افتتح التلفزيون المصري الرسمي بكلمات من قصيدة "طوق الياسمين" لقاءه الثاني مع نزار قباني عام 1966، بعد ست سنوات من بدء افتتاح البث التلفزيوني في مصر، مع المذيعة سلوى حجازي، وكان اللقاء الأول قُبيل افتتاح البث مع المذيع سعيد لبيب.

بدأت المذيعة سؤالها الأول لنزار فقالت: هل أنت المسؤول عن انتشار شعرك أم هو ارتقاء ذوق الجماهير التي عرفت كيف تقرأ الشعر مع انتشار الدواوين؟

Ad

ويجيب نزار: أنا أؤمن بالذوق العام والجمهور، فالذوق العام خطير وحساس جداً، والجمهور يستطيع تقييم العمل الفني؛ يقبل عليه أو يهمله، والقصيدة هي عبارة عن جسر من الجمال يصلنا بالآخرين، ومطلوب من الشاعر أن يفتح قلبه للناس ويقيم جسوراً من الضوء والحرير بينه وبين الجمهور، وأنا شخصياً لا أؤمن بشيء اسمه أزمة القارئ العربي، فالقارئ يحس إحساساً جمالياً لا نظير له، وأنا أؤمن بالقارئ العربي وأفتح قلبي له، وقد بادلني حبّاً بحب، وهذا الإحساس فطري يشبه إحساس العصافير بقدوم الشتاء، دون أن يكون لها أي معلومات عن الأحوال الجوية.

المذيعة حجازي: كيف بدأت تكتب شعراً، هل الموهبة كانت في الطفولة أم نتيجة انفعالات خاصة في سن الشباب، أم نتيجة صدمة معينة؟!

نزار: تماماً مثلما لا تعرف الأسماك كيف تعلمت السباحة، ولا العصافير كيف تعلمت الطيران، ولا الطفل الصغير كيف بدأ يعاني خطواته الأولى، الشعر برق يلتمع بداخلنا شرارة مضيئة تكوينا من الداخل، زلزال يضربنا حين لا نكون بانتظاره، فالعملية كلها عملية تلقائيّة، وخير لنا ألاّ نتحدث عن الشعر بالتعاريف، فالشعر زمان فوق كل الأزمنة، لا يعترف بالتقاويم، ولا يعترف بالأعداد، إنما كما قلت نوع من الانبثاق الداخلي ينبع من داخلنا، كما تنبع الينابيع من جوف الصخر.

المذيعة: ليه بتتكلّم باستمرار عن المرأة، توصفها أوصاف رائعة وجميلة بتخلق نوع جميل من النساء، إيه سر الاهتمام الشديد بالموضوع ده وما بتخرج منّو؟

نزار: إذا كانت تهمة أقبلها بكل فخر، فالمرأة هي نصف هذا العالم، ولا أعتقد أن الاهتمام بنصف هذا العالم أمر قليل أيضاً، المرأة هي ينبوع من ينابيع الجمال، بالإضافة إلى الطبيعة، وهي كانت منذ بدء الخليقة وحتى اليوم مصدراً عظيماً من مصادر وحي الشعراء والرسامين والنحاتين والموسيقيين، لا أعتقد أنه يمكن لأي أدب في العالم يحترم نفسه أن يُهمل المرأة، أمّا أنا فلماذا؟ الحقيقة هذا سؤال يمكن الإجابة عليه بالشكل التالي، وهو أنّ عين الشاعر تشبه عدسة التصوير، وكل شاعر له عين تُحس بزوايا معينة وبأشياء وأشكال معينة لا يحس بها غيره، وجدت أنه يمكن عن طريق المرآة الحقيقيّة أن أعبر عن حياة بكاملها، إن العلاقات العاطفيّة الصغيرة بين الرجل والمرأة شيء نعيشه ونتنفّسه في البيت وفي الشارع وفي السينما وفي كل مكان من الأمكنة، إذ لا يمكن لنا أن نُهمل هذه الناحية، وليس بالخُبز وحده يحيا الإنسان، وإنما يحيا بالعواطف، وأنا سعيد أنّني استطعت ان أطوّر النظرة للمرأة، فركّزت مصابيحي على الشؤون الصغيرة، العلاقات الصغيرة بين الرجل والمرأة في العصر الحديث، يعني مثلاً فيما كتبت من شعر وأغانٍ استطعت انا أدخل إلى داخل نطاق الغرف وأصوّر الأشياء فيها (صحون السجائر، المقاعد) بينما كانت هذه الأشياء من قبل غير موجودة في الشعر العربي، حيث كنّا نأخذ المرأة كغلاف خارجي ونتغزّل بشعرها أو في عينيها، وأردت أن أعتبرها صديقة وإنسانة، وأن أصوّر العلاقات الصغيرة في حياتها وفي حياة الرجل.

المذيعة: كان عندي صديقة عزيزة عليّ، مدام "دوحيّة ناجي" بنت الشاعر الكبير ناجي، حدثتني اليوم وقالتلي تعبير جميل جدّاً، وأنا عاوزة آخد رأيك فيه، بتقول "أد ما بيصوّر المرأة من وجهة نظر الرجل بشاعريّة وخيال كبير أحياناً هو نفسه بيدّيني إحساس أنّو هو بداخله امرأة في بعض الأحيان بيتكلّم باسمها"، ازّاي قدرت توصل لده؟!

نزار: أعتقد أنه ليس بداخلي امرأة واحده فقط -يضحك الجمهور/ ويضحك معه نزار– ويكمل: لابدّ للشاعر إذا أراد أن يعيش قصائده بصدق يجب أن يكون في داخله شيء منها. تقاطع المذيعة وتقول: خصوصاً أنّو انت قدرت تعبّر عن احاسيس المرأة هي نفسها كانت محرومة طول السنين إنها تعبر بصراحة وصدق عن عواطفها، لأن عارفين إن العادات والتقاليد بتخلّي المرأة بتخاف من المجتمع وإنها تتكلّم، معرفش إيه رأي الجمهور بالحاجات دي؟! وعندنا هنا حاضرة لورا الأسيوطي تقدر تقلنا في الحتّة دي حاجة.

لورا ترحّب بالجمهور ثم تقول: إنت بتتكلّم عن نوع معيّن من النساء بعمل فنّي رائع، إنما ما بتحكيش عن المرأة الشرقيّة، لأنها حالياً بتعبر جسر من عصر الحريم إلى عصر الحرائر (ذاتها، حياؤها، كبرياؤها، عقلها، صراعها) فنوع النساء يلي حضرتك بتكتب عنّو نوع معيّن، مثلاً بيعيش في الغرب، هل هذا النوع من النساء هو الوحيد يلي بيلهمك بقصائد؟ ولا ليك فلسفة خاصة أو وجهة نظر خاصة بالكتابة عن ذا النوع؟!

نزار: أريد ان أسأل الأخت لورا إذا كان لديها نماذج معينة من شعري، لأنني أعتقد أنّي في شعري صوّرت جميع أنواع النساء وليس فقط المضطهدات والمسحوقات. تقاطع لورا: حبذا لو تهدينا ديوان خاص بالمرأة الشرقيّة، يعني في قصائد ليك بتبقى جميلة جدّاً لما بتعكس النوع ده.

نزار: أريد أن أسأل إذا كان ديوان "أنت لي"، الذي بين يديك هو كل ما لديك من شعري؟ هل قرأت ديوان "قصائد" وقصيدة حبيبتي وسمعتي "الرسم بالكلمات"؟ أعتقد أنك لم تقرأيه بعد.

ديوان قصائد هو دفاع عن قضية المرأة الشرقيّة، كما لا يكون دفاع أي شاعر آخر، وفي قصيدة اسمها "صوت من الحرير" هل قرأتها أولاً؟ تقاطع لورا: على العموم، إحنا هنخلّي المناقشات الطويلة يلي فيها جدل حتى نخلّص الحلقة، مينفعش نسرق الوقت.

نزار: أريد أن يكون الحكم على شعري بعد الاطلاع على جميع قصائدي الشعريّة، دون أخذ ديوان واحد فقط، وثقي أنّي رجل عاش في الشرق وأكثر نماذجي مأخوذة من بلادي.

شاعر يسكن الكلمات... بكبرياء

في لقائه بالتلفزيون المصري سألته المذيعة: وانت بتتكلم بتقول شاعر عظيم وشاعر ما كتبش حد زيو قبل كدا في الحب، الشعراء دوما بيعتزوا أوي بشعرهم، يعني مثلا "إيجو" كان يقول: أنا نبي والشعراء نوع من أنواع الأنبياء. وأنت بردو وانت بتكتب في الديوان الأخير المقدمة بتقول: كتبت شعرا لا يجابه سحره إلا كلام الله في التوراة.

فأجابها نزار: الشعر هو كبرياء، والشاعر الذي يملك الثقة بنفسه يجب أن يكون، لا أقول مغرورا، وإنما يجب أن يكون على مستوى شعري، لذلك دائما الشاعر يشعر بأنه دائما يسكن الكلمات.

تقاطع لورا: أريد أن أسمع جزءاً بسيطاً من قصيدة البترول والدراهم.

المذيعة: معليش هنخليها لبعدين، احنا بنعمل بورتريه، إحنا مش في نادي، وسؤالي ليك: بالنسبة لنظرتك للمرأة يوم بتبقى بصفّها، وأحياناً بتبقى ضدّها، يعني أحياناً بتبقى واخد موقف من ناحية وجهة نظر الرجل، وأحياناً من وجهة نظرها هي شخصيّاً!

نزار: المرأة مش كويسة ع طول (يضحك الجمهور)... أحيانا تكون سيئة وأحيانا تكون جيدة، أحيانا ملاك وأحيانا شيطان، وأنا رصدت فيها الملاك والشيطان، الشاعر بصورة عامة يمر بمراحل متلاطمة ويمر بتجارب متلاطمة، ولا يجب أن يطلب من الشاعر أن يكون دائما في خط متوازٍ ومنسجم، لأن هذا ضد الحل.

المذيعة: في سؤال من الأستاذ عادل من الصبح بيشاور، المهندس عادل سلام.

عادل: بنلاحظ إن شعرك بيتميز بالسهولة والبساطة، الحاجات اللي احنا بنلاحظها دي هل بتبذل جهد كبير في الصياغة؟!

نزار: أشكرك على السؤال، بيمثلني أكثر من أي شيء آخر، إذا استطعت أن أعمل شيئا في الشعر بكل تواضع فهو أني أنزلت الشعر من عتمة القواميس وجعلته ملكا لجميع الناس، أنا في ديواني (طفولة نهد) عام 1948، قلت إن حلمي الأكبر أن أرى الشعر يدخل بيوت الناس ويكون فيها جانب الخبز والماء، ولا أزال أؤمن بما أقول، واستطعت والحمد لله أن أحقق شيئا من هذا، يعني نريد أن نخاطب الناس بلغة أقرب ما تكون إلى لغة الحوار اليومي، نريد ان نستعمل ألفاظا يتنفسها الناس، يعيشونها في البيت في المصنع في المدرسة وفي الشارع، حيث كانوا.

نحن مع الأسف في حياتنا الثقافية هناك انفصال بين اللغة التي نتعلمها في المدرسة واللغة التي نتكلم بها مع أصدقائنا، نتعلم في المدرسة اللغة العربية الأصيلة حتى إذا وصلنا إلى البيت استعملنا لغة أخرى. الشعر المعاصر والشعر العربي الحديث يحاول أن يسد هذه الفجوة الموجودة بين اللغة العربية الفصحى ولغة المثقفين العرب، نريد أن نصل إلى معادلة تجعل الشعر قادرا على أن يدخل كل البيوت وننهي حالة الازدواجية، لذلك أنا مثلا استعملت لفظات أخذت علي مثل كلمة "فساتين". دفاعي عن نفسي هو أن هذه الكلمات أصبحت في الحقيقة جزءا من حياتنا العامة، ولا أرى مانعا من استعمالها، حين يجد الشاعر نفسه مضطرا بحكم السياق أو بحكم صياغة القصيدة. أعتقد لا نخسر شيئا وإنما نضيف إلى لغتنا أشياء من الحياة.

عادل: هو يعني الكلمات اللي انت بتستعملها سهلة يعني؟

نزار: والله الشعر صعب، لا أقول ان هناك سهولة، أنا أكتب الشعر كما يلعب لاعب الشطرنج، وبحرك أحجاره يعني بكل تؤدة، بكل ضمير، بكل وجدان.

نزار و"الفكر" في الكويت

وفي سياق التسابق الإعلامي للفوز بلقاء مع الشاعر الجدلي، يلتقي نزار قباني محبيه في الكويت، في حوار أجرته معه مجلة الفكر وحاوره المخرج والإعلامي صقر الرشود. وبعد مقدمة يرحب فيها المذيع بالشاعر ويعرّف الجمهور به، يبدأ بالسؤال الأول:

- المثقفون جميعاً يعرفون الأسباب التي دعت ناقداً مثل إيليوت إلى المطالبة بتحرير اللغة الشعرية الإنكليزية من أشكالها المتوارثة ذات الحدود الثابتة، ولعلّه هو نفسه لم يحقق لشعره ما حققت أنت لشعرك في هذا السبيل، فما السبب في رأيك؟

نزار: السبب يعود في نظري إلى أن اللغة الإنكليزية وضعها خاص، فاللغة الإنكليزية لغة متطورة، إنها لم تتوقف عند حدود "شوسر" أو غيره، وإنما هي لغة نامية، بالإضافة إلى ذلك أعتقد أن اللغة الإنكليزية ليس فيها الازدواجية الموجودة في لغتنا العربيّة، نحن نعرف أن لغتنا العربيّة فيها هذا الجدار الكبير القائم بين اللغة الفصحى واللغة التي يتكلمها الشعب، لذلك فإن إيليوت لم يجد هذه الاستجابة من الناس، لأنه في الحقيقة وجد أن السبيل ممهّد أمامه وليس هناك أشكال شعرية كان عليها أن يهدمها أو يكسرها، أما بالنسبة للغة العربيّة فأعتقد أن الاستجابة الكبيرة التي وجدها شعري أو ما ناديت به كانت ثورة لغوية، وحصلت الاستجابة لأن الناس في البلاد العربية كانوا يبحثون عن أنسهم في لغة جديدة يستمعون بها إلى صوت الشعر، نحن توقفنا خلال عصور الانحطاط، ولغتنا كذلك توقفت وبقيت على اشكالها القديمة وكليشيهاتها المحفوظة حتى مطلع القرن العشرين، مثلا لدى شاعر مثل شوقي وحافظ إبراهيم ومطران نجد الاشكال القديمة الصحراوية مُعادة لديهم، لذلك عندما أتيت وجئت بهذا اللغة الشعرية الجديدة التي هي بين بين، بين اللغة الاكاديمية وبين اللغة التي يتكلمها الشعب، أحسّ الناس أنّ هناك نافذة فتحت أمامهم.

صـــقر: يقولون عن القرن التاسع عشر إنه كان عصر النهضة بالنسبة للغة، والقرن العشرين وما حدث به، هل برأيك سيستمر في المستقبل؟

نزار: أنا أعتقد أن ذلك سيستمر بالنسبة لنا، نعم سيستمر حتماً، لأن لغتنا الآن أخذت تتحرر من قيودها الحديديّة التي تكبلها.

صقر: هذا التجديد الخطر في لغة الشعر والقدرة الفائقة على مزجها بلغة الحياة يحقق للشعر المعاصرة الشاملة، والتي تشمل الشكل والمضمون معاً، فهل أثبتت تجربتك الخاصة رؤية خاصة في صفة المعاصرة وضرورتها للشعر؟!

نزار: إذا كان شعري قد منحني هذه الجماهيرية العريضة، فالسبب في ذلك يعود في نظري إلى صفة المعاصرة التي ألح عليها بشكل خاص، أنا اليوم استعملت منذ أن بدأت بكتابة شعري، لغة الحياة، لغة العصر الذي نعيش فيه، ولم أسأل عن دقّة هذه الكلمات القاموسيّة، كنت أشعر أن الحياة أقوى من القاموس، لذلك فعلاً تجرأت وكسرت هذا النطاق اللغوي الذي حاولوا فرضه علينا واستعملت كلمات ربما لا تكون قاموسيّة 100 في المئة، إلا أننا نسمعها في الشارع وفي المقهى وفي كل مكان، وأهم ما في المعاصرة أننا الآن نتحدس عن أشيائنا التي تعيش حولنا، عواطفنا التي نحسها بدون نقل وبدون استعارة، فلو قرئ شعر بعد حوالي 50 أو 100 عام، أو لو جاء أحد ليؤرخ لشعرنا، فسيكون قادراً إذا درس الأوضاع الاجتماعية للبلاد العربيّة أن يحدد من أين انطلق هذا الشعر وعن ماذا كان يعبّر، وهذا مفهوم الصدق كما يجب أن نفهمه، لا أؤمن بأدب لا يعكس العصر الذي يكتب فيه، أنا إن استعرت ملابس عصر آخر لأكتب فما هي قيمتي، وما هو فضلي!

صــقر: هل المباشرة في الأداء الشعري ميزة خاصة في قصائدك؟

نزار: إن الشعر هو جسر نمر عليه إلى الآخرين، وبقدر ما يكون هذا الجسر معبّداً وبسيطاً فإن عملية النقل الشعري تكون على اعلى مستوى، أنا بشعري لم استعمل الدهاليز ولم استعمل الانفاق تحت الارضيّة في التعبير، ولم استعمل الرمز ولا الأسطورة، يعني لم أتحايل على مشاعري ولا على مشاعر القراء، الشعر عندي دفقة حياتيّة وبقدر ما أكون قادرا ومستطيعاً أن أنقل إلى الناس داخلي وأعماقي وبقدر ما أكون قادراً على أن أحقق للناس أن يشاركوني مشاعري وأن يقرأوا أنفسهم في شعري فأعتبر نفسي ناجحاً، وهذه هي المباشرة بأبسط معانيها وأدقّها.

صــقر: لكنك تتلقّى معارضة كبيرة من قبل بعض الناس!

نزار: المعارضة لا تهمني، المهم أن يؤمن الانسان بأن ما يفعله هو صحيح، فالمعارضة قوتني، كنت دائماً في شعري أمشي على حد الخنجر، ولو أنني كتبت شعراً لا يهز ضمائر الناس ولا يثير هذه الحرائق لأهملني الناس، يعني قيمة شعري أنه يزرع نفسه في أعماق الناس ولا أطالب أحداً أن يؤيدني، أحزن حينما أكتب قصيدة ولا أجد من يرفضها، لا أبحث عن مصفقين لشعري، إنما أبحث أن يثير هذا الشعر لديهم إحساساً بالحوار وبالمعارك، فقصيدة "هوامش على دفتر النكسة" مثلاً نوقشت على صعيد المئة مليون عربي من الخليج إلى المحيط، ماذا يعني هذا؟

يعني أن هذه القصيدة استطاعت أن تهز ضمائر الناس وناقشوها، منهم من قبلها ومنهم من رفضها، وهذا هو السبب الأول والأخير بأن القصيدة لا تزال تعيش.

المغامرة مع اللغة وبها

دأب نزار على كسر الجمود في كل شيء، ثائراً حتى على اللغة وقوالبها، لابساً ثوب الإبداع الذي لا يراه إلا نوعاً من المغامرة، فيقول في مذكراته (قصتي مع الشعر): "إن كل إبداع مغامرة... والشاعر الذي لا يدخل كل يوم مغامرة جديدة مع اللغة التي يكتب بها، يسجن نفسه في دائرة من الطبشور تضيق عليه يوماً بعد يوم حتى تقتله".