يشهد العالم أكبر تحديات في وزارات الصحة والتجارة والداخلية، للحفاظ على سلامة وأمن البلاد من جائحة كورونا المتفشية. بينما ظهرت صناعة وتدريب الأفراد التطوعية، ودخلت جو المنافسة العظيمة والتسابق على احتواء هذه الجائحة عالمياً من كل النواحي. ولعبت وزارات الصحة في العالم أكبر تحدٍ لمواجهته عندما جنَّدت الأطباء والممرضين والصيادلة كخط دفاع أمامي عن الإنسانية في وجه هذا الفيروس. كما لم تتأخر المختبرات الدوائية في التجارب والأبحاث، لإيجاد علاج أو لقاح علاجي لوقف همجية فيروس كورونا، أو ما يُعرف بـ"COVID-19"، الذي اجتاح العالم بسرعة كبيرة، ليحصد من الأرواح ما لم يُحصَ عدده بعد.

وقد وصفت منظمة الصحة العالمية دور الكويت المتميِّز في السرعة والحسم والشمول في السيطرة على جائحة "كوفيد-19"، واعتبرتها من أول البلاد العالمية التي سبقت في مواجهته، باتخاذ جميع الإجراءات والسُّبل لحماية مَن على أرضها، ومنع فرص انتشاره؛ براً وجواً وبحراً. كما تم ضخ الأموال وتذليل العقبات، في سبيل أخذ كل تدابير الوقاية والرعاية، على حد سواء، بما فيها القوى البشرية العاملة والمتطوعة والمُحبَّة للسلام والأمن والأمان لهذه الأرض من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات والأديان.

Ad

لقد لعب التطوع دوراً مهماً في مساعدة تلك الجهات الرسمية في خدمة الضعفاء والمتعففين والمرضى، والناس على حد سواء. غير أن للتطوع ثقافة خاصة قد لا يعلمها الكثيرون، تحددها القيم الإنسانية والمبادئ والأخلاقيات التي نمارسها بما يُرضي الله تعالى، والتي تحض على عمل الخير الذي يتعدى نفعه إلى الغير، تطوعاً وحباً في الأجر من الله تعالى من غير إلزام أو إكراه. وقد يصل التطوع بمفهوم ديننا الإسلام الحنيف إلى "فروض الكفاية" حين تكون الأعمال التي يتعيَّن القيام بها لمصلحة المجتمع أو الأمة كلها، وهذا ما نراه في الكوادر الطبية كلها وهي تضحي على قلب واحد حباً وواجباً وتطوعاً، تضحية في سبيل حفظ سلامة الجميع، وحماية البلاد من هذا الوباء والتصدي له، في ظل الحكومة الرشيدة، وعلى رأسها قائد الخير والسلام أمير البلاد "أبونا" سمو الشيخ صباح الأحمد، فجزاه الله وجزاهم خيراً، وحفظهم الله جميعاً، وحفظنا من كل شر وسوء.

ولم يحظَ العمل التطوعي في أي ثقافة أجنبية بمثل المكانة التي حظي بها في الثقافة الإسلامية. ومع ذلك، فإن الكثير من المتطوعين يفتقدون ذلك، مندفعين بالعمل إلى التقليد الأعمى في العمل، وبث التنافس السلبي، والجري وراء الشهرة في هذا العمل، في ظل مواقع التواصل الاجتماعي، فيختلط الأجر عليهم بالرياء والنفاق، والعياذ بالله. هذا وقد يصل الاختلاف في الرأي على تنظيم العمل إلى المشاجرة والنزاع والانقسام في الفريق الواحد، بدلاً من نشر المحبَّة والتعاون، والاستفادة من الخبرات بين المتطوعين أنفسهم، أو أن يكون "أمرهم شورى بينهم"، والذي هو من صميم الشرائع السماوية، وعلى رأسها الإسلام، والأمثلة كثيرة جداً في السُّنن النبوية، وأقلها "الابتسامة"، حتى تصل إلى التضحية بالنفس، كما تفعل الكوادر الطبية اليوم وبعض المتطوعين في عمل الخير والبر والإحسان وإيثار الآخرين على النفس، والاحتساب، وبالكلمة الطيبة.

نسأل الله تعالى أن يغفر لنا جميعاً، ويكشف هذه الغُمة عن الأمة والعالم أجمعين. وننصح بتدريب المتطوعين، كل فريق بمهامه، وبث روح الخير والعطاء المنظم، وزرع الإيجابية وتقبل وجهات النظر من الآخرين واختلاف الآراء. كما أن حب اكتساب الخبرات وتطوير المهارات وكسب قلوب المتطوعين بالمحبة، كل هذا يُعد من أسمى الهدايا التي نحصل عليها خلال عملية التطوع.