بينما تواصلت تداعيات «الغياب الطوعي» لرئيس الحكومة العراقية المستقيل عادل عبدالمهدي، ما يمثل أغرب وضع تعيشه العملية السياسية في العراق، ويشغل الأوساط السياسية، اندفع الموالون لطهران نحو مهاجمة صريحة لرئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تبدو حظوظه متصاعدة لتشكيل الحكومة المؤقتة، متهمين إياه بالتورط في مقتل قاسم سليماني جنرال الحرس الثوري الإيراني، وتدبير انقلاب ضد الدولة.

ورأى مراقبون أن إعلان عبدالمهدي غيابه الطوعي عن ممارسة عمله رئيساً للحكومة، سيعني إفساح المزيد من المجال أمام نفوذ إيران الأمني والإداري، ومنح الصلاحيات لأعضاء في فريقه يوالون إيران، أو يتسمون بضعف شديد ويسهل على طهران الضغط عليهم.

Ad

ورغم أن مصادر سياسية رفيعة قللت من هذا الاحتمال بإشارتها إلى أن عبدالمهدي حصر في بيانه يوم الاثنين، الصلاحيات الكبيرة بنفسه، فإن أوساطاً نيابية رأت في خطوته طمأنة لإيران وتهدئة من مخاوفها بشأن احتمال تخليه عن المنصب، كما هدد في بيان 19 فبراير، والذي قد يفسح المجال لتفسيرات دستورية تنقل صلاحيات رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، نظراً لخلو المنصب، الأمر الذي تفاقم بعد انسحاب محمد علاوي وفشله في تشكيل الحكومة مطلع الأسبوع.

جاء هذا في وقت يشهد العراق مواجهة نادرة وعلنية بين جهاز المخابرات والميليشيات الإيرانية، جعل الجهاز يرد في بيان أمس، على اتهامات ميليشيا حزب الله العراقي التي اتهمته بتدبير انقلاب، والتورط في عملية اغتيال قاسم سليماني وحليفه العراقي أبي مهدي المهندس.

وقال مراقبون إن موقف الميليشيا الحاد ضد رئيس جهاز المخابرات يشير إلى صعود حظوظه بين القوى السياسية ليكون مرشحاً لرئاسة الحكومة المقبلة، مما جعل الجزء المتشدد من حلفاء طهران في العراق يشعرون بتهديد حقيقي، لأنه قريب من أجواء التيار الوطني المعارض لطهران.

ويعود هذا التصادم إلى رواية الانقلاب التي أعلنها قيس الخزعلي زعيم ميليشيا العصائب الخريف الماضي، حين اتهم إحدى الرئاسات بالتعاون مع جهاز أمني رفيع، بتدبير انقلاب أثناء اندلاع حركة الاحتجاج، مما فُسّر بوضوح أنه اتهام إيراني مباشر لرئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، ورئيس الجمهورية برهم صالح.