تراجعت أسعار النفط بشدة في الآونة الأخيرة، مدفوعةً بتوقعات تفاقم انتشار وباء كورونا وتعطيله لمختلف قطاعات الاقتصاد في العالم. وهبط سعر البرميل إلى أقل من 24 دولاراً، مع احتمال تعرضه لمزيد من الخسائر في المقبل من الأيام، نتيجة التخمة غير المسبوقة في أسواق الطاقة.

وتجلت هذه الظاهرة المثيرة للقلق أيضاً في ارتفاع أعداد طلبات الإعانة بسبب البطالة في الولايات المتحدة إلى أكثر من ثلاثة ملايين، وواكب ذلك هبوط سعر خام تكساس الوسيط إلى نحو 20 دولاراً للبرميل، وسط صورة قاتمة وتزداد حدة بمرور الوقت، من دون رؤية ضوء في نهاية النفق.

Ad

وكان اللافت في هذه المحنة أن أزمة الصين قد انتهت على صعيد المخاوف من انتشار وباء كورونا، لكن اعادة وتيرة عمل المصانع فيها تتعثر بشكل واضح بسبب تراجع الطلب من الخارج، وهو ما أفقد البضائع الصينية فرصتها التقليدية منذ عدة عقود. ومن المؤكد أن يسفر اغلاق الأنشطة الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة عن انكماش في تصدير البضائع الصينية، وربما يصل هذا التراجع الى نحو 20 – 45 في المئة محسوباً على أساس سنوي خلال النصف الثاني من العام الحالي، وهي نسبة تثير القلق بشدة في أوساط حكومة بكين التي تقف عاجزة عن الخروج من النفق، في ظل فتور الأنشطة الاقتصادية في العالم.

وبحسب خبراء الطاقة، فإن أشد المخاوف في الأسواق العالمية ترجع الى توسع الانكماش في الخصم من إفريقيا والشرق الأوسط الى أميركا اللاتينية. وتبيع نيجيريا، على سبيل المثال، وهي أكبر دولة منتجة للنفط في إفريقيا، إنتاجها عند خصم يبلغ 3.10 للبرميل عن السعر السائد وهو الأعلى في عقدين من الزمن.

ويضاف إلى هذه المتاعب أيضاً والتي كرسها بقوة انتشار وباء كورونا ازدياد تداعياته على كل القطاعات البترولية في العالم، كما أن الاستهلاك انخفض بنحو 20 مليون برميل في اليوم، وقد هبط الطلب بصورة دراماتيكية جداً في البعض من دول العالم.

وينسحب التراجع في استهلاك النفط في دول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا، بنسبة تقارب الثلث أو أكثر، على المصافي التي اضطرت الى خفض كميات التكرير في ظل الوضع الراهن. ويقوم تجار النفط اليوم بشراء الخام من أجل تخزينه ثم بيعه، بعد تحسن متوقع للأسعار، على الرغم من ضبابية هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر.

ويرى محللون أن امتلاء الخزانات سيدفع المنتجين إلى اتخاذ قرار حول ما إذا كان عليهم طرح الخام في الأسواق والنأي عن المغامرة.

في الجانب المشرق، على أي حال، يبدو أن تطورات أسواق النفط السلبية قد تفتح نافذة أمل من أجل الاستثمار في الطاقة المتجددة، اضافة الى احتمالات حدوث تراجع كبير في مبيعات السيارات الكهربائية في العالم.

ويقول محللون إن التاريخ يشير الى أن من غير المتوقع أن يؤثر الاستثمار في الطاقة المتجددة، وخاصة الرياح والشمس، على أسعار النفط خلال انهيارها.

لكن الجانب السلبي في هذا الصدد يتمثل في أن انتشار وباء "كورونا" أحدث اضطراباً في كل سلاسل الامداد، بما في ذلك أهداف الطاقة المتجددة، بحيث أصبح من الصعب الانتقال اليها في الأجل القريب، وذلك لأن الحكومات بصورة عامة سوف تركز على حماية اقتصاداتها وعملائها من احتمالات الركود والكساد.