في الوقت الذي زادت المطالبات من بعض الأفراد وحتى النواب لتطبيق الحظر الجزئي في البلاد لمواجهة أزمة انتشار فيروس كورونا في البلاد، نتيجة عدم التزام عدد من المواطنين والمقيمين مع الدعوات التي أطلقتها الحكومة في البلاد، تتزايد الأصوات أيضا هذه الأيام لتطبيق الحظر الكامل في البلاد للأسباب ذاتها التي يستند إليها من كانوا يطالبون بالحظر الجزئي!

وعلى الرغم من أن مبنى المطالبات يجب أن ينطلق - برأيي - من عاملين، هما أن يكون الحظر مبنيا على الرأي الفني الطبي الذي يواجه فيروس كورونا، بأن الحظر ودرجاته يجب أن يكون خيارا ضروريا للغاية، ولا غنى عنه في هذه الظروف، والثاني ألا يحقق هذا القرار كلفة وضررا كبيرا على حقوق وحريات الجماعة، لمجرد أخطاء وعدم التزام تسبب فيهما البعض، أو قلة بسيطة، رغم التزام الأغلبية.

Ad

وبدلا من أن تتسارع الأجهزة في محاولة لضبط سلوك الأقلية أو غير الملتزمين، يفاجأ الجميع بقرار كان بالأمس حظرا جزئيا وقد يتوسع أكثر ضمن مفاهيم الحظر الجزئي الى ساعات ومناطق أخرى أو الى حظر كلّي، من شأنه أن يضيّق الخناق على العديد من الحريات، ومنها حرية التنقل في البلاد، لاسيما أن هناك أعمالا ضرورية يقوم بها بعض الموظفين بمختلف المجالات في هذه الظروف الاستثنائية.

وفكرة الحظر الذي يطالب الكثيرون بالتوسع في جعله كليا، رغم اتفاق العديد من رجال الفقه والقضاء المقارن على مخالفته للقواعد القانونية، لتعارضه مع أحكام الدستور وللحريات العامة، يجب أن يخضع للدراسة العميقة قبل الإقدام عليه أو التوسع بالحظر الجزئي، لما سيسببه من إرهاق كبير للجميع، بذريعة عدم ضبط الأقلية لسلوكها، والذي كلّف الأغلبية حرياتها الأساسية.

لا يمكن الاعتراض على القرارات التي تصدرها الحكومة أو السلطات الصحية في البلاد، لكن يجب أن يراعي صاحب القرار الكلفة التي يسببها القرار قبل الإقدام عليه، وألا يكون المنطق من ورائه هو عدم التزام البعض، بل ما اقتضته الدواعي الصحية في البلاد، والتي استدعت من جراء التفشي أو عدم الالتزام بالمعايير الوقائية، لا سمح الله، الإقدام على ذلك، فالتوسع في الحظر أو الإقدام عليه كليا سيؤثر على حرمان الأفراد مما تبقى لهم من خدمات صحية وشرائية تلزمهم في ممارسة حياتهم!

الإقدام على الحظر الكلي أو التوسع بـ «الجزئي» يعني تعطيل الحياة بأكملها في دولة الكويت، في وقت تعمل البنوك والمحاكم جزئيا، والنيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات والإدارات المسؤولة عن الزواج والطلاق والوصايا وبنك التسليف والبطاقات المدنية والبلدية والتجارة، وغيرها من القطاعات التي تحاول أن تسيّر الأعمال بالقدر الممكن، فضلا عن أنه يضاعف فكرة التعويض التي قد تتكبدها الدولة لقطاعات أوسع، لأنها مع الحظر الكلي، ستتعطل لا محالة!