تلجأ الدول عادة للإقتراض عندما تزيد المصروفات والنفقات على الإيرادات، إما لمواجهة أزمة سياسية أو اقتصادية أو حتى صحية كما هو الوضع الحالي، ولكن ما سبب اقتراض الحكومة في الكويت إذا علمنا أن المشروع المقدم لمجلس الأمة ورد في تصريح رئيس المجلس منذ 2017؟

وهل سيتم الاقتراض كدين عام أو سيادي؟ أو هل يتم السحب من الصندوق السيادي الأول أم من صندوق الأجيال الذي تأسس عام 1976، ويهدف إلى الاستثمار في الأسهم العالمية والعقارات لمصلحة أجيال المستقبل والذي تأتي إيراداته من تحويلات بنسبة 50% من رصيد الاحتياط العام له مع 10% من الإيرادات السنوية وتشمل أصولاً ومستندات وسيولة؟ وهل هذه السيولة تكفي لسداد التزامات الدولة؟ وأين سيتم صرف هذا الدين؟ وهل الدولة قادرة على سداده علماً أن لعدم قدرتها على سداد ديونها آثاراً سلبية خطيرة، لأنه يضعف تصنيفها الائتماني ويفقد ثقة المستثمر الأجنبي بها مما يؤدي لخروج الأموال الطائلة من البلاد؟

Ad

والدولة تعاني الآن مأزقا فكيف يمكن الخروج منه بأخف الأضرار، إن كان السحب من الصندوق السيادي الأول هو الأمثل مع أن ما فيه من سيولة لا تكفي لسداد التزاماتها؟ إذاً هنا يتضح سوء إدارة الدولة خصوصا إذا علمنا أن هذا الصندوق يمثل فائض الميزانيات السابقة.

وبقراءة سريعة لما ورد في تقارير صندوق النقد الدولي ووزارة المالية نرى أن فائض الميزانية لعام 2007- 2008 ارتفع بنسبة 59% عن مستواه في السنة السابقة ليبلغ 11,4 مليار دينار، كما سجلت الإيرادات نموا بنسبة 23% لتصل إلى 18,9 مليار دينار متأثرة بارتفاع أسعار النفط، حيث بلغ سعر البرميل 75.3 دولاراً في ذلك الوقت، وتراجعت المصروفات بنحو 9.3%، والمصروفات التي سبقت كانت أكثر بسبب المنحة الأميرية ومدفوعات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أما الإيرادات غير النفطية فارتفعت إلى 140 مليون دينار فساهمت بنحو 52% من إجمالي الزيادة المحققة بالإيرادات، وسجلت إيرادات الخدمات نسبة 15.4%، أي ما يعادل 64 مليون دينار مقارنة بالسنوات التي سبقتها.

ورغم حدوث الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثر الكويت كحال كل الاقتصادات، فإن بيانات وزارة المالية أظهرت فيما بعد أنها حققت فائض ميزانية بقيمة 2,28 مليار دينار خلال النصف الأول من 2018- 2019 كما أوضحت ارتفاع إيراداتها بنسبة 47% في النصف الأول، أي بواقع 10,33 مليارات دينار، وإن سجلت الميزانية تراجعا في مطلع العام الحالي لأسباب عدة حتى قبل الأزمة الصحية مع الظروف الراهنة والشلل الذي حدث بالعالم كله.

وللخروج الآمن من المأزق فإن السحب من صندوق الأجيال أخطر من الاقتراض، وبيع الأصول في هذه الظروف سيوقع الدولة في black hole، والحكومات السابقة لم تحسن التصرف بأموال الدولة لذا يجب على المدى القصير والبعيد العمل على التالي:

● معرفة كيفية استخدام الأموال بحيث توجه للحاجات الضرورية للمواطن بإسناد إدارة الدولة وأموالها إلى خبراء متخصصين بعيداً عن المحاصصة والترضيات السياسية.

● تبني نهج إصلاحي حقيقي وتطبيق صارم للقانون على الجميع واسترجاع الأموال العامة المسروقة ووقف النهب والسلب واسترجاع كل العمولات المشبوهة التي تمت.

● فرض رسوم وضرائب عالية على الشركات والقسائم الصناعية والزراعية والشاليهات ووقف الدعم عنها.

● وقف الهدر بتقليص الهيكل الإداري للدولة وإلغاء كل المجالس العليا ومجالس إدارة الهيئات والأجهزة وإلحاقها كإدارات في الوزارات.

● تغيير نهج سياسة التوظيف من استيراد لقوى عاملة واستبدالها بقوى عاملة وطنية والتي صرفت على تدريبها وتعليمها الكثير واكتفت بإعطائها منحا وهبات، فبلغ عدد العمالة عام 2019 في القطاع الحكومي 314,916 كويتيا مقابل 97,718 غير كويتي وفقاً لإحصائيات الإدارة المركزية للإحصاء، والكارثة أن نسبة الأمية للكويتي صفر ولغير الكويتي 0.4% وأن النسبة لمن يقرأ ويكتب صفرا للكويتي و4.8% لغير الكويتي، وأن حامل الثانوية 21.1% للكويتي و8.4% لغير الكويتي.

هذه نظرة سريعة على مستوى تدني العمالة غير الكويتية ولا نعلم ما الفائدة المرجوة لمثل هذه العمالة في القطاع الحكومي.