لم أكن "أنتوي" الكتابة عن "كورونا"، فالناس سئمت الموضوع وغزارة الكلام عنه، بل أظن أن أغلبهم سيضطر، بعد رحيل "كورونا"، للبحث عن علاج للوسواس القهري من كثرة غسلهم أيديهم، إلا أن الحكومة الكويتية - بقراراتها المتسارعة والمتضاربة أحياناً - أبت إلا أن تجعله مالئ الدنيا وشاغل الناس الذي لا فكاك منه، مهما حاولوا تغيير الموضوع أو تجاهله.

يبدو أننا موعودين على هذه الأرض كل ٣٠ سنة بأزمة تكشف لنا ما يخفى علينا من قلة التدبير والحصافة وبُعد النظر في الغرف الخلفية المغلقة للحكومات المتعاقبة التي تدير البلد، ولتؤكد شكوكنا بأن تغيّر الأشخاص والبشوت والبطانة لا يعني بالضرورة حدوث أي تغيير مهم في العقليات المسؤولة عن الإدارة.

Ad

فرغم محاولات إظهار الشفافية والقدرة على السيطرة، جاء القرار الأخير بالتعطيل الكامل ليعكس الصورة تماماً، مما يطرح الشكوك المشروعة معه حول وجود تعتيم إعلامي عن عدد الحالات التي أوصلت الحكومة إلى اتخاذ مثل هذا القرار، فإذا كان المرض غير منتشر بشكل كبير، كما هو مُعلن، وتم اتخاذ القرار المفاجئ دون تمهيد ومقدمات، مما يزيد في الوقت ذاته من التجمعات في الجمعيات التعاونية، في حين كانت الغاية منه عكس ذلك، فإنها مبالغة وتهويل يستحقان المراجعة والتوضيح.

أما إذا كان المرض منتشراً على غير المعلن، فيجب إعلان ذلك بصدق وشفافية حقيقية، ومن ثمّ محاسبة من سمح باستيراده وسهّل دخوله ووصولنا إلى هذه المرحلة الحرجة.

لا ينكر إلا جاحد أو موتور جهود وزارة الصحة والأطباء وجميع الفنيين المشاركين في الصفوف الأولى والخلفية للمواجهة، والتي فاقت التوقعات، لكنّ اختلاط القرار السياسي المرتبط بالمصالح والحسابات الخاصة بالمجهود الطبي المميز شوّه نتائجه، رغم تميّزها.

لذا في أثناء كل ما جرى ويجري، وبعد سماعنا لتصريحات ومحاولات البروز لبعض المحسوبين علينا كرجال دولة من وزراء ونواب، بالإضافة إلى خبراتنا المتراكمة في القضايا والأحداث التاريخية السابقة، والتي لم يحاسب فيها أحد، وتزامناً أيضاً مع الصمت المطبق بشأن انهيار أسعار النفط، كل ذلك يجعلنا ونحن نرى وجوه أطفالنا نتساءل بجديّة وقلق: "احنا شلون مهيتين أعمارنا معاكم؟!"