أقامت رابطة الأدباء الكويتيين، عبر صفحتها على «انستغرام»، محاضرة «أونلاين» بعنوان «جيل التسعينيات في القصيدة الكويتية»، قدم خلالها الشاعر إبراهيم الخالدي شهادته الأدبية، وأدارتها أمينة الصندوق عضوة مجلس إدارة الرابطة جميلة سيد علي.

في البداية، قدمت جميلة نبذة عن سيرة الخالدي، مشيرة إلى أنه سيتناول قصيدة التفعيلة، وبدايتها وسماتها، وأهم شعرائها في الكويت، موضحة أن شعر التفعيلة له الكثير من الخصائص، ولكنه يتميز بتحول كبير في موسيقي الشعر وأنماط التعبير الإبداعية.

Ad

من جانبه، تحدث الخالدي عن بداية حركة الشعر الفصيح في الكويت، وقال: «كما تعرفون أن المجتمع الكويتي ظهرت فيه بدايات التعليم الحديث والنظامي مع العقد الأول من القرن العشرين، وعندما نبحث في القرن 19، عن شعراء الفصحى نجد أن عددهم قليل، وارتبط في الغالب بما يسمى شعر الفقهاء، فكان شعراء الفصحى الأوائل في الكويت هم من الشعراء العلماء إلى أن بدأ ظهور الشعراء الأدباء، فكان هناك الشاعر عثمان بن سند وهو من شعراء القرنين 18 و19، والشاعر عبدالجليل الطبطبائي وهو أيضاً من الشعراء الفقهاء، والشاعر خالد العدساني، ولكن كما أعتقد أن أول شاعر أديب وكان يكتب الشعر بنوعيه الفصيح والعامي هو الشاعر عبدالله الفرج، الذي توفي عام 1901».

وأضاف الخالدي: «بعد ذلك استمر الشعر الفصيح في الكويت على النمط التقليدي العمودي الأصيل الذي ورثناه عن التراث العربي بظهور شعراء آخرين منهم الشعراء الفقهاء، والشعراء الأدباء».

وأوضح أن «من الشعراء الفقهاء عبدالرحمن الكويتي، وعبدالمحسن البابطين وآخرين، أما الشعراء الأدباء فمنهم عبدالعزيز الرشيد وقد كان أيضا مؤرخ الكويت الأول، والملا زين العابدين بن حسن بن باقر، وأيضا خالد الفرج ظهر في النصف الأول من القرن العشرين».

قصيدة التفعيلة

وأشار الخالدي إلى أن الشعر الفصيح أخذ مكانته في الكويت عبر شاعرين مهمين هما فهد العسكر، وصقر شبيب، مبيناً أن هذين الشاعرين أثرا في الأجيال اللاحقة، خصوصا أن سمعتهما وشهرتهما تعدت الحدود.

وذكر أن فترة الأربعينيات والخمسينيات شهدت ظهور شعراء آخرين مثل محمد شوقي الأيوبي، وعبدالله العثمان.

وتطرق الخالدي إلى قصيدة التفعيلة، وقال: «هي تحول حدث في منتصف القرن العشرين في العالم العربي عبر رواد كان أغلبهم من الشعراء العراقيين مثل نازك الملائكة، وبدر السياب، وتقريبا في الأربعينيات من القرن العشرين».

وأكد أن الكويت تأثرت بهذا التيار الذي استمر فترة من الفترات، وخصوصا في النصف الثاني من القرن العشرين، وأصبح تقريبا هو المسيطر على الساحة الأدبية بدعم من المجلات الأدبية التي ظهرت في ذلك الوقت، موضحاً أن من أوائل من كتب شعر التفعيلة «شاعرنا الكبير علي السبتي الذي كان على علاقة طيبة بأحد رواد هذه القصيدة صديقه الشاعر بدر السياب، فكان السبتي من أوائل من أدخلوا قصيدة التفعيلة المعتمدة في وزنها وشكلها الموسيقي على التفعيلة لا على البيت الشعري، وبعد السبتي ظهر شعراء آخرون منهم محمد الفايز، وفايق العبدالجليل، وفي فترة السبعينيات ظهر الشاعر نايف المخيمر، وسليمان الفليح».

النتاج الأدبي

وذكر الخالدي أن الأديب د. خليفة الوقيان من رواد التحديث في القصيدة الكويتية، مشيراً إلى أن قصيدة التفعيلة استمرت في فترة السبعينيات تأخذ جانبا من جانب النتاج الأدبي، وأن الشعراء الآخرين ظلوا محافظين على الشكل التقليدي في القصيدة مع تجديد داخل المضمون مثل أحمد السقاف، وعبدالله زكريا الأنصاري، وعبدالله العتيبي، ومحمد المشاري، وخالد سعود الزيد وآخرين.

وأضاف: «في فترة الثمانينيات بدأت هذه الحركة الادبية في التغير بسبب كثرة المتعلمين، وبدأ خريجو الجامعات يظهرون في الساحة الأدبية أو الساحة العملية، فظهرت أسماء جديدة منها في أواخر الثمانينيات شعراء حملوا قصيدة التفعيلة نحو تيار القصيدة الحديثة مثل جنة القريني، ونجمة إدريس».

فترة التسعينيات

وتطرق الخالدي لعام 1990، وقال: «حدثت في الكويت الكارثة الكبرى، وهي أزمة الاحتلال، وبعد 1990 تغيرت أشياء كثيرة في نمط الحياة، ونظرتنا إلى الأشياء، وأدى ذلك إلى ظهور تيار شعري في فترة التسعينيات، وظهور أسماء جديدة لم يكن لها وجود في فترة الثمانينيات، وبعضها كان له وجود في أواخر الثمانينيات»، موضحاً أن الشعراء السابقين استمروا وبعضهم التحق بركب القصيدة الحديثة».

ولفت إلى أن جيل التسعينيات متنوع فهناك من كتب قصيدة التفعيله وانحاز لها بشكل واضح، وأيضا بدأ التركيز على قصيدة النثر التي قد شاعت في التيار الأدبي، إضافة إلى استمرار وجود اسماء جديدة من الشباب الذين التزموا بالشكل التقليدي والعمودي للقصيدة، وهذه الكوكبة من الأسماء هي التي شكلت المشهد الشعري خلال فترة التسعينيات.

بعض النماذج

أعطى الخالدي بعض النماذج لشعراء التسعينيات، ومنهم دخيل الخليفة الذي كان له وجود خلال فترة أواخر الثمانينيات ولكن برز بشكل واضح في فترة التسعينيات من خلال قصيدة التفعيلة ثم كان أيضا من أكثر المخلصين لقصيدة النثر، موضحاً أن هناك أسماء ظهرت في فترة التسعينيات ولكن قل وجودها في فترة لاحقة.

وذكر أن سعد فرحان كتب قصيدة التفعيلة بشكل جميل، أما أحمد سعد النبهان فأصدر ديواناً بعنوان «الأب»، في حين أصدر صلاح دبشة مجموعة من الدواوين، واقتحم عوالم قصيدة النثر.

وأوضح أن علي حسين الفليكاوي كان شاعراً مبدعاً وأصدر دواوين، أما الراحل علي الصافي فبدأ كتابة القصيدة العامية ثم انتقل في أواخر التسعينيات لكتابة القصيدة الفصيحة حتى النثر ثم أصدر ديواناً مهماً بعنوان «خديجة لا تحرك ساكنا».

وأوضح الخالدي أنه أصدر ديوانه الأول في عام 1994، وأيضا كانت بدايته في كتابة قصيدة التفعيلة، ولديه ديوان خامس ولكنه يتمهل في طباعته إلى أن يرى الطريقة الجديدة في النشر. وأوضح أنه في فترة التسعينيات كان هناك أيضا وجود للشعر الأصيل للقصيدة الفصيحة بشكل كلاسيكي، لافتا إلى أن الأسماء التي ذكرها كلها «رجالية»، ولم يذكر أي شاعرة خلال هذه الفترة. وأضاف أن «الكويت ولادة وهناك أسماء نسائية لدينا ولكننى من الصعب أن أجد شاعرة تنتمي لفترة التسعينيات، بمعنى أنها بدأت في التسعينيات، ولم يكن لها حضور قبل ذلك، مثلا جنة القريني التي كان لها وجود في الأمسيات، وكان لها ظهور في فترة الثمانينيات، وأعتقد أنها من جيل سبقنا في هذه الفترة، وأيضا الشاعرة د. نورة المليفي وهي من الشاعرات التي كان لها تواجد خلال فترة الثمانينيات من خلال الجامعة، وشاركت معنا في فترة التسعينيات».

وتابع: «في القصيدة الحديثة أيضا لا نستطيع أن ننكر اسما مهما هي الشاعرة سعدية مفرح، فقد تواجدت في أواخر الثمانينيات، وتواجدت معنا في التسعينيات».