أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري تعليق المفاوضات بين بلاده وإثيوبيا بشأن «سد النهضة» بالكامل في المرحلة الحالية، مشيراً إلى أنه يتوقع تحركاً عربياً من أجل «إثناء الجانب الإثيوبي عن التعنت وإخراج المفاوضات من طريق مسدود، كدليل حي على التضامن والمصلحة المشتركة والعلاقة التاريخية التي تربط بيننا».

وشدد شكري، في مداخلة تلفزيونية مساء أمس الأول، على أن «موقف مصر عادل ويستحق شعبها الوصول إلى نتائج تحمي مصالحه المائية».

Ad

وقال إن المفاوضات بين الطرفين «متوقفة تماماً»، محملا أديس أبابا مسؤولية نشر «أطروحات في الساحة الإعلامية تحمل كثيراً من المغالطات ولا تدعو إلى التهدئة والتعاون وتظهر الأمور بغير حقيقتها». وتابع: «الاتصالات متوقفة، لكننا على اتصال دائم مع شركائنا وأشقائنا العرب والولايات المتحدة الأميركية الراعية للمفاوضات، والتي وضعت مسودة نهائية للاتفاق تخلفت أديس أبابا عن توقيعها».

ولفت شكري إلى أن جولته الدولية الأخيرة جاءت بهدف تسليم رسائل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى القادة العرب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشرح مسار التفاوض بشأن سد النهضة الاثيوبي، قائلاً إن «هناك تفهما من قبل دول الاتحاد الأوروبي لخطورة التعنت الإثيوبي في المفاوضات وما قد يجلبه من تداعيات تؤدي إلى تصعيد التوتر في منطقة القرن الإفريقي».

وبدأ شكري، أمس، جولة جديدة إفريقية هذه المرة يتصدر ملف سد النهضة أجندتها، وستشمل الجولة عددا من الدول من بينها جمهورية جنوب إفريقيا التي تسلمت رئاسة الاتحاد الإفريقي وكينيا والكونغو وبوروندي وجنوب السودان والنيجر، وذلك بالتزامن مع زيارات أخرى لباقي دول القارة السمراء سيقوم بها نائب وزير الخارجية المصري للشؤون الإفريقية. وتهدف القاهرة لملاحقة التحركات الاثيوبية في القارة السمراء.

ووصلت مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود أواخر فبراير الماضي، إذ رفضت إثيوبيا التوقيع على مسودة الاتفاق النهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد التي أعدتها الولايات المتحدة، وقررت عدم حضور آخر جولة من المفاوضات مع مصر والسودان في واشنطن.

السيسي وحميدتي

في السياق نفسه، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس، النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني، فريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، بحضور رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل.

وجاءت زيارة حميدتي للقاهرة، التي أجرى خلالها مباحثات مع اللواء كامل ثم مع الرئيس ضمن سعي مصر لتغيير الموقف السوداني من ملف سد النهضة الاثيوبي، حيث كشف مصدر واسع الاطلاع أن الرهان المصري ينصب على العسكريين، وفي مقدمتهم الفريق عبدالفتاح البرهان ونائبه دقلو، بينما تميل الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك لمساندة الموقف الاثيوبي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس رحب بالفريق أول حميدتي بالقاهرة، طالباً نقل تحياته إلى رئيس مجلس السيادة السوداني، ومؤكداً أن سياسة مصر دائماً ما كانت سنداً ودعماً للخرطوم، خاصة خلال المرحلة الانتقالية الحساسة الراهنة، أخذاً في الاعتبار المصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين. ومن جانبه؛ نقل الفريق أول حميدتي تحيات البرهان إلى السيد الرئيس، مشيداً بالمساندة المصرية الصادقة والحثيثة للحفاظ على سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف التاريخي الهام الذي يمر به.

كما أعرب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني عن تقدير بلاده للدور الفاعل لمصر بالمنطقة والقارة.

وأكد المتحدث أن اللقاء شهد التوافق حول مجمل القضايا الإقليمية، كما تم استعراض تطورات ملف سد النهضة في ضوء ما انتهت إليه المفاوضات في واشنطن من اتفاق تم التوقيع عليه بالأحرف الأولى من جانب مصر.

وعقب اللقاء، أعرب حميدتي عن سعادته لزيارة مصر، مؤكداً أن العلاقات بين القاهرة والخُرطوم «أزلية وأخوية وتاريخية، ولا مفر من تقويتها».

وأكد في تصريحات متلفزة، بعد اللقاء، أن زيارته لمصر تمت بدعوة كريمة من الرئيس السيسي، الذي تحدث بشكل طيب عن الشعب السوداني والتغيير الذي حدث هناك، وهو دائماً داعم للشعب السوداني.

وأضاف أن «التفاوض حول سد النهضة تم منذ زمن طويل، وهذا الملف تم تسليمه لرئيس مجلس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك»، معرباً عن أمله في التوصل لاتفاق بلا ضرر ولا ضرار لكل الأطراف، وموضحاً أن «السودان جزء من سد النهضة، وسيقوم بدور الوسيط بين الأشقاء، لتقريب وجهات النظر».

الملف الليبي

على صعيد آخر، عقد اللواء أحمد المسماري المتحدث الرسمي باسم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني) بقيادة المشير خليفة حفتر، مؤتمراً صحافياً في القاهرة أمس.

وقال المسماري، خلال المؤتمر، إن «حفتر لم يزر سورية» ولم يذهب إليها أيضا أي وفد ليبي.

جاء ذلك رداً على تقارير صحافية أفادت بأن حفتر قام بزيارة سرية إلى دمشق مهدت الأرضية أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة الموازية في بنغازي والحكومة السورية في دمشق، حيث أعيد افتتاح السفارة الليبية في دمشق، أخيراً، إيذانا بعودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، بعدما وقعت وزارة الخارجية السورية مع نظيرتها في الحكومة الليبية المؤقتة، على مذكرة تفاهم بشأن إعادة افتتاح مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتنسيق مواقف البلدين في المحافل الدولية والإقليمية.