قبل أيام افتقدت عائلة حمادة أحد أبنائها العقيد المتقاعد في الداخلية غانم أحمد حمادة، رحمه الله برحمته الواسعة، آلمني يابن خالي نبأ وفاتك وزادني ألما وحزنا أنني لم أشارك في توديعك والصلاة عليك، اتصلت بأخيك مشاري الساعة الثامنة والنصف ليساعدني بالذهاب معهم فأخبرني أنهم قد رجعوا، بالرغم من أنهم كانوا معلنين أن التشييع الساعة 9 صباحا.

قدر الله يا ابن خالي أن يكون رحيلك في هذه الظروف الصعبة، لقد حرم هذا الوباء الخبيث الكثير من أصحابك وأقاربك من توديعك.

Ad

لا أعرف يابن خالي لماذا تذكرت أثناء حزني وألمي على فراقك الذي صدمني لأنك فارقتنا فجأة موقف خليفة رسول الله أبي بكر الصديق عندما رأى المسلمين حيارى بعد وفاة النبي مشدوهين، فخاطبهم بكل ثقة وتؤدة قائلا: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، وتلا عليهم قول الله: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ». (آل عمران، 144).

عندئذ أيقنت أن هذا مصيرنا ومآلنا، فوجودنا في هذه الحياة مؤقت، وكما قال أسلافنا إننا في هذه الدنبا أمانة من الله، والله يسترد ودائعه متى شاء: «كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ* وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ». (الرحمن 26، 27). سبحانه الدائم الحي الذي لا يموت، كتب لنفسه الدوام والبقاء ولمخلوقاته الفناء: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ». (القصص، 88).

ذكرني رحيلك عن عالمنا بوالدك الحبيب ووالدتك، فقد كانا بمثابة نور في حياتنا وحياة الأسرة، نستقي منهما الصبر والحكمة، وتعلمنا منهما أهمية الترابط الأسري ونبذ الخصام والتفكك، رحمك الله يا غانم وأسكنك فسيح جناته، فهو القائل: «كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ». (آل عمران، 185)، أرجو يابن خالي أن تكون من الفائزين برضا ربك فقد قابلته وأنت صائم، وحريص على الصلاة مع الجماعة وفي الصف الأول، وبارك الله في أولادك وجعلهم من عباده الصالحين، وممن يكثرون بالدعاء لك.