في عدد مارس 2020 من مجلة العربي ثلاثة مقالات عن السينما، منها مقال عن "أبطال الصف الثاني" في السينما العربية، وهو اختيار طريف لشدة اهتمام الكتاب بالنجوم و"أبطال الصف الأول" ومقالة بعنوان "السينما والحياة"، وفي العدد تحدث الباحث السينمائي والاقتصادي الأستاذ "عامر التميمي" عن السينما الهندية والعربية، وقال: "السينما في الهند قطعت شوطاً طويلا لتبلغ الأهمية التي تمثلها في الوقت الراهن، حيث تعتبر الأكثر إنتاجا للأفلام، التي تقدر بـ1600 فيلم سنوياً، كما أن مداخيل هذه الأفلام تصل إلى 2.4 مليار دولار سنوياً، أي المرتبة الثالثة من حيث الدخل في العالم. وهناك ما يقدر بـ6 آلاف دار عرض سينمائية في البلاد، وقد بدأت السينما في الهند منذ العروض الأولى في عقد التسعينيات من القرن التاسع عشر".

(ص142)

Ad

لست من متابعي السينما الهندية، ولا أعلم كيف يتعاملون مع التعدد اللغوي والثقافي، ولكن ما ساعد في ازدهارها على الأغلب اتساع سوقها وضخامة خبرتها ووجود الجاليات الهندية في دول كثيرة، وربما قلة الضغوط الدينية وغيرها، وشهرة "بوليود" لا تقل اليوم عن سمعة هوليود، ولم أرَ تسمية رائجة للسينما العربية من الوزن نفسه، ربما "أرابوود"!

يقول أ. التميمي إن الأفلام الهندية شكلت نموذجاً محدداً للسينما، "حيث تتصاعد خلالها الانفعالات الإنسانية وترتفع درجة المبالغة في القدرات الشخصية للأبطال من حيث القدرة على هزيمة الأعداء وكسب حب الجميلات، فضلاً عن الشجن والتطويل والتشويق، لكن ذلك لم يمنع إنتاج أفلام متميزة، خصوصاً في سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ومن أهم الأفلام التي أنتجت وتركت بصمات واضحة "الأم" Mother of india" الذي اعتمد على محاكاة للواقع الاجتماعي في الهند".

وينتقل "التميمي" إلى السينما العربية، ويقول إنها مقتصرة اليوم على الإنتاج المصري، مهما كان حجم الريادة المصرية، ويضيف عن دول أخرى في العالم العربي: "قطعت بلدان، مثل المغرب والجزائر وتونس ولبنان والسعودية أشواطاً لا بأس بها في عمليات الإنتاج السينمائي، وهناك أفلام متميزة تم إنتاجها خلال العقود والسنوات القليلة الماضية، وقد رشح بعضها لجوائز الأفلام الأجنبية في مسابقة الأوسكار الأميركية، كما شارك منتجو هذه الأفلام في مهرجانات دولية مهمة، مثل مهرجان برلين ومهرجان كان ومهرجان فينيسيا، وعدد آخر من المهرجانات، لكن تظل السينما المصرية رائدة للعمل السينمائي العربي، حيث بدأت أعمال السينما في مصر منذ عام 1907".

وعن حجم الإنتاج السينمائي في مصر يقول: "هناك تقديرات بأن إنتاج السينما المصرية قد بلغ حتى الآن ما يقارب 4 آلاف فيلم، وهو يعادل ثلاثة أرباع الإنتاج السينمائي في العالم العربي، ويعتبر العصر الذهبي للسينما المصرية في عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي".

وعن تاريخ هذه السينما كتب: "بعد نهاية العهد الملكي في مصر تم تأميم السينما وتأسست المؤسسة العامة للسينما، وقامت تلك المؤسسة بإنتاج أفلام روائية عديدة، وكان من بين تلك الأفلام ما يمكن أن يحسب ضمن أفضل الأفلام العالمية التي أنتجت في العقود الأخيرة من القرن العشرين.

ومرت السينما المصرية بأوضاع متقلبة وشهدت تدهوراً خلال حقبة "سينما المقاولات" التي امتدت من بداية السبعينيات حتى نهاية الثمانينيات، لكن ظهرت محاولات جادة للارتقاء بأوضاع السينما في مصر".

(ص143)

ومن المستبعد، فيما هو مشاهد ومعروف، أن تلحق أي دولة عربية بمصر في معظم مستلزمات العمل السينمائي، ولكن تطور تقنيات التصوير الحالية واقتصادات الإنتاج السينمائي في الدول الخليجية وبيروت وربما المغرب، وتطور أجهزة التواصل والإلكترونيات، قد تشكل واقعاً يحسب له حساب في هذا الفن مستقبلاً.

ثم إن السينما المصرية- العربية تشق طريقها منذ عقود وسط جو معاد من الهجوم والتحريم! وكثيراً ما تعلن بطلات التمثيل والغناء والمسرح "التوبة من العمل السينمائي" و"لبس الحجاب" أو "إطلاق اللحى" للرجال! ولا أدري إن كانت السينما الهندية مثلا تجابة الظواهر نفسها، أو الدراما التركية!

تناول الباحث "التميمي" نادي السينما في الكويت، وقد كانت الكويت كما هو معروف من الدول الخليجية السباقة في مجال تقبل السينما التجارية والمنزلية والتعليمية، وتقول مراجع التاريخ إن "أول سينما دخلت الكويت كانت في سنة 1936، أحضرها السيد عزت جعفر معه للشيخ أحمد الجابر، ووضُعت في قصر دسمان"، ثم تشكلت عام 1954 أول شركة للسينما باسم "شركة السينما الوطنية الكويتية"، أما نادي السينما الذي تأسس في الكويت عام 1976 فكان أبرز أدواره، فيما يعرضه الباحث "التميمي"، تعريف الجمهور بالسينما التي كانت آنذاك غير رائجة أو لا تعرض في الدور المعروفة.

ويقول التميمي في مقاله إن نادي السينما "تمكن من عرض عشرات الأفلام المهمة على مدى أكثر من أربعين سنة منذ تأسيسه في عام 1976، حيث عرض أفلاماً من دول المعسكر الاشتراكي آنذاك، مثل روسيا والمجر وبلغاريا وبولندا، كما عرض أفلاما مصرية رئيسة وأفلاما فلسطينية، وكذلك أفلاما عراقية وأخرى سورية وعددا من أفلام المغرب العربي، الجزائر وتونس والمغرب، بالإضافة إلى إقامة مهرجانات للأفلام الآسيوية، الهندية والصينية واليابانية، أي أن ذلك النادي عمق من فهم السينما في أوساط المهتمين بالكويت".

(العربي)

لست من الباحثين المنتظمين في مجال السينما كالباحث الفاضل "التميمي"، ولكن يشغلني سؤال عابر وهو: لمَ قمنا في الكويت بهدم كل المباني التاريخية لدور العرض السينمائية داخل المدينة وخارجها بهذه السرعة؟

استوقفني أخيراً في عدد مارس من (العربي) مقال حول "المقاهي" التي تطورت عبر تاريخها من "بيت القهوة" أمس، إلى "كافية شوب" اليوم.

فنحن نعرف الجدل الذي رافق دخول القهوة إلى العالم العربي كمشروب، وكيف اعتبرت القهوة لبعض الوقت من المحرمات، فقد كان أول ظهور لـ"بيوت القهوة" ببلاد اليمن السعيد قبل 500 سنة أو أكثر، حيث انتشرت في القاهرة وإسطنبول، وقد أخذها إلى تركيا "رجل شامي الأصل".

وأضافت كاتبة المقال "لبنى صالح سليمان" عن انتشارها في الدول الأخرى: "عرفت أوروبا المقاهي بدءا من النصف الثاني من القرن السادس عشر وحتى أوائل القرن السابع عشر الميلادي، وذلك عن طريق التجار الأرمن واليهود القادمين إليها من الشرق، وكانت البداية في فينيسيا، تلتها إنكلترا وفرنسا، وكانت المقاهي بالنسبة للأوروبيين شيئا مختلفا عن الفنادق والمطاعم التي كانت منتشرة لديهم آنذاك. وتأتي القاهرة حاضرة الخلافة الإسلامية في ذلك الوقت عند بداية المقاهي ووجودها، التي بلغت في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي ما يقارب من ألف ومئتي مقهى، دارت بين جنباتها كثير من الأحداث، وامتزجت داخلها عادات وتقاليد وثقافات متنوعة بتنوع فئات روادها وجنسياتهم وأصولهم، وعن المقاهي يذكر المستشرق الفرنسي كونت دي شابرول الذي صاحب الحملة الفرنسية على مصر أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، أن المقاهي بالقاهرة تختلف اختلافا كبيرا عن المقاهي في أوروبا بصفة عامة، وفرنسا بصفة خاصة، ووجه الشبه بينها يتمثل في مشروب القهوة الشهير الذي تختلف طريقة تحضيره واحتسائه في مصر وبلاد الشرق عن أوروبا، حيث يحتسيه الشرقيون من دون سكر".

هذا عن القهوة في المدن العربية والإسلامية، ولكن هل من درس القهوة وثقافة تقديمها، في البادية العربية، حيث تقدم في مجالسها بتقاليد مختلفة تماماً عن مقاهي المدن؟!

اشتهرت مجلة العربية بزاويتي "طرائف عربية" و"طرائف غربية" نختار من عدد مارس هذه "النصيحة الغربية"، ونحن وسط أزمة كورونا والحجر الصحي ومنع الطيران والسفر: "كان الطالب الشاب يستعد لمغادرة فرنسا في رحلة إلى إنكلترا للمرة الأولى، فسأل جده النصيحة، فأجابه جده: أفضل نصيحة للمسافرين لقضاء عطلاتهم: حدد كمية الثياب التي تحتاج إليها، وكمية النقود اللازمة للرحلة... ثم خذ نصف هذه الثياب وضعف هذه النقود، وستتمتع برحلة رائعة".