رغم مواصلة الأجهزة الحكومية عملها لضبط المخالفين وإحالتهم إلى جهات التحقيق على خلفية الأحداث الاستثنائية التي تمر بها البلاد بسبب انتشار فيروس كورونا وفق أحكام القانون رقم 8 /1969 بشأن مكافحة الأمراض السارية والقانون رقم 21 /1979 بشأن الدفاع المدني المقرر لحظر التجول الجزئي في البلاد، فإنها تصطدم بواقع تعطيل العمل في الدوائر القضائية الجزائية بالمحاكم.

ورغم إنجاز جهات التحقيق، كالنيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات، للملفات التي تحال إليها من جهات ضبط المخالفات والقضايا، فإن مصير تلك الملفات يعلق إلى حين انعقاد المحاكم الجزائية والتي ستبدأ في العمل عقب زوال الأحداث الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتي قد تطول لفترات زمنية أخرى، وهو ما قد يثير جملة من الانتقادات لضمانة المحاكمات العادلة.

Ad

والاستمرار في تعطيل المحاكم الجزائية تحت ذريعة الظروف الاستثنائية الحالية يثير جملة من التساؤلات المهمة، أبرزها: ما ذنب المحبوسين على ذمة القضايا الجزائية ولم يفصل في قضاياهم بعدُ حتى الآن؟ وما قيمة البلاغات التي تحال من أجهزة ضبط المخالفات والمتسببين فيها بكل أنواعها طالما لا يعقد القضاء جلساته لمحاكمتهم جزائياً لتحقيق فكرة الردع العام المطلوبة في هذا الوقت؟

لا يمكن القبول بأي مبررات اليوم لمنع انعقاد جلسات الدوائر في المحاكم بذريعة التجمعات أو حتى منع التخالط بين الناس، لأنها ذرائع لا تتفق مع حقيقة الواقع الذي يكشف على نحو يومي عن انعقاد جلسات تجديد الحبس للمتهمين في المحاكم والتي يحضر فيها القضاة وممثل النيابة العامة والمتهمون المحبوسون والمحامون للترافع عنهم وموظفون لتنفيذ القرارات كأمناء سر الجلسات أو للتنفيذ الجنائي.

كما لا تتفق المبررات مع السوابق التي مرت على البلاد، فبعد اضطراب الأحوال الأمنية بعد التحرير استمرت المحاكم الجزائية في الانعقاد بل والدوائر الجزائية التي تحاكم المتهمين بجرائم أمن الدولة بالتعاون والتخابر مع النظام العراقي البائد، كما أن الأحداث تكررت في عام 2003 عندما تعرضت الكويت للعديد من التهديدات العراقية التي تطورت إلى إطلاق صواريخ على بعض المرافق في البلاد نتيجة مساهمتها في الحرب الأميركية لتحرير العراق من النظام البائد ووجود قرابة نصف مليون جندي أميركي في البلاد، ومع ذلك استمرت جميع الدوائر القضائية في كل المحاكم بالانعقاد والفصل في القضايا رغم حالة الهلع والفزع التي عاشتها البلاد في تلك الأثناء.

عودة استئناف الدوائر القضائية في المحاكم حالياً مستحقة على الأقل في قضايا الجنح المحالة بشأن الأحداث التي تمر بها البلاد لتحقيق حالة الردع، أو لكل المحبوسين فيها، فضلاً عن استئناف دوائر الجنايات لمحاكمة جميع المتهمين المحبوسين على ذمتها، طالما كانت تلك القضايا جاهزة للنظر والفصل، واتخاذ حميع القرارات بشأنها كأمر الحبس، وخصوصاً أن محاكم الموضوع هي الأقدر على بحث توافر مبررات إخلاء السبيل لاطلاعها على مجريات الدعوى بشكل أدق من قضاة تجديد الحبس.