تأثرت الأسواق المالية العالمية وجميع فئات الأصول بشكل كبير، في ظل انتشار فيروس كوفيد- 19، الأمر الذي دفع البنوك المركزية وصانعي السياسات إلى التدخل وتوفير حزم التحفيز المالية والاقتصادية لمواجهة التحديات الاقتصادية.

وعلى صعيد أسواق الدخل الثابت العالمية، أدى انتشار الفيروس إلى زيادة التقلبات وارتفاع الهوامش السعرية، وتزامنا مع انتشاره شهدت الأسواق العالمية في مارس الماضي انخفاضا حادا في أسعار النفط، مما شكل ضغطا إضافيا على الاقتصادات التي تعتمد على العائدات النفطية.

Ad

وحسب تقرير صادر عن المركز المالي الكويتي «المركز»، بعنوان «أداء أسواق الدخل الثابت الخليجية في الربع الأول من عام 2020»، ظهرت تداعيات انتشار الفيروس في جوانب متعددة من أسواق الدخل الثابت الإقليمية، فهبطت مؤشرات السندات والصكوك الخليجية خلال مارس الماضي لتسجل انخفاضا في الربع الأول من عام 2020، بعد تحقيق بعض الأرباح خلال الشهرين الأوليين من العام، نتيجة لعمليات بيع واسعة للسندات والصكوك الخليجية، مما أدى إلى هبوط أسعارها بشكل ملحوظ، كما تباطأت وتيرة الإصدارات الأولية للسندات الخليجية في مارس الماضي، مقارنة بعام 2019.

من ناحية أخرى، ارتفع معدل مخاطر الائتمان (Credit Default Swap) لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الهوامش السعرية للإصدارات الحكومية، إضافة إلى تخفيض التصنيف الائتماني لكل من الكويت وعُمان من وكالات التصنيف الائتماني العالمية في ضوء التوقعات السلبية لنمو الاقتصاد العالمي وهبوط أسعار النفط.

أداء مؤشرات أسواق السندات

وقال التقرير إن أسواق السندات والصكوك الإقليمية والعالمية شهدت أداء إيجابيا في بداية العام، قبل أن يتغير مسارها نحو انخفاضات حادة في مارس، بسبب الأزمة العالمية لانتشار فيروس كورونا، لتمحو جميع مكاسبها.

في بداية العام وخلال شهري يناير وفبراير، سجل مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات العالمية (Bloomberg Barclays Global Aggregate index) ارتفاعا بنسبة 2 في المئة، بينما سجل مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات والصكوك الخليجية (Bloomberg Barclays GCC Aggregate)، والذي يمثل السندات والصكوك المصدرة من دول مجلس التعاون الخليجي، ارتفاعا بنسبة 1 في المئة.

كما ارتفع مؤشر بلومبرغ باركليز لسندات الأسواق الناشئة (Bloomberg Barclays Emerging Markets Aggregate) بنسبة 1 في المئة لنفس الفترة، وحقق مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات الأميركية (Bloomberg Barclays US Aggregate) ارتفاعا بنسبة 4 في المئة، ومؤشر بلومبرغ باركليز للسندات الأوروبية (Bloomberg Barclays Pan-European Aggregate) بنسبة 2 في المئة.

ومع حلول أزمة فيروس كورونا خلال مارس، تراجع أداء تلك المؤشرات، حيث هبط مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات العالمية بنسبة 2 في المئة لينهي الربع الأول من العام بعائد نحو 0 في المئة.

وانخفض مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات الخليجية بنسبة 9 في المئة لينهي الربع الأول من العام بخسارة نحو 7 في المئة، بينما سجلت سندات الأسواق الناشئة أسوأ أداء، حيث هبط مؤشر بلومبرغ باركليز لسندات الأسواق الناشئة 11 في المئة خلال مارس، لينهي الربع الأول من العام بخسارة إجمالية نحو 9 في المئة.

وعلى صعيد سوق السندات الأميركية سجل مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات الأميركية خسارة طفيفة بلغت 1 في المئة، لينهي الربع الأول بارتفاع نسبته 3 في المئة، في حين خسر مؤشر بلومبرغ باركليز للسندات الأوروبية 4 في المئة خلال مارس، لينهي الربع الأول بخسارة إجمالية بلغت 1 في المئة.

السندات والصكوك الخليجية

ومع وجود بعض الاستثناءات، تأثرت كل السندات والصكوك الخليجية المصدرة من مختلف القطاعات سلبيا بسبب اضطرابات انتشار فيروس كورونا، والانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي يعد مصدر دخل رئيسيا لدول مجلس التعاون الخليجي.

وكانت السندات ذات العائد المرتفع، وتلك التي لها فترات استحقاقات طويلة، هي الأكثر تأثرا وانخفاضا، ومن حيث القطاعات كان القطاع الاستهلاكي (غير الدوري) وقطاع النفط والغاز وقطاع العقار والسندات الحكومية ذات التصنيف الائتماني المنخفض الأكثر تأثرا من كل قطاع.

وفي قطاع الاستهلاك غير الدوري، انخفض سعر سندات شركة إن إم سي الاماراتية ذات استحقاق 2025 انخفاضا حاد بلغ 90.14 في المئة في الربع الأول من 2020، بسبب تزامن الأزمة العالمية مع ظهور تقارير عن تلاعب الشركة في بياناتها المالية وتضخيم قيمة الأصول والمصروفات الرأسمالية وتخفيض قيمة الديون.

كما انخفضت سندات شركة بور درلنغ ذات استحقاق عام 2023 من قطاع النفط والغاز بنسبة 74.4 في المئة في الربع الأول من عام 2020، أما بالنسبة للقطاع العقاري فقد انخفض سعر سندات صندوق الإمارات ريت ذات استحقاق عام 2022 بنسبة 33.9 في المئة في الربع الأول من عام 2020.

وعلى صعيد السندات السيادية الخليجية، شهدت السندات المصدرة من سلطنة عمان أكبر انخفاض في أسعارها بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والذي قد يساهم في تضخيم العجز المالي للدولة.

وفي الربع الأول من عام 2020، شهدت عمان انخفاضا في سعر سنداتها ذات استحقاق عام 2027 بنسبة 30.36 في المئة، وانخفض سعر سنداتها ذات استحقاق عام 2029 بنسبة 31.07 في المئة، كما انخفض سعر سنداتها ذات استحقاق عام 2048 بنسبة 34.51 في المئة.

الإصدارات الأولية

وخلال شهر مارس، تضاءل إجمالي حجم الإصدارات الأولية للسندات والصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 5.4 مليارات دولار، والذي يمثل انخفاضا بنسبة 75 في المئة عن مستواها خلال نفس الفترة من العام الماضي، والذي بلغ 21.5 مليارا، وهو أدنى مستوى للإصدارات الأولية للسندات الخليجية خلال السنوات الأربع الأخيرة.

وعليه بلغ إجمالي الإصدارات الأولية للسندات والصكوك الخليجية 26.2 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، مسجلا انخفاضا بنسبة 38 في المئة عن مستواه في نفس الفترة من العام الماضي، والذي بلغ 42.5 مليارا.

وفيما انخفضت الإصدارات الأولية السيادية بنسبة 65 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بمستواها في نفس الفترة من العام الماضي، حيث بلغت 10.94 مليارات دولار مقارنة بنحو 30.83 مليارا.

وسجلت الإصدارات الأولية للشركات الخليجية ارتفاعا بنسبة 31 في المئة خلال الربع الأول لتصل إلى 15.30 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2019 نتيجة تصاعد نشاط تلك الإصدارات خلال شهري يناير وفبراير، أي قبل انتشار الفيروس.

عوائد السندات الخليجية

وترتبط أسعار السندات والصكوك ارتباطا عكسيا بعائداتها، وكلما ارتفع سعر السندات قلت عوائدها والعكس صحيح، ومع انخفاض أسعار السندات والصكوك الخليجية بعد حلول أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط، سجلت عوائد السندات الخليجية ارتفاعا ملحوظا خلال الربع الأول من عام 2020، مما يعني ارتفاع تكلفة الإقراض على المؤسسات.

وفي نهاية مارس، ارتفعت عوائد السندات المصدرة من قبل الحكومة السعودية ذات استحقاق 2025 بواقع 75 نقطة أساس ليصل عائدها إلى 3.19 في المئة، وذات استحقاق 2050 بواقع 64 نقطة أساس ليصل إلى 4.54 في المئة.

كما ارتفع عائد السندات السيادية القطرية ذات استحقاق 2026 بواقع 63 نقطة أساس ليصل إلى 3.01 في المئة، واستحقاق 2049 بواقع 30 نقطة أساس ليصل إلى 3.81 في المئة، وارتفع عائد سندات أبوظبي استحقاق 2026 بواقع 39 نقطة أساس ليصل إلى 2.83 في المئة، وسندات استحقاق 2049 بواقع 24 نقطة أساس ليصل إلى 3.52 في المئة.

كما شهدت سندات دبي استحقاق 2025 ارتفاعا في عوائد سنداتها بواقع 85 نقطة أساس ليصل إلى 3.23 في المئة، وسندات استحقاق 2043 بواقع 154 نقطة أساسية ليصل إلى 5.83 في المئة، أما البحرين فارتفع عائد السندات استحقاق 2026 بواقع 452 نقطة أساس، ليصل إلى 8.26 في المئة، وسندات استحقاق 2047 بواقع 311 نقطة أساس ليصل إلى 9.02 في المئة.

وارتفع العائد على السندات السيادية العمانية استحقاق 2025 بواقع 691 نقطة أساس ليصل إلى 11.06 في المئة، وسندات استحقاق 2048 بواقع 398 نقطة أساس ليصل إلى 10.70 في المئة، مما يشير إلى أن مخاطر حالات الإخلال قد ارتفعت في ظل الظروف الراهنة.

ونشير إلى أنه لا يوجد حاليا منحنى عائد شامل للسندات الكويتية بسبب قلة الإصدارات السيادية، وشهدت أيضا السندات الكويتية الحكومية القائمة ارتفاعا في عوائدها، حيث ارتفع عائد السندات استحقاق 2022 بواقع 3 نقاط أساس لتصل إلى 1.92 في المئة، وارتفع عائد سندات استحقاق 2027 بواقع 26 نقطة أساس لتصل إلى 2.54 في المئة.