وسط تصدع في جبهة معارضيه وفشلها في الاتفاق على مرشح بديل رغم تدخل قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآني، قدّم رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي أمس برنامج حكومته إلى البرلمان، مطالباً رئيسه محمد الحلبوسي بعقد جلسة خاصة لمنحه الثقة.

وقال الزرفي: «أكملت تشكيلتي الحكومية من الكفاءات من داخل العراق، وأنتظر من مجلس النواب تحديد جلسة للتصويت عليها»، مبيناً أن «برنامجه يركز على الاقتصاد ومسألة إجراء الانتخابات المبكرة والعلاقات الخارجية».

Ad

وفي تحذير شديد، نبّه الزرفي إلى أن «العراق يمر بكارثة، وقد لا تتمكن الحكومة من تأمين كل المرتبات»، داعياً جميع القوى السياسية إلى «التكاتف لرسم خطة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لتوفير الرعاية الاجتماعية».

وإذ شدد الزرفي على أن «النفط ملك الشعب، ولا يحق للحكومة التصرف بهذه الثروة بطريق غير مناسبة»، أكد الزرفي أنه أبلغ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بأنه لن يسمح بجعل العراق ساحة للصراع الإقليمي والدولي.

وفي وقت سابق، تمسك الزرفي بدستورية قرار تكليفه من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح ورفض الاعتذار عن مهمة تشكيل الحكومة، مؤكداً أن مشاوراته مستمرة إلى حين إكمال الكابينة الوزارية وعرضها على البرلمان.

وقال الزرفي، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (واع)، «لن أعتذر عن استكمال مهمتي المتمثلة بتشكيل الحكومة مطلقاً، ولن أتراجع عن دستورية التكليف ولن أخذل من ساندني ووقف معي من القوى المجتمعية والسياسية»، مضيفاً أن الخيار متروك لأعضاء البرلمان والكتل السياسية الوطنية بمنحه الثقة معززة بدعم الشارع والتوافق مع رأي المرجعية الرشيدة من أجل تنفيذ البرنامج الحكومي.

وتعهد الزرفي بـ»تشكيل حكومة وطنية تستمد شرعيتها من البرلمان العراقي بعد التشاور مع الكتل النيابية وبما يلبي مطالب الشارع»، مبيناً أن الحكومة الجديدة «ستعمل على أربعة محاور مهمة؛ وهي العمل على إيجاد الحلول للأزمة المالية، وفرض هيبة الدولة وسيادة القانون، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، فضلا عن توازن العلاقات الدولية لعراق قوي ووسطي».

محاكمة الرئيس.

وفي ظل تخبطها وعدم اتفاقها على مرشح بديل، فاجأ إصرار الزرفي على عدم الاعتذار عن التكليف القوى الرافضة له وفي مقدمتها «تيار الفتح» بقيادة زعيم «منظمة بدر» هادي العامري و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي.

وإلى جانب اعتزامه تشكيل تحالف معارض للزرفي والعمل على عدم دعمه داخل البرلمان لتشكيل الحكومة، قرر تحالف العامري مساءلة رئيس الجمهورية قانونياً وبرلمانياً، مؤكداً أن قرار تكليفه محافظ النجف السابق «غير دستوري».

وطالب «الفتح»، في وثيقة رسمية وقعها عدد من النواب المؤيدين رئيس مجلس النواب بمساءلة رئيس الجمهورية بانتهاك الدستور استناداً إلى أحكام المادة 61 سادساً أ.

وأكد النائب المستقل عامر الفايز أن «الكتل الشيعية غير متفقة حتى الآن في ما بينها على اختيار بديل للزرفي حال تم رفضه داخل البرلمان»، مشيراً إلى أن «الأسماء الثلاثة المطروحة عزت الشابندر وقاسم الأعرجي وعبد الحسين عبطان، غير متفق عليها بشكل نهائي».

«سفارة الشر»

في غضون ذلك، أعلن التحالف الدولي تسليم قاعدة التقدم الجوية بالحبانية إلى بغداد، موضحاً أنه سيغادر 500 منتسب من أفراده لها ونقل ملكية معدات ومبان بما يقرب من مبلغ 3.5 ملايين دولار إلى الجيش العراقي.

في المقابل، وجهت 8 فصائل بالحشد الشعبي، أمس، رسائل للقوى السياسية والشعب العراقي، معتبرة أن القوات الأميركية احتلالاً لا يحترم إلا لغة القوة والعمليات ضدها رد بسيط على اعتداءاتها.

وقالت الفصائل، في بيان مشترك، إن «التهديدات الأميركية باستهداف فصائل وقادة المقاومة لم تكن إلا محاولة للتغطية على هزائمها، لأنها أضعف من أن تدخل الحرب معها».

وفي رسالة ثانية إلى القوى السياسية، قالت فصائل «الحشد»: «نرفض تمرير مرشح الاستخبارات الأميركية عدنان الزرفي، وهذا الأمر لن نسمح به، وسنبذل كل جهدنا من اجل الحفاظ على الاستقرار والأمن»، متعهدة في رسالتها إلى الشعب «بالدفاع عنه والتضحية من أجله، وعدم ترك أميركا تعمل على احتلال الأرض وسرقة الثروات وتقسيم الدولة».

بدورها، نشرت ميليشيا «عصبة الثائرين» الموالية لإيران أمس الأول مقطع فيديو مدته دقيقة ونصف لمبنى السفارة الأميركية والمنشآت الملحقة بها في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية.

وبعد تصويرها من مسافة قريبة جداً عبر طائرة درون مسيرة، هددت الميلشيا في بيان أرفقته مع الفيديو تحت عنوان «عيوننا تترصد تحركاتكم... ولن ينالوا ما يريدون»، بقصف السفارة الأميركية مجدداً وتدميرها، وقالت: «أيها الشعب العراقي الثائر والمقاوم هذه سفارة الشر تحت أنظارنا وفي رحمة صواريخنا ولو شئنا لجعلناها هباءً منثوراً وقد خبرتم بأسنا ودقة ضرباتنا».

وتبنىت «عصبة الثائرين»، غير المعروفة، قصف مواقع قوات التحالف الدولي في العراق وأبرزها استهداف معسكر التاجي، الذي يضم قوات أميركية وبريطانية وقتل ثلاثة من عناصرها الشهر الماضي، معتبرة أن «العملية هي الأولى في سياق الرد على اغتيال واشنطن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ورفاقهما في محيط مطار بغداد في الثالث من يناير الماضي».

جاء نشر هذا الفيديو المثير في وقت تصاعدت التهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران، حيث هدد الرئيس دونالد ترمب إيران الأربعاء الماضي بدفع «ثمن باهظ» إذا ما هاجمت هي أو حلفاؤها في العراق القوات الأميركية المنتشرة هناك. ورد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن طهران لن تكون البادئة بالحرب لكنها ستلقن من يقوم بذلك درسا لن ينساه.

الحشد الشعبي

وفي حين طالب تحالف «الوطن أولاً» برئاسة النائب مثنى السامرائي وزير الداخلية ياسين الياسري بأن يكون لأبناء المحافظات المحررة دور في إدارة ملفاتها الأمنية، اتهم قائممقام القائم بمحافظة الأنبار أحمد الدليمي «الحشد» الشعبي» و«حزب الله» العراقي بالاعتداء عليه وإهانته بسبب تطبيقه لتعليمات خلية الأزمة في القضاء، مطالباً الحكومة بالتدخل ووضع حد لتلك العناصر.

وفي ديالى، أفاد الحشد الشعبي أمس بأن قواتها من اللواء الأول أحبطت مخططاً لتنظيم «داعش» باستهداف حقول النفط في منطقة خانة، لافتاً إلى أنه «عزز تواجده وسير دوريات جوالة طوال فترة الليل تحسباً لأي طارئ ضمن قاطع المسؤولية».