أعاد قرار الحكومة القطرية توجيه الصناديق السيادية لزيادة استثماراتها في بورصة قطر بمبلغ 10 مليارات ريال قطري (800 مليون دينار كويتي)؛ لمواجهة الآثار السلبية على سوقها المالي، نتيجة تداعيات أزمة كورونا- أعاد إلى الأذهان المحفظة الاستثمارية الوطنية الكويتية، التي كاد مستثمرو بورصة الكويت نسيانها بعد 12 عاماً من تأسيسها.

فمنذ إعلان حكومة قطر تدخلها، سجلت بورصتها مكاسب تكاد تكون فريدة على مستوى العالم بلغت حتى يوم أمس 5.2 في المئة، مقابل تكبُّد معظم الأسواق العالمية والخليجية خسائر تراوحت بين 6 و8 في المئة. وكانت الخسائر الجماعية لمؤشرات بورصة الكويت الثلاثة الرئيسية، خلال 4 أيام تداول، بعد عودة التعاملات هذا الأسبوع؛ 9 في المئة لمؤشرها العام، و11 في المئة للسوق الأول، و5.1 في المئة للرئيسي.

Ad

أما خسائر بورصة الكويت منذ بداية العام، فكانت بواقع 29 في المئة للمؤشر العام، و33 في المئة للسوق الأول، و18 في المئة للرئيسي، في حين بلغت خسائر القيمة السوقية منذ بداية العام 11 مليار دينار.

ملاحظات وأهداف

هذه الأرقام ليست دعوة لاستخدام أموال الدولة في دعم أسهم البورصة، كما فعلت حكومة قطر، فلكل سوق -وحتى اقتصاد- طبيعته، بل هي تنبيه لمعرفة دور المحفظة الوطنية للاستثمار في البورصة، لاسيما أنها أموال الهيئة العامة للاستثمار، التي يُدار معظمها من الشركة الكويتية للاستثمار شبه الحكومية.

وبالتالي هناك مجموعة من الملاحظات على أداء المحفظة، ومدى اتساقها مع الأهداف التي تأسست من أجلها عام 2009، خصوصاً الهدف الأساسي، وهو اقتناص الفرص الاستثمارية الجيدة ذات العوائد في البورصة، وهو أمر تنفيه البيانات المعلنة للمحفظة الوطنية، التي حققت خلال 9 سنوات من تأسيسها، حتى آخر إفصاح عن بياناتها في مارس 2018، مكاسب بلغت فقط 2.9 في المئة، إذ بلغت قيمتها السوقية 477.6 مليون دينار.

ضعف شفافية

وإذا كانت النتائج الضئيلة للمحفظة الوطنية مقبولة، نظراً لظروف البورصة خلال 9 سنوات، مع أن هناك العديد من الأسهم القيادية التي حقتت نتائج أعلى بكثير من أداء المحفظة، فإنه من غير المقبول توقف إعلان بيانات الأداء منذ عامين تقريباً، خصوصاً أن سوق الأسهم سجل خلالهما مكاسب قوية، مدعوماً بترقيات من جهات دولية، مثل «فوتسي راسل» و»مورغان ستانلي»، وتعافي العديد من القطاعات والأسهم.

وبالتالي، فإن الشكوك تزداد حول كفاءة أداء المحفظة، فضلاً عن مدى التزامها بالأسهم الجيدة ذات العوائد، مقابل شراء أسهم وفقاً لـ»مجاملات» أو اعتبارات غير مهنية أو استثمارية، وهي شكوك تتنامى مع غياب الشفافية عن أداء المحفظة وأعمالها.

فالمطلوب من المحفظة الوطنية أن تكون شفافة، من خلال نشر تقارير دورية؛ شهرية وربعية وسنوية، للأداء، من حيث الحجم والمكونات، كالأسهم وحصص الصناديق والودائع والسيولة، مع بيان أفضل وأسوأ أداء للمديرين من شركات الاستثمار، والأهم من ذلك كُله الالتزام بالأهداف الاستثمارية التي تأسست من أجلها المحفظة.

الجهات الحكومية

في المقابل، وعند تقييم أداء الجهات المعنيَّة بمتابعة آثار فيروس كورونا على الاقتصاد، نجد أن بنك الكويت المركزي كان أفضل مَنْ تعاطى مع الأزمة بمستواها المطلوب، من خلال إصدار قرارات استثنائية احترازية، وأخرى على مستوى السياسات النقدية، مثل: منع البنوك من تسييل ضمانات الرهونات مقابل القروض، أو خفض مستوى سعر الخصم بـ1 في المئة إلى 1.5 في المئة كسعر خصم تاريخي، أو تأجيل الاستحقاقات المترتبة على المتضررين 3 أشهر دون رسوم جزائية.

في حين كانت إجراءات بعض الجهات الحكومية الأخرى شبهَ معدومة، مثل الهيئة العامة للاستثمار، أو مرتبكةً كهيئة أسواق المال، التي اتخذت قراراً بوقف تعاملات البورصة، اتساقاً مع قرار مجلس الوزراء، دون أن تبيِّن مخاطره على سُمعة السوق المالي بالأوساط المالية الدولية، بينما كانت المبادرة من شركة البورصة نفسها، التي ضغطت لعودة التداول يوم الأحد الماضي!

إن أداء المحفظة الوطنية يجب أن يقترن في البورصة بدرجات عالية من المهنية في اختيار الأسهم، والشفافية في بيان الأداء، وتطوير المديرين، والتجاوب مع الأدوات المالية المستحدثة في البورصة، والقيام بدور المبادرة، ليس في الجانب المالي فقط، بل أيضاً على مستويات المشاركة بنظم صانع السوق مثلاً، أو الصناديق العقارية المعروفة بـ REITs (الريت)، فضلاً عن تشجيع أي أداة أو خدمة لتطوير السوق.