تلتقي الشخصيات الفكرية والثقافية المعروفة في الإمارات على قناة «سما دبي»، من خلال برنامج «الإمارات تقرأ»، في زمن كورونا، الذي فرض حظر التجول الطوعي أو الرسمي، وتقدمه بروين حبيب وصفية الشحي.

وفي هذا الإطار، دعا المدير التنفيذي لقطاع الإذاعة والتلفزيون في مؤسسة دبي للإعلام، أحمد المنصوري، الجمهور إلى متابعة حلقات البرنامج الثقافي الجديد، التي ستسلط الضوء على المبادرات والفعاليات المرافقة لشهر القراءة، والتي تسهم في بناء مجتمع مثقف متسلح بالعلم والمعرفة، وتواكب من ثم الاستراتيجية الوطنية للقراءة حتى عام 2026، في إطار عام متصل بعام القراءة 2016، الذي أعلن عنه الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وفي ضوء مخرجات خلوة المئة التي دعا إليها الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في ديسمبر 2015، وما تضمنته من 30 توجهاً وطنياً رئيسياً في قطاعات متعددة، وصولاً إلى إعداد إطار وطني متكامل لتخريج جيل قارئ، وترسيخ مكانة الإمارات عاصمة للمحتوى والثقافة والمعرفة.

Ad

المبادرات الوطنية

وأكد المنصوري دعم قناة «سما دبي» المستمر للمنتج الإماراتي التلفزيوني، إلى جانب دعم المبادرات الوطنية، لتكون الشاشة العاكسة لتوجهات الإمارات الثقافية بصفة عامة ودبي بصفة خاصة، بما يتوافق وخططها الوطنية والاجتماعية التي تعكس النهضة الحضارية في الإمارات بصفة عامة.

رحلة النور

وفي معرض حديثها عن البرنامج الجديد، قالت د. بروين حبيب، مقدمة البرنامج الجديد: «نواصل ونتواصل مع مشاهدينا في رحلة الكتاب، رحلة النور، أوكسجين حياتنا، وعمود رحلتنا نحو البناء والمعرفة، ألا وهو فعل القراءة. معاً في قلب المشهد الذي يحتفي بالكتاب خلال السنوات الأخيرة، من خلال قرار حكومي أطلق الكثير من المبادرات العظيمة، إيماناً بدور الكتاب كفعل تأصيلي للمعرفة وبناء المجتمعات وبث الوعي بكل الوسائل، وعلى رأسها مبادرة تحدي القراءة العربي، الذي كان لي الشرف أن أكون جزءاً من الفريق منذ انطلاقته قبل أربع سنوات».

وأضافت: «لا مثيل لإغراءات الكتب بحدائقها المضيئة للمتعة والمؤانسة، وقبل كل ذلك، الكتاب وعالم القراءة وفضاء الثقافة هو عالمي الذي نشأتُ فيه، وكبرت وتخصصت فيه، وصار إيقاع حياتي ونبضي وخبزي اليومي».

البرنامج الجديد

بدورها، قالت الإعلامية الإماراتية صفية الشحي، مقدمة البرنامج الجديد، «نعود مرة أخرى في رحلة لمد الجسور المعرفية، من خلال الكلمة، التي كانت معها بداية كل شيء، ونطرح مفاهيم ترتبط بالقراءة، وتكاد لا تقاس إلا بها، مثل المعرفة والدبلوماسية الثقافية والحضور الرقمي في عالم الكتاب والنشر وما يخوضه من تحديات، ونناقش كل ذلك مع شخصيات خاضت التجربة متفاعلة مع الإبداع الأدبي والشعري والفكري».

التأليف والنشر

وأضافت: «الرهان الحقيقي هذه المرة مقرون بإيمان المتلقي، وعلاقته بالكتاب والكتابة، وفي زمن صار يرتفع فيه سؤال الجدوى من التأليف والنشر، لابد لنا أن نعزز إيماننا بأن الحضارة الحقيقية لا يمكن أن تنشأ وتقوى وتستمر دون عقل مفكِّر ومغامر، لا يمكن لذلك أن يتم دون سؤال وبحث، وهذا دورنا في برنامج الإمارات تقرأ، المجد للقراءة والقراء».

مستقبل القراءة

من جهته، قال الأستاذ الجامعي والأديب التونسي د. شكري المبخوت، إن «مثل هذه المبادرات في شهر القراءة، محاولة مهمة وأساسية كي لا ننظر إلى النصف الفارغ من الكأس، وأن كل الناس يشتكون أنهم لا يقرؤون، وأننا نعاني نقصا واضحا في القراء، في حين أن مثل هذه المبادرات تُعد فرصة حقيقية لحث الناس وبيان قيمة القراءة في تغيير حياة الإنسان، ومن ثم المجتمع بأسره، الذي يصبح بها قادرا على الابتكار والريادة في أعلى المستويات والمواصفات الممكنة».

الكتاب الورقي

وأضاف: «القراءة بالنسبة لي، وباعتبار انتمائي إلى جيل قديم نوعاً ما، هي الكتاب الورقي أساساً، لكنني لا أرى أن مصادر المعرفة المتنوعة ومصادر القراءة الأخرى مرفوضة، بل بالعكس، لابد من التفاعل، والمهم في القراءة ليس الحامل الإلكتروني أو الورقي أو السمعي أو البصري، بل المهم أن يشتغل الذهن، وأن يتفاعل مع إنتاجات العقول الأخرى، فتتلاقح الأفكار، ونتعلم النسبية في الحكم على الأشياء، كما نتعلم التسامح والاختلاف، وندرك أن المجتمع متنوع والمسارات الفردية كذلك، فهذا الإدراك هو الذي يسمح لنا بالتغيير وترسيخ قيم المواطنة والحُرية والاختلاف، وبهذا المعنى القراءة لا تغير مباشرة، بل هي مسار متعرج، ربما بطيء، لكن نتائجه ثابتة».

جميع المجتمعات

وحول مستقبل القراءة في العالم العربي، قال الأديب التونسي: «القضية ليست تفاؤلاً أو تشاؤماً، بل هي مصيرية، بمعنى أنه دائماً وفي جميع المجتمعات هناك نخبة قارئة، وإشكال نريد فيه لهذه النخبة أن تتسع لتخرجنا من منطق الفصل في مجتمعاتنا بين نخب تقرأ وجماهير لا تقرأ، فالمشاركة في الحياة العامة وفي صنع الوطن لا تكون قوية إلا بقدر ما يكبر عدد الناس المدركين لواجباتهم ومسؤولياتهم ولحضورهم وهوياتهم الفردية والجماعية، وهذا لا يتحقق حتما إلا بالقراءة».

وتابع: «هنا تكمن المفارقة، فالقضية أنه سيوجد دائماً قراء، ويستحيل أن تموت القراءة، لكن المشكلة تتمحور حول كيفية توسيع قاعدة القراءة، ليس حباً بها، لكن لما تنتجه القراءة من فوائد نفسية واجتماعية وفكرية وحضارية تصنع الطموح والحلم، وهذا لا ينبغي أن يكون بالتالي ضمن مجموعة محدودة من الجمهور، فنحن نؤمن بديمقراطية القراءة وديمقراطية المعرفة».