بعد كارثة احتلال الكويت طالب بعض مَن وقف ضد حقنا الشرعي في بلدنا، وعلى رأسهم ياسر عرفات، بطي الصفحة وإعادة العلاقات وكأن شيئاً لم يكن، ليس حباً فينا طبعاً بل طمعاً في أموال نفطنا، هذا النفط الذي جلب لنا الرخاء ومعه حقد بعض إخوتنا الثورجية العرب الذين لا يتجرأون إلا على النفط الخليجي، ويرتجفون أمام النفط الليبي والعراقي والجزائري، فنحن في عرفهم بدو طيبون سريعو النسيان والمسامحة.

حينها كتب الأمير الشاعر خالد الفيصل قصيدة جميلة يقول مطلعها:

Ad

ما ينسينـا الخطا حب الخشـوم

ولا يطهرك المطر عشرين عـام

تذكرت هذه القصيدة الآن لسببين مختلفين، فمع أول هزة لأسعار النفط ظهرت أصوات الشماتة والتشفي من بواقي الأنظمة والأفكار والأحزاب الثورية التي تغير فيها الكثير من ثلاثين عاماً إلا حقدها الدفين على شعوب دول الخليج، ولم يطهرهم المطر حتى الآن، ولا أظنه سيفعل.

السبب الآخر والأقرب هو متابعتي للنشاط وجولات التفتيش لموظفي ومسؤولي أجهزة الدولة من بلدية وتجارة وداخلية وغيرها، وقيامهم بالضبطيات القضائية المحمومة للمخالفات وتجار الإقامات والعديد من الجرائم القديمة المستمرة التي ما كان لها أن تستمر لولاهم أساساً، فنحن نفهم أن الوزير منصب سياسي، وبعض الوزراء جدد في مناصبهم، لكن بمناسبة هذه الحملات عليهم عدم الاكتفاء بإلقاء العقاب على المخالف وحده، والالتفات إلى داخل البيت وإلى مَن يقفون بجانبهم في صور حملاتهم الصحافية، فغالباً هم الشركاء الأخطر في هذه الجرائم والمخالفات، فلا يمكن لأحد أن يصبح تاجر إقامات من دون استثناءات يوقعها موظفون عامون في جهات متعددة، ولا يمكن لهذا الكم من المزارع الترفيهية والمطاعم القذرة والمصانع المخالفة أن تبقى حية حتى الآن لولا تغاضي المسؤولين عنها لأسباب لا يعلمها إلا الله، وهيئة نزاهة لو تشد حيلها، أما محاولات البعض التجميلية بالظهور في الحملات الاستعراضية، وكأنهم قد فوجئوا بما كان يحدث، فهو إدانة لهم أساساً، ولا ينطلي إلا على إدارات العلاقات العامة لديهم، وما تطهركم حملاتكم لو عشرين عاماً.