أكد أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق في جامعة الكويت د. أنس التورة أن نصوص قانون العمل رقم 6/2010 من النظام العام، وأن القضاء استقر على ذلك، وأن فلسفة هذا القانون تمنع التحايل.

وأضاف التورة، في دراسة قانونية تناول فيها أثر جائحة كورونا على قانون العمل، أنه من أكثر العقود تعرضا وتأثرا بهذه الجائحة، مستعرضا المشاريع والمقترحات التي من المتوقع أن يناقشها مجلس الأمة في جلسة الغد.

Ad

وقال التورة إن جائحة كورونا، التي يعيشها العالم، تعد إحدى أبرز الكوارث العالمية في يومنا الحاضر، وتحظى باهتمام كبير من جميع دول العالم، لاسيما أن آثارها لا تقتصر على الجانب الصحي فحسب، بل تمتد إلى الجانبين الاقتصادي والاجتماعي في حياة الأفراد، ما ترتب عليه إصدار العديد من القرارات من السُّلطات الرسمية في الدولة، والتي اشتملت على الإغلاق الكُلي أو الجزئي للمحال والعديد من الأنشطة التجارية، وهو في الحقيقة تحدٍّ كبير لم يسبق للدولة مواجهته إلا في زمن الحروب، وذلك كُله بهدف تجنب آثار الجائحة الصحية.

وفيما يلي القسم الأول من الدراسة.

توصيف المشكلة

مما لا شك فيه، أن قانون العمل - وهو يمثل أحد أهم القوانين التي تُعنى بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي - والذي يسعى إلى تحقيق التوازن في العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، يُعد أحد أبرز القوانين الأكثر تأثراً بالجائحة، لذا حرصت الكثير من دول العالم على تبني العديد من التشريعات التي من شأنها احتواء الآثار الناجمة عن تلك الجائحة، سواء على صاحب العمل، أم على العامل، إدراكاً منها لضرورة التدخل والتعديل.

وقد انتشرت خلال الأيام السابقة على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المقترحات لتعديل بعض مواد قانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي، لمواكبة أحوال الأزمات، ونظراً لأهمية وحساسية هذه المسألة، فإننا سنتناول في هذه الدراسة بالتحليل والتعليق أبرز تلك المقترحات.

ويظهر لنا جلياً في النصوص المقترحة المشار إليها افتقادها التوازن في العلاقة العقدية بين العامل وصاحب العمل، فالتكامل مطلوب، فلا العامل بمعزل عن القرارات، ولا يقدم عليه صاحب العمل بحجة خسارة الاستثمارات، فخيط التوازن دقيق، يحتاج إلى بُعد نظر، وفهم للواقع، فلا يصدر قانون لمجرَّد حل مشكلة حالية فقط، بل لاستشراف المستقبل، وما تؤول إليه الأمور، فيضع مصدات لإبعاد الواقع عن مشاكل قد تحل، ويقدم حلولاً لمشاكل متوقعة، والمنظومة تحتاج إلى إجراءات دقيقة، فعلى سبيل المثال لا يعطى تمويل ميسر المنال، على أكتاف مَن يرجو كفاف الحال، فالتوازن هو غاية القانون.

إن الفهم العميق للقانون يجعل من تعديله غاية للإصلاح، لا معول هدم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن خلل التركيبة الاجتماعية الخاطئة ليس مدعاة مطلقاً لفصل العامل، أو سبيلاً للانتقاص من حقوقه، والأزمة بذات الوقت لا تخوِّل صائغ القانون الثأر من صاحب العمل النزيه، فالحكمة تقتضي فهم الواقع، وصياغة القانون بأسلوب علمي واقعي، لتحقيق التوازن المنشود.

إلا أنه وباستقراء واقع هذه المقترحات وظروف ظهورها وانتشارها، ندرك أن جائحة فيروس كورونا أفرزت لنا جائحة أخرى، فالتأخر بإصدار الحلول جائحة بحد ذاتها، تساهم في تفاقم المشاكل وتشعبها، ومن جانب آخر عدم وضوح المنهجية العلمية لصياغة تعديلات قانون العمل مع إبعاد المختصين من أساتذة قانون – من كلية الحقوق بجامعة الكويت والزملاء في كلية القانون العالمية - والمشتغلين به عن دورهم جائحة أيضا، وخاصة أن كثيرا منهم شارك في المحافل الدولية المتعلقة بقوانين العمل، وساهم في تعديل القوانين، واقتراح الحلول، ومنهم مَن كان عضواً في منظمة العمل الدولية، ومنهم مَن له أبحاث تخصصية في قانون العمل.

قبل البداية والتعليق على المقترحات، يمكن تلخيص المشكلة - للقارئ الكريم غير المتخصص بالقانون - في أن الواقع فرض قيوداً على الأنشطة العمالية، فأصبحت بعضها موقوفة بحُكم طبيعتها وفقاً للقرار الصادر بذلك، وهناك أنشطة لم تتوقف، لكن استمرارها أصبح مرهقاً على أصحاب الأعمال، بسبب بقاء الناس في منازلهم، وصدور قرار الحظر الجزئي، ثم قرار الحظر الشامل، أو وجود العمال في الحجر المؤسسي أو المنزلي.

فنحن أمام واقع فرضته الإجراءات الاحترازية للتصدي لجائحة فيروس كورونا، حيث لم ينظم قانون العمل مسائل القوة القاهرة أو الظروف الطارئة، كما هو الحال في القانون المدني بالمادة 198 الخاصة بالظروف الطارئة، والمادة 215 المتعلقة بالقوة القاهرة، وأحكم المشرّع نصوص قانون العمل بقواعد آمرة لا يمكن الاتفاق على خلافها إلا إذا كانت في إطار مزايا إضافية لمصلحة العامل.

الظروف الطارئة والقوة القاهرة

لم يشر المشرِّع الكويتي في قانون العمل بالقطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 لنظرية الظروف الطارئة أو نظرية القوة القاهرة، بل وردتا في القانون المدني، الذي يُعد الشريعة العامة لقانون العمل، فنصت المادة 198 منه على أنه:

"إذا طرأت، بعد العقد وقبل تمام تنفيذه، ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها عند إبرامه، وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام الناشئ عنه، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين، بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، بأن يضيق من مداه أو يزيد في مقابله. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

كما نص القانون المدني الكويتي على مفهوم القوة القاهرة في المادة 215، حيث جاء فيها:

"في العقود الملزمة للجانبين، إذا أصبح تنفيذ التزام أحد الطرفين مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه، انقضى هذا الالتزام، وانقضت معه الالتزامات المقابلة على الطرف الآخر وانفسخ العقد من تلقاء نفسه. فإن كانت الاستحالة جزئية، كان للدائن، بحسب الأحوال، أن يتمسك بالعقد فيما بقي ممكن التنفيذ، أو أن يطلب فسخ العقد".

بداية، فإن تناول جائحة كورونا من زاوية كونها ظروفاً طارئة أو قوة قاهرة يستلزم تقسيم الأنشطة التجارية وفقاً للقرارات الصادرة منذ بداية انتشار الجائحة إلى وقتنا الحالي، وفقاً للقرارات الصادرة بمنع بعض الأنشطة عن العمل كلياً أو جزئياً، أو إذا ما كانت تعمل بصورتها الطبيعية، ومن خلال هذا التقسيم، سنقوم ببحث مدى إمكانية تطبيق أحكام الظروف الطارئة أو القوة القاهرة على النشاط؛ ذلك أنه من غير الصواب إطلاق الأحكام العامة دون تقسيم لكل نشاط على حدة، ويمكن تقسيمها على النحو الآتي:

1) أنشطة تعمل في أوقاتها الطبيعية، أو يعمل بها العامل عن بُعد، إلا أنها أصبحت مرهقة على صاحب العمل بسبب ظروف الأزمة ( ).

2) أنشطة صدر قرار بإيقافها جزئياً خلال فترة حظر التجوال الجزئي (من الساعة 5 صباحاً إلى الساعة 6 صباحاً) ( ).

وفي هاتين الحالتين (1، 2) نجد أننا أمام استحالة غير متحققة، بل صار الالتزام مرهقاً للمدين (صاحب العمل)، فهل يمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقد العمل في هذه الحالة؟

الإجابة هي بالطبع لا يمكن ذلك بنص القانون، لأن مقتضى هذه النظرية هو منح القاضي سُلطة تعديل الالتزامات الواردة بالعقد، وهذا غير ممكن في عقد العمل، فلا يملك القاضي سُلطة تخفيض الأجر، وهو أكثر ما يرهق صاحب العمل، لمخالفة ذلك لكلٍ من المادة 6 والمادة 28 والمادة 62 من قانون العمل، كما لا يملك أيضاً زيادة الالتزام أو تعديل بنود العقد وفقاً للمادة 115 من قانون العمل.

3) أنشطة صدر قرار بإيقافها كلياً عن ممارسة نشاطها ( )، أو منعت من العمل بسبب الحظر الشامل ( ).

وفي هذه الحالة نجد أن الاستحالة قد تحققت، ولإعمال نظرية القوة القاهرة، لابد من الإشارة أولاً إلى أن الاستحالة المنصوص عليها بالمادة 215 قد تكون كلية أي لا يتوقع زوالها، وينفسخ بها العقد بقوة القانون، وهو غير متحققة في هذه الحالة، لعدم وجود استدامة للاستحالة محققة في منع الأنشطة العمالية، وقد تكون الاستحالة جزئية، أي تزول بزوال السبب، أي حتى صدور قرار بعودة الأنشطة التجارية إلى طبيعتها، ولا تعتبر سبباً لانفساخ العقد، إنما وقف مؤقت لعقد العمل، وهو أمر أشبه بما كان عليه الوضع خلال فترة الغزو العراقي لدولة الكويت، وقد صدرت العديد من الأحكام التي قضت بعدم التزام صاحب العمل بدفع الأجر خلال مدة الوقف، ولا احتساب هذه المدة ضمن مدة العقد، ولا يترتب عليها أثر في احتساب مكافأة نهاية الخدمة.

وقد أورد الفقيه القانوني د. حسن كيره:

"إذا استحال التنفيذ من جانب العامل نتيجة قوة قاهرة بالمعنى المعروف لها في القواعد العامة من إمكان التوقع، واستحالة الدفع، وعدم الرجوع إلى خطأ المدين، فإن أثر الاستحالة يتوقف على ما إذا كانت وقتية أو نهائية، فإذا كانت وقتية، فإنه لا يترتب عليها إلا مجرد وقف عقد العمل طوال وجودها، بحيث يسترد العقد تنفيذه عن زوالها، أما إذا كانت نهائية، فإنها تؤدي إلى انفساخ العقد بقوة القانون، فينتهي تلقائياً دون حاجة إلى إجراء خاص يقرر هذا الانتهاء، ودون مسؤولية على العامل رغم انفساخه قبل نهاية مدته إذا كان محدد المدة، أو دون مراعاة مهلة الإخطار إذا كان غير محدد المدة"( )

وقد ورد في أحد الأحكام:

"المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان الغزو العراقي من قبيل القوة القاهرة فإنه لا يترتب عليها انفساخ العقد إنما توقف تنفيذه، لأن استحالة التنفيذ في هذه الحالة لا تعدو أن تكون استحالة مؤقتة تزول بمجرد زوال سببها، ولا يكون لها أثر على قيام العقد، ومن ثم تعتبر مدة خدمة العامل متصلة طالما استمر عقد العمل قائماً.."( )

وجاء أيضاً في حكم آخر:

"الغزو العراقي للبلاد في مجال أثره في علاقات العمل قد وقف عند حد كونه مانعاً مؤقتاً توقف بسببه تنفيذ ذلك العقد الذي استأنف سيره بعد التحرير، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه احتسب الفروق المستحقة للمطعون ضده مقابل مكافأة نهاية الخدمة، عن فترة عمله لدى الطاعن قبل الغزو وبعده على أنها فترة عمل واحد متصلة يخللها فترة انقطاع بسبب الغزو..."( ).

إذاً يكون عقد العمل هنا موقوفاً، ويقصد بالوقف "انقضاء مؤقتا لا رجعة فيه للالتزامات المتولدة عن العلاقة العقدية، خلال فترة تطول أو تقصر، ينشأ عن حصول حادث مفاجئ، أو عن ممارسة المدين لحق يتناقض مع تنفيذ العقد، أو حتى عن عدم التنفيذ الخاطئ، دون أن يؤثر ذلك في بقاء الرابطة العقدية"( )، والوقف بحسب التعريف لا يؤثر على بقاء الرابطة العقدية، فالعقد قائم ولكن لا ينتج آثاره بالنسبة لطرفيه، إذ إن من خصائص الوقف عدم تنفيذ الالتزامات العقدية خلال مدة العقد، أي أنه وقف تنفيذ مؤقت للالتزامات ( )، فلا يلتزم العامل بالعمل ولا يلتزم صاحب العمل بدفع الأجر خلال فترة الوقف، وهي نتيجة للقاعدة العامة "الأجر مقابل العمل".

ومن خصائص الوقف أيضاً عدم استدراك الالتزامات التي كانت خلال فترة الوقف، وقد وردت بذلك أحكام محكمة التمييز الكويتية:

"تتعطل آثار عقد العمل في حالة وقفه فتوقف الالتزامات الناشئة عنه فلا عمل أصلي أو إضافي ولا إجازات ولا أجر أو مقابل لرصيد لإجازات أو اعتداد بتلك المدة عند حساب مكافأة نهاية الخدمة"( )، إذ إن الوقف يؤدي إلى انقضاء هذه الالتزامات الواردة خلال فترة الوقف، بالإضافة إلى ذلك فإن الوقف يؤدي إلى المحافظة على الرابطة العقدية بين طرفي العقد، فلا ينفسخ العقد، بل تبقى الرابطة العقدية ويستأنف تنفيذ العقد بعد انتهاء مدة الوقف ( ).

فالعامل وصاحب العمل أمام خيارين أحلاهما مر، فإما فصل العامل، وهو ما يعني دفع صاحب العمل مستحقاته العمالية في ظل هذه الظروف، وأيضاً الإضرار بالعامل الذي سيفقد مصدر رزقه.

أو أن يبقي صاحب العمل على العامل ويدفع أجره كاملاً، وفقاً للمادة (61) من القانون، مما قد يتسبب في عدم قدرة المنشأة على الاستمرار حتى بعد انتهاء الأزمة.

لذا فإننا نحتاج إلى حل متوازن لا يفقد صاحب العمل منشآته ولا يفقد العامل عمله.

ومن هذا المنطلق، تأتي هذه الدراسة التحليلية التي ترتكز على أهمية وجود قواعد قانونية في قانون العمل تنظم آلية العمل، في ظل الظروف غير العادية كالكوارث والأزمات الاقتصادية والصحية، والتي يقسمها إلى قسمين الأول الحلول التشريعية، والقسم الآخر التعليق على مشروعات القوانين المتداولة.

أولا: ضوابط التدخل التشريعي

إن التدخل التشريعي له ضوابط وأسس، ومعالم رئيسية، يجب على صانع التشريع عدم الحياد عنها، وإلا كان تعديلاً في غير موضعه، يؤدي إلى آثار سلبية قد تجاوز الأهداف المنشودة، وتتعدى الآمال المعقودة، وهو أمر لمسناه عند الاطلاع على الكثير من مشاريع القوانين المتداولة والخاصة بتعديل بعض أحكام قانون العمل رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي، إذ افتقرت المشروعات لأسس صناعة التشريعات، وتجاوزت مخالفتُها المستقر في الاتفاقيات، وخرجت في مضمونها عن فلسفة المشرّع المنشودة، حيث شاب المقترحات عدم الوضوح بالعبارة، وعدم الضبط بالمصطلح، بالإضافة إلى افتقارها إلى التجانس بين مواده، ومخالفتها الصريحة للعديد من قواعد قانون العمل، الأمر الذي يستدعي عدم القبول بها، لما قد تسببه من تزايد المشكلة لا حلها، وسنتطرق إلى بعض أوجه القصور في التشريع، مع التنويه بالتعارض مع القواعد القانونية الأخرى دون الإشارة إلى الأخطاء اللغوية، نظراً لعدم إقرار هذه المقترحات بشكل نهائي، ثم نختم ببعض المواد المقترحة لمعالجة الأزمات العامة سواء الاقتصادية أو الصحية.

وقبل البدء أود أن أورد بعض الملاحظات المهمة لضبط أي تعديل في القانون الظروف غير العادية كالكوارث والأزمات العامة وهي:

1- إعمال مبدأ التشاور الثلاثي لأي تعديل لقواعد قانون العمل، وهو مبدأ مستقر في منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها عام 1919، وأكد عليه دستورها في المادة (23) الفقرة 2، ويطلق عليه "ميثاق فيلادلفيا" والذي ورد فيه "جهود تحسين ظروف المعيشة داخل كل أمة، وعلى المستوى الدولي لابد أن يسهم فيها ممثلو أصحاب العمل والعمال على قدم المساواة مع ممثلي الحكومات، مشتركين معهم في النقاش الحر والحوار الديمقراطي بغيه تحقيق الرفاهية للجميع" ( ).

2- ألا تخرج التعديلات في مجملها عن الفلسفة العامة للقانون، وهي التوازن في العلاقة العقدية وحماية الطرف الضعيف فيها، وهو العامل، دون الإضرار بأصحاب الأعمال.

3- ألا تعارض التعديلات القواعد والاتفاقيات الدولية الموقعة.

4- أن يكون هناك تكامل في الإجراءات العامة، فلا يعطى تمويل كامل من صندوق القروض الميسرة للمشاريع المتعثرة لمن على سبيل المثال أنهى خدمات عماله.

5- أن يصرف بدل البطالة حسب القوانين للعمال الكويتيين الذين تم انهاء عملهم، شريطة ألا ينص على ذلك في قانون العمل.

6- يجب أن تحيل المادة المقرر تعديلها إلى قرار الوزير المختص، مما يسمح بمرونة في معالجة أي أمر استثنائي مستقبلي.

7- أن يكون تطبيق القرار من الوزير المختص - أي الاستثناء - فترة مؤقتة لا دائمة - فالضرورة تقدر بقدرها - وتحديد وقت نفاذ القانون، فتحدد البداية والنهاية له.

الحلول التشريعية

الحلول التشريعية كثيرة، منها أدوات المواجهة التشريعية في ظل القانون الحالي، ومنها ما نص عليه قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 من خيارات عديدة لمواجهة الأزمات، إلا أنها في واقع الأمر حلول لا تخرج في مجموعها عن النطاق التقليدي لمواجهة الأزمات، ونستعرض منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

الإجازة الخاصة، وهي ما نصت عليه المادة (79) من قانون العمل، وهي إجازة من غير أجر، بطلب من العامل، لا بجبر من صاحب العمل، وهي تمثل من حيث الأثر وقفا إتفاقيا لعقد العمل، كذلك إغلاق المنشأة، الذي نصت عليه المادة (61) من قانون العمل، وهي مسألة تعددت فيها التساؤلات والتفسيرات، إذ إن المادة تنظم مسألة إغلاق المنشأة Lock Out، إلا أنني في الحقيقة لا أرى انطباق المادة (61) على الحدث العام المرتبط بجائحة كورونا، لأنها مادة خاصة وردت لمعالجة فرضية محددة، ونرى في هذه الدراسة كما أسلفنا انطباق القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني، وهي الشريعة العامة لقانون العمل، والتي تحكم الأحداث العامة، وهي نظرية الظروف الطارئة والقوة القاهرة، كما وردنا سالفا، وأيضا قد يضطر صاحب العمل لإنهاء العقد، والإنهاء يختلف فيما لو كان عقد العمل محدد المدة أو غير محدد المدة، حسب نص المادة (44) وما بعدها ( ).

إلا أن تطبيق التشريعات الحالية في مسألة تجاوزت فيها الأضرار حدود المألوف، وتشعبت فيها المسائل والأحوال، سوف يؤدي إلى ازدحام أروقة المحاكم بالقضايا العمالية، وهو ما سيفضي بالتالي إلى تأخر إصدار الأحكام، مما يزيد في حجم الأضرار، لاسيما على أصحاب الأعمال والعمال على حد سواء، لذا نرى من الضرورة إدخال تعديلات تشريعية على قانون العمل، تعالج الأزمات إجمالاً والظروف غير العادية كالكوارث.

التعديلات التشريعية المقترحة كثيرة، إلا أننا اخترنا بعضها حسب ما نراه يتفق مع المنهجية العامة في قانون العمل الكويتي، وهي حلول لمواجهة الأزمات، فهي غير مقتصرة على جائحة كورونا فقط، بل يمكن تطبيقها على الأزمات المستقبلية، على أن يراعى في حال الرغبة في عرضها على مجلس الأمة تطبيق أحكام الاستثناء الوارد في المادة (179) من الدستور الكويتي، والتي تقضي بإمكانية تطبيق القانون استثنائياً بأثر رجعي بالنص الصريح، حتى تشمل المرحلة الماضية من الجائحة، وحتى لا تزدحم المحاكم بالقضايا العمالية، وهي خيارات تطبق منفردة دون الجمع فيما بينها، إلا مع المقترح المتعلق بالفصل الاقتصادي، وهي كالتالي:

أولاً: فيما يتعلق بالنص على استثناء تخفيض الأجور لمدة مؤقتة:

تعديل صياغة المادة (62) لتكون كما يلي:

"مع مراعاة أحكام المادة (63)، واستثناء من أحكام المادة (61،28) يراعى في حساب مستحقات العامل آخر أجر تقاضاه، فإذا كان العامل ممن يتقاضون أجورهم بالقطعة يحدد أجره بمتوسط ما تقاضاه خلال أيام العمل الفعلية في الأشهر الثلاثة الأخيرة. ويكون تقدير المزايا النقدية والعينية بتقسيم متوسط ما تقاضاه العامل منها، خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة على الاستحقاق، فإذا قلت مدة خدمته عن سنة حُسب المتوسط على نسبة ما أمضاه منها في الخدمة، ولا يجوز تخفيض أجر العامل خلال مدة عمله إلا في الأحوال غير العادية كالكوارث والأزمات العامة، التي يصدر بها قرار من الوزير المختص، على ألا تبرأ ذمة صاحب العمل إلا بعد سداد نسبة التخفيض خلال سنة من تاريخ انتهاء الظروف الاستثنائية أو انتهاء العقد أيهما أسبق".

ثانياً: فيما يتعلق بالإجازة الخاصة:

تضاف المادة (79 مكررا) كما يلي:

"مع مراعاة أحكام المادة (63)، واستثناءً من أحكام المادة (79)، لصاحب العمل في الأحوال غير العادية كالكوارث والأزمات العامة، والتي يصدر بها قرار من الوزير المختص حق تحديد الإجازة الخاصة، على أن تكون كالآتي:

• ثلاثون يوماً بأجر كامل.

• ثلاثون يوماً بثلاثة أرباع الأجر.

• خمسة عشرة يوماً بنصف الأجر.

إلى نهاية الأحوال غير العادية من دون أجر"

الفكرة من المادة هي محاولة إقامة التوازن في العلاقة العقدية، وتوزيع الآثار والأضرار الناتجة من الأزمة بين العامل وصاحب العمل، ففي الشهر الاول لا يصدم العامل بعدم دفع الأجر، كما أن أثر الأزمة في الشهر الأول لم يكتمل على صاحب العمل، إلا أن استمرارها يستوجب التدرج، ودوامها لفترة طويلة يقتضي النظر لمصلحة المنشأة، خصوصا أن العامل قد دفع له بعض الأجر خلال الفترة الأولى لتسيير أموره.

ثالثا: فيما يتعلق بالفصل نتيجة الظروف الاقتصادية:

يضاف في المادة (41) الخاصة بالفصل الفقرة (ب) رقم (6):

"6. لصاحب العمل في الأحوال غير العادية كالكوارث والأزمات، التي يصدر بها قرار من الوزير المختص، وبعد إخطار هيئة القوى العاملة، فصل العامل مع استحقاقه مكافأة نهاية الخدمة، على أن يتم إخطاره قبل شهر على الأقل من تاريخ ترك العمل".

نصت بعض التشريعات ( ) على الفصل الاقتصادي ( ) وهو فصل نتيجة الظروف الاقتصادية، إلا أن المشرّع الكويتي في قانون العمل الحالي الصادر في سنة 2010 لم ينظم الفصل الاقتصادي، على الرغم من حدوث الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم آنذاك، والهدف من ذلك باعتقادي هو عدم الخروج عن فلسفة المشرع والإطار العام لقانون العمل، والذي بني على أساس حماية الطرف الضعيف في العلاقة العقدية، الا وهو العامل، إلا أنه لابد أحياناً من وجود بعض الأحكام التي قد تكون السبيل الوحيد لبقاء المنشأة، ومنها الفصل الاقتصادي، والذي يهدف إلى التضحية ببعض العمال، بفصلهم، حتى يستطيع الآخرون والمنشأة الاستمرار، وحتى لا يكون هناك توسع فيه نقترح إضافة رقم (6) من الفقرة (ب) للمادة (41)، والتي تسمح لصاحب العمل بفصل العامل اقتصادياً خلال مدة إعلان الوزير الحالة الاستثنائية، وإخطار هيئة القوى العاملة بذلك للاطلاع على عدد العاملين المراد فصلهم ومدى تناسب ذلك مع واقع المنشأة.