لم أصدِّق أبداً الأرقام والمعلومات، التي كانت تعلنها جمهورية الصين الشعبية عن تطورات وباء فيروس كورونا (كوفيد- 19) على أراضيها، وخاصة فيما يتعلق بتعداد المصابين والمتوفين نتيجة الوباء، فالأرقام التي أعلنتها في بلد يتجاوز تعداده ملياراً و٣٥٠ مليون نسمة، ويعتبر مهد ولادة الفيروس، لا يمكن أن تُصدَّق.

لأن البلد، الذي يتعامل مع الطبيب الذي اكتشف الفيروس بإرسال الشرطة والمخابرات العسكرية إليه لإسكاته حتى توفى متأثراً بنفس المرض، لا يمكن أن يكون نظامه الديكتاتوري المغلق مهتماً بتقديم أية حقائق عما يحدث نتيجة لذلك في داخل بلده، أو يحذّر العالم من وباء حصد حتى اليوم ٥٠ ألف روح بشرية، وتسبب في دمار اقتصادي شامل حول العالم.

Ad

المؤسف في الأمر هو موقف منظمات دولية تجاه الصين، وبصفة خاصة منظمة الصحة العالمية، التي تخشى مواجهة دولة كبيرة مثل الصين وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديها حلفاء كثر، لذا فإن مسؤولي تلك المنظمة توخوا السلامة والحفاظ على مناصبهم، بدل الدفاع عن البشرية ومواجهة دور بكين السلبي ومسؤولياتها تجاه البشرية.

العالم كله يجامل الصين ويطلب رضاها، بسبب مقدراتها الاقتصادية والبشرية، ويكف النظر عن ممارساتها الديكتاتورية ونظامها المغلق، ولكننا ندفع الثمن اليوم بسبب ذلك، فلو كانت الصين دولة حرة ومنفتحة لخرج الطبيب لي وين ليانغ ليحذر العالم من الفيروس، ولكن تهديد سلطات القمع الصينية له أخرسه.

مصائب الدول القمعية لم تعد محصورة في شعبها وإقليمها فقط، بل تهدد العالم ككل، وكما ذكرت أجهزة استخبارات مختلفة أن أعداد المتوفين بسبب الوباء في الصين وإيران ودول أخرى تحظى بأنظمة قمعية هي أضعاف مضاعفة للأرقام التي تعلنها حكوماتها، وهو ما يتطلب أن يكون لدى المنظمات الدولية آليات مختلفة تجاه الأرقام والبيانات التي تصدرها دول قمعية مغلقة، وعلى العالم أن يضمن الاستقلالية لتلك المنظمات والشجاعة لاتخاذ إجراءات إضافية، للتأكد من صحة البيانات التي تتعلق بالأوبئة والأمراض، كما على العالم أن يتوحد تجاه تلك الدول، لأنه لا يمكن وضع مصير البشرية بيد لجنة مركزية لحزب متسلط أو حاكم ديكتاتوري أو ثيوقراطي متطرف.