مع توقعات بزيادة الحالات المصابة بفيروس «كورونا» في الكويت، خلال الأيام والأسابيع المقبلة، تُطرح تساؤلات حول قدرة القطاع الصحي على استيعاب الزيادات المتوقعة، خصوصاً أن وزارة الصحة أعلنت أن طاقتها الاستيعابية للمرضى لا تتجاوز 3 آلاف مريض، في مقابل طفرة واضحة في أعداد المخالطين المصابين بالفيروس، والتي تجاوزت عتبة الـ100 اصابة يوميا، بالإضافة الى عزل منطقتي المهبولة وجليب الشيوخ واخضاع السكان فيهما لاجراءات الكشف الاحترازي، فضلا عن توافق الجهات الرسمية على الدفعة الثانية من الكويتيين، الذين سيتم اجلاؤهم من الخارج في فترات قريبة، وهو ما يضع «الصحة» أمام السؤال الصعب حول القدرة على احتواء التحديات المرتقبة.

وفي مقاربة لهذه التحديات يُجمع بعض الأطباء على وجوب عدم إرهاق وإرباك المستشفيات والطواقم الطبية بعلاج كل الحالات المصابة، وقصرها فقط على الحالات الصعبة والحرجة والمسنين، الذين يعانون أمراضاً مزمنة، في مقابل عزل المصابين بالفيروس ممن يعانون أعراضا بسيطة، وهم النسبة الأكبر من المرضى، في المنازل أو تخصيص محاجر صحية لهم، مع متابعة حالتهم الصحية من الفرق الطبية والصحة الوقائية، وفرض عقوبات وغرامات مغلظة على من لا يلتزم بذلك.

Ad

وفي هذا السياق، أكد وزير الصحة الأسبق د. محمد الهيفي أنه من غير المنطقي إدخال أي مريض يعاني أعراضا بسيطة للمستشفى، حتى وإن كان مصابا بفيروس «كورونا» المستجد، مشددا على ضرورة أن يتم السماح فقط للأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض قوية للمرض، بهدف تمكين القطاع الصحي في البلاد من الصمود، في ظل توقعات بتزايد الحالات الإيجابية للفيروس خلال الأيام المقبلة، ومنعاً لإنهاك المستشفيات والطواقم الصحية.

وقال الهيفي، لـ«الجريدة»، إن كثيرا من المستشفيات في دول العالم باتت تستقبل الإصابات القوية فقط، وتسمح للأشخاص ممن يتعرضون لأعراض خفيفة بالجلوس في المنزل أو وضعهم في محاجر خاصة بهم.

وفي حين وصف الوزير السابق إجراءات الصحة حيال «كورونا» بـ«الممتازة»، توقع أن تشهد الأيام المقبلة زيادة في الإصابات، على أن يبدأ المنحنى في التراجع خلال الشهرين المقبلين. وتساءل عن ماهية الإجراءات التي ستتخذ عندما تتجاوز الاصابات سقف الـ100 حالة؟

عودة المواطنين

ودعا الهيفي للإسراع في إجلاء الكويتيين العالقين في الخارج، والذين يتجاوز عددهم 50 ألفا بينهم 30 الف طالب، مشيرا الى أنه لا خوف من اعادتهم، بما يتلاءم مع الطاقة الاستيعابية للمحاجر الصحية في البلاد، والتي ينبغي فتح المزيد منها لتستوعب اكثر من 10 الاف شخص، بالاضافة الى ضرورة الاستعانة بأطباء القطاع الخاص والأطباء المتقاعدين للانضمام للفرق الطبية بمواجهة جائحة كورونا. كما أن هناك أطباء غير كويتيين موجودون خارج الكويت، على استعداد للانضمام للفرق الطبية في الكويت خلال الأزمة.

من جانبه، توقع الطبيب الاستشاري في وزارة الصحة مرزوق العازمي أن تشهد الأيام المقبلة ازديادا في الاصابات، مشددا على أهمية عدم إرهاق المستشفيات والطاقم الطبي بالحالات البسيطة.

وقال العازمي، لـ«الجريدة»، إن الحالات المصابة الآن أصبحت بسبب العدوى المجتمعية، ولم تعد آتية من الخارج، وبالتالي من المتوقع زيادة الحالات، خصوصا بين العمالة الوافدة بسبب الاختلاط الزائد في المساكن، وهو ما يوجب البحث عن العلاج، الذي قد يكمن مثلا في وضع العمالة الوافدة في محجر صحي مخصص لذلك، مضيفا أن العمالة الوافدة من صغار السن يتمتعون بصحة جيدة، لذا يمكن عزلهم في محاجر محددة، مع إيجاد آلية لتتبعهم.

واعتبر أن من شأن مثل هذه الإجراءات تخفيف العبء والضغط على المستشفيات والطواقم الطبية، خلال المرحلة المقبلة، والتي من المتوقع أن تشهد زيادات في أعداد المصابين، خصوصا أن المستشفيات لا تتعامل فقط مع المصابين أو المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، ولكن مع مشاكل صحية أخرى.

المستشفيات والمحاجر

بدوره، اقترح رئيس وحدة المسالك البولية في مستشفى الفروانية د. فيصل الهاجري أن يتم استخدام بعض المستشفيات كمحاجر صحية، مثل مستشفى الجهراء الجديد، الذي يتسع لنحو 1200 سرير، إلى جانب عدد من المستشفيات المتخصصة في منطقة الصباح الطبية التخصصية.

وشدد الهاجري على ضرورة الالتزام بالبقاء في المنزل، لاحتواء الفيروس والتصدي له، كما شدد على ضرورة أن يتحمل أرباب العمل مسؤولية أخلاقية ودينية في إعالة العمالة الوافدة، خصوصا أن أغلب العمالة الوافدة رواتبها ضعيفة وعمالتها يومية، وقد تضطر إلى الخروج من المنزل للبحث عن عمل يومي للصرف على نفسها.

15 محجراً و٥ قيد التجهيز والطاقة الاستيعابية تتجاوز 11 ألفاً

تزامناً مع تطورات «كورونا»، رفعت وزارة الصحة من طاقات الحجر الصحي لديها، حتى باتت اليوم تشرف على 15 محجرا، بواقع 11 مخصصة للمواطنين و4 للمقيمين، إلى جانب عدد من المحاجر الجديدة التي تعمل السلطات المعنية على إنشائها لاستيعاب الأعداد المصابة، والتي تشير التقديرات إلى زيادتها خلال الفترة المقبلة. وتبلغ الطاقة الاستيعابية لهذه المحاجر أكثر من 11 ألفاً.

وقد خصصت وزارة الصحة 11 محجرا للكويتيين، وهي منتزه خليفة السياحي، منتجع سيشل الجليعة، منتزة الخيران، منتزه الوطنية، منتجع أكوا مارين، منتزه الجون، فندق شاطئ الكوت، فندق الريجنسي، فندق كراون بلازا، وفندق هوليداي إن الثريا، إضافة إلى محجر صحي جنوبي البلاد. فضلا عن تحضيرات للتعاقد مع فندقين في البلاد كمحجرين صحيين للمواطنين، علماً أن جمعية المهندسين أعلنت، امس الاول، تجهيز 3 محاجر صحية في المباني التابعة لها.

وكان محجر فندق شاطئ الكوت هو أول المحاجر، التي خصصتها وزارة الصحة لاستقبال المواطنين العائدين من إيران، أواخر فبراير الماضي، وتبعه بعد ذلك تجهيز محاجر الخيران والجون وسيشل، لاستيعاب المواطنين القادمين من الخارج، خلال مارس الماضي.

أما المحاجر الصحية المخصصة للمقيمين فهي محجر أرض المعارض، وكبد، وجليب الشيوخ، إضافة إلى محجر الرتقة في منطقة العبدلي، بالإضافة إلى تجهيز شركة نفط الكويت شمالي البلاد محجرا جديدا في منطقة الزور.

طاقة المستشفيات

كشفت مصادر صحية مطلعة أن قرار عودة المواطنين العالقين في الخارج يعتمد على عدة محاور؛ أهمها الوضع الصحي في البلاد، وسعة المحاجر الصحية، والسعة السريرية في المستشفيات، والطاقم الطبي والصحي العامل.

وقالت المصادر، لـ«الجريدة»، إن قرار إجلاء المواطنين في الدفعة الثانية هو قرار مشترك بين وزارة الصحة ووزارة الخارجية والطيران المدني، مؤكدة أن «الصحة» وكوادرها الطبية والتمريضية والفنية والإدارية مستعدة في كل وقت لعلاج الحالات المصابة.