: كُلْها في إقبالها واتركها إذا انقضى زمانها، قال: فما تقولين في شرب الماء؟ قالت: لا تشربه شرباً ولا تعبّه عباً، فإنه يؤذيك صداعه ويشوش عليك من الأذى أنواعه، ولا تشربه عقب الطعام، ولا عقب يقظتك من المنام.

قال: فما تقولين في الحجامة؟ قالت: ذلك لمن كان ممتلئاً من الدم، وليس فيه نقصان في دمه، فمن أراد الحجامة فليحتجم في نقص الهلال، في يوم بلا غيم ولا ريح ولا مطر، ويكون في السابع عشر من الشهر، وإن وافق يوم الثلاثاء كان أبلغ في النفع، ولا شيء أنفع من الحجامة للدماغ وتصفية الذهن. قال: أخبريني عن أحسن الحجامة، قالت: أحسنها على الريق، فإنها تزيد في العقل وفي الحفظ، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام؛ أنه كان ما اشتكى إليه أحد وجعاً في رأسه أو رجليه إلا قال له: احتجم. وإذا احتجم لا يأكل على الريق مالحاً فإنه يورث الجرب، ولا يأكل على أثره حامضاً، قال: فأي وقت تكره فيه الحجامة؟ قالت: يوم السبت والأربعاء، ومن احتجم فيها فلا يلومن إلا نفسه ولا يحتجم في شدة الحر ولا في شدة البرد، وخيار أيامه أيام الربيع، قال: فأخبريني عن أفضل الفواكه؟ قالت: الرمان والأترج، قال: فأخبريني عن أفضل البقول، قالت: الهندباء، قال: فما أفضل الرياحين؟ قالت: البنفسج والورد، قال: فأخبريني عن طير يمني ويحيض، قالت: هو الخفاش (أي الوطواط)، قال: فأخبريني عن شيء إذا حبس عاش وإذا شم الهواء مات، قالت: هو السمك، قال: فأخبريني عن شجاع يبيض؟ قالت: الثعبان. فعجز الطبيب من كثرة أسئلته وسكت.

مساكن الأشراف

فقالت الجارية: يا أمير المؤمنين، إنه سألني حتى عيي وأنا أسأله مسألة واحدة، فإن لم يجب أخذت ثيابه حلالاً لي، قال لها الخليفة: سليه، قالت: ما تقول في شيء يشبه الأرض استدارة ويوارى عن العيون فقاره، قليل القيمة والقدر، ضيق الصدر والنحر، مقيد وهو غير آبق، موثق وهو غير سارق، مطعون لا في القتال، مجرو لا في النضال، يأكل الدهر مرة ويشرب الماء من كثرة، وتارة يضرب من غير جناية ويستخدم لا من كفاية، مجموع بعد تفرقة، متواضع، ويعد فلا يصيح أكرم من النديم وأبعد من الحميم، مسكنه الأطراف في مساكن الأشراف.

فسكت الطبيب ولم يجب بشيء، وتحير في أمره وتغير لونه وأطرق برأسه ساعة ولم يتكلم، فقالت: أيها الطبيب تكلم، وإلا فانزع ثيابك. فقام وقال: يا أمير المؤمنين، أشهد أن هذه الجارية أعلم مني بالطب وغيره، ولا لي طاقة. ونزع ما عليه من ثياب وخرج هارباً، فعند ذلك قال لها أمير المؤمنين: فسري لنا ما قلتيه. فقالت: يا أمير المؤمنين، هذا الزرار والعروة.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

عالم الكواكب والأفلاك

وفي الليلة الحادية عشرة بعد الستمئة قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية سألت: من كان منكم منجماً فليقم. فنهض إليها وجلس بين يديها، فلما رأته ضحكت وقالت: أنت المنجم الحاسب الكاتب؟ قال: نعم. قالت: اسأل عما شئت وبالله التوفيق. قال: أخبريني عن الشمس وطلوعها وأفولها؟ قالت: اعلم أن الشمس تطلع من عيون وتأفل في عيون، فعيون الطلوع أجزاء المشارق وعيون الأفول أجزاء المغارب، وكلتاهما مئة وثمانون جزءاً. قال الله تعالى: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون)، كما قال عزوجل: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)، فاستحسن المنجم حديثها، ثم قال: أخبريني إذا جاء الليل كيف يكون النهار؟ وإذا جاء النهار كيف يكون الليل؟ قالت: "يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل”، قال: أخبريني عن منازل القمر، قالت: منازل القمر ثمان وعشرون منزلة وهي: السرطان والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسمك والغفر والزبانا والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود، وسعد الأخبية والفرع المقدم والفرع المؤخر والرشاء، وهي مرتبة على حروف أبجد هوز إلى آخرها، وفيها سر غامض لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى والراسخون في العلم، وأما قسمتها على الأبراج الاثني عشر فهي أن تعطي كل برج منزليتن وثلث منزلة، فتجعل الشرطين والبطين وثلث الثريا للحمل وثلثي الثريا مع الديران وثلثي اللعة للثور وثلث الهقعة مع الهنعة والذراع للجوزاء والنترة والطرف وثلث الجبهة للسرطان وثلثيهما مع الزبرة وثلثي الصفة للأسد وثلثها مع العواء والسماك للسنبلة والغفر والزباني وثلث الإكليل للميزان وثلثي الإكليل مع القلب وثلثي الشولة للعقرب وثلثها مع النعايم والبلدة للقوس وسعد الذبائح وسعد بلع وثلث المقدم للجدي وثلثي المقدم مع المؤخر وثلثي الرشا للحوت وثلث الرشا وسعد السعود وسعد الأخبية للدلو.

أبراج السعد والنحس

قال لها المنجم: أحسنت، فاخبريني عن الكواكب السيارة وعن طبائعها، وعن مكثها في الأبراج، والسعد منها والنحس، وأين بيوتها وشرفها وسقوطها؟ قالت: المجلس ضيق ولكن سأخبرك. أما الكواكب فسبعة وهي: الشمس والقمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، فالشمس حارة يابسة نحيسة بالمقارنة، سعيدة بالنظرة، تمكث في كل برج ثلاثين يوماً، والقمر بارد رطب سعيد يمكث في كل برج يومين وثلث يوم، وعطارد ممتزج سعد مع السعود نحس مع النحوس، يمكث في كل برج سبعة عشر يوماً ونصف اليوم، والزهرة معتدلة سعيدة تمكث في كل برج من البروج خمسة وعشرين يوماً والمريخ نحس يمكث في كل برج عشرة أشهر والمشتري سعد يمكث في كل برج سنة. وزحل بارد يابس نحس يمكث في كل برج ثلاثين شهراً والشمس بيتها الأسد وشرفها الحمل وهبوطها الدلو والقمر بيته السرطان وشرفه الثور وهبوطه الحمل ووباله السرطان والأسد، والمشتري بيته الحوت والقوس وهبوطه العقرب ووباله الجدي، وزحل بيته الجدي والدلو وشرفه الميزان والسرطان وهبوطه الجدي ووباله الجوزاء والأسد، والزهرة بيتها الثور وشرفها الحوت وهبوطها الميزان ووبالها الحمل والعقرب، وعطارد بيته الجوزاء والسنبلة وهبوطه الحوت ووباله الثور، والمريخ بيته الحمل والعقرب وشرفه الجدي وهبوطه السرطان ووباله الميزان.

غضب الجارية وضحك الخليفة

لم يود المنجم أن يظهر بشكل مهزوز أمام الخليفة، فلما نظر المنجم إلى حذقها وعلمها وحسن كلامها وفهمها ابتغى له حيلة يخجلها بها بين يدي أمير المؤمنين، فقال لها: يا جارية، هل ينزل في هذا الشهر مطر؟ فأطرقت ساعة، ثم تفكرت طويلاً حتى ظن أمير المؤمنين أنها عجزت عن جوابها، فقال لها المنجم: لم لا تتكلمين؟ فقالت: لا أتكلم إلا إن أذن لي بالكلام أمير المؤمنين، فقال لها أمير المؤمنين: وكيف ذلك؟ قالت: أريد أن تعطيني سيفاً أضرب به عنقه لأنه زنديق، فضحك أمير المؤمنين وضحك من حوله، ثم قالت: يا منجم؛ خمسة لا يعلمها إلا الله تعالى وقرأت: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)، قال لها: أحسنت، إني والله ما أردت إلا اختبارك، فقالت: اعلم أن أصحاب التقويم لهم إشارات وعلامات ترجع إلى الكواكب بالنظر إلى دخول السنة، وللناس فيها تجارب. قال: وما هي؟ قالت: إن لكل يوم من الأيام كوكباً يملكه، فإذا كان أول يوم من السنة يوم الأحد فهو الشمس، ويدل ذلك والله أعلم على الجور من الملوك والسلاطين والولاة وكثرة الوخم وقلة المطر، وأن تكون الناس في هرج عظيم، وتكون الحبوب طيبة إلا العدس، فإنه يعطب، ويفسد العنب ويغلو الكتان ويرخص القمح من أول طوبة إلى آخر برمهات، ويكثر القتال بين الملوك ويكثر الخير في تلك السنة والله أعلم.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى اللقاء في حلقة الغد