عادت الحياة إلى طبيعتها الأولى، وصار "كورونا" وراءنا، والناس تتحدث عنه كأنه من الذكريات... بعدما أعلنت الجهات الرسمية في الدولة خلوها من الوباء، وتنفس المواطنون والمقيمون الصعداء، والكل يهنئ ويبارك ويحمد الله على السلامة.

دبت الحركة من جديد، والتحق الموظفون بأعمالهم، وعاد التجار إلى مكاتبهم، وانتظم الطلبة بالجلوس على مقاعدهم في المدارس والجامعات،

Ad

وأخذ سعر برميل النفط يتعافى، والبورصات اشتعل فيها اللون الأخضر، والشوارع تكتظ بالسيارات وفي كل الاتجاهات، وهات يا مرور على الزحمة الخانقة!

استأنف مطار الكويت الدولي حركته الملاحية، وتكدست صالات الانتظار بشكل لم يسبق له مثيل ولم يحصل من قبل، فمن ألزم نفسه بالحجر المنزلي صار بمقدوره اليوم أن يفلت من الحصار، ويسافر إلى أي جهة أراد أن يذهب.

عقد مجلس الأمة أولى جلساته العادية، وخرجت الصحف في اليوم التالي بعناوين بارزة ومثيرة عن النقاشات والمواجهات الساخنة التي دارت بين الأعضاء بعد غيبة طويلة.

التأم مجلس الوزراء بجلسته الأسبوعية وبحضور سمو الرئيس وكل الوزراء، وناقشوا جدول الأعمال، واتخذوا القرارات المناسبة.

فتحت الدواوين أبوابها تستقبل الزوار والرواد، وراحت دلة القهوة تتنقل بين الضيوف، والأصوات تتداخل مع بعضها حول مآسي الوباء والآثار التي خلفها وراءه.

أضاءت الملاعب الرياضية ساحاتها، ونزل الرياضيون مصفقين للجمهور الذي غصت به المدرجات المخصصة له.

دارت عجلة الأيام، ولم يعد أحد يلتفت إلى عداد كورونا، ولا إلى المحاجر الصحية أو ينتظر المؤتمر الصحافي اليومي للدكتور عبدالله السند أو يتسمر أمام التلفزيون لمشاهدة تعليمات غسل اليدين وتعقيم الأسطح التي تمسها الأيدي.

فجأة صحا صديقي من الحلم الذي استرخى له عقله وجسده وراح يتمتم ويسأل: هل أصبح فعلا كورونا وراءنا، وأننا خرجنا من المحنة متعافين؟!

إذاً، ما الدروس التي استفدناها منها؟ وماذا تعلمنا من هذه النكبة الوبائية؟

لم يكمل طرح الأسئلة الصعبة والموجعة على نفسه، ولم يسعفه الوقت بجعله قادرا على استعادة ما اختزنته الذاكرة، فقد غلبه النعاس واستسلم للنوم من جديد حتى لا يتبخر الحلم ويتجاوزه وتذهب مفاعيله أدراج الرياح!