على وقع التصعيد المستمر وتزايد المخاوف من وقوع مواجهة تركية- روسية مباشرة في سورية، أوفد الاتحاد الأوروبي بشكل طارئ، أمس، كبار مسؤوليه إلى تركيا واليونان لمواجهة تداعيات تدفق المهاجرين على أبواب دوله.

وطلبت اليونان دعماً من قادة الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع بدأ أمس لبحث أزمة الهجرة، التي احتدمت عند حدودها بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالسماح لملايين اللاجئين بالتوجه إلى أوروبا.

Ad

وتلقى رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الدعم خلال لقائه في منطقة إيفروس الحدودية مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيسي المجلس والبرلمان الأوروبيين شارل ميشال وديفيد ساسولي.

وشددت فون دير لايين على الاتحاد الأوروبي سيقدم لليونان «كل الدعم اللازم»، مؤكدة أن «من يسعون لاختبار وحدة أوروبا سيخيب أملهم. ولن تضعف الضغوط من عزيمتنا، ووحدتنا ستنتصر».

وقبل تفقده إلى جانب كل من لايين وميشال وساسولي الحدود التركية، هاتف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ميتسوتاكيس ودعم جهود اليونان في تأمين حدودها وشجعها على العمل مع الشركاء الإقليميين للتصدي للتحركات الجماعية للمهاجرين إلى أوروبا، بحسب البيت الأبيض.

وبعد تحذيره من «خطر مواجهة عسكرية دولية كبرى» في سورية، بدأ وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل برفقة المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز لينارسيتش زيارة لأنقرة، أمس، لإجراء محادثات «رفيعة المستوى» تتناول «العواقب الإنسانية على سكان إدلب وكذلك وضع اللاجئين السوريين.

ابتزاز وهجوم

وفي حين اعتبر وزير خارجية فرنسا أن استغلال تركيا للمهاجرين لابتزاز أوروبا غير مقبول، وصف مستشار النمسا زباستيان كورتس قرار إردوغان بأنه هجوم على الاتحاد الأوروبي واليونان، محذراً من أن «الاستسلام للضغط التركي وفوز إردوغان سيجعل منطقة شنغن لحرية التنقل «من الماضي»، مؤكداً أن التكتل أمام «امتحان» بشأن إن كان بمقدوره حماية حدوده.

وغداة لقاء مع رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف كشف خلاله إردوغان أنه رفض مساعدة أوروبية إضافية بقيمة مليار يورو لإبقاء المهاجرين في تركيا، أعلن وزير داخليته سليمان صويلو ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين الذين عبروا إلى اليونان 130 ألفاً و469 حتى صباح أمس.

من جهته، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن موسكو لن تكف عن محاربة الإرهاب في منطقة إدلب من أجل حل أزمة الهجرة في أوروبا.

وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الوضع في منطقة إدلب مع المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل. وأكد الكرملين أنهما عبرا خلال اتصال هاتفي عن أملهما في أن يكون اجتماع بوتين غداً حاسماً مع إردوغان، الذي سبق وأكد أنه سيبحث إبرام اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في منطقة إدلب.

سفارة لـ «شرق ليبيا» في دمشق

افتتحت الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الليبي ومقره في شرق ليبيا والمؤيد لقائد «الجيش الوطني الليبي» المشير خليفة حفتر سفارة في سورية، أمس، ودعت لاتحاد البلدين في هدفهما المشترك بمحاربة جماعات تدعمها تركيا.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في حفل افتتاح السفارة، إن «الإرهاب سيقضي على أي دولة عربية إذا سُمح له بالخروج منتصراً من الحرب في سورية، وإذا سُمح للرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالانتصار».

دعم وتسوية

وفي مستهل زيارته لتركيا مع مندوبة الأمم المتحدة كيلي كرافت، أكد المبعوث الأميركي لسورية جيمس جيفري الاستعداد لتزويد تركيا بالذخيرة، والمساعدات الإنسانية في منطقة إدلب، مؤكداً أنها «شريك بحلف شمال الأطلسي. ومعظم الجيش يستخدم عتاداً أميركياً. سنعمل على التأكد من أنه جاهز ويمكن استخدامه». وعلى نحو منفصل، كشف السفير ديفيد ساترفيلد أن واشنطن تبحث طلب أنقرة للحصول على دفاعات جوية بمضادات «باتريوت».

وفي وقت سابق، أكد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أنه لن «يفكر» في تفعيل نص المادة 5 من ميثاق «الأطلسي» بشأن الدفاع الجماعي لتقديم الدعم الجوي لتركيا، مبيناً أنه بحث زيادة المساعدات الإنسانية لسكانها مع وزير الخارجية مايك بومبيو.

حرب جوية

وفي أحدث تطورات عمليتها الرابعة في سورية والأولى ضد الجيش السوري، أسقطت تركيا أمس، طائرة حربية سورية، هي الثالثة منذ الأحد، قبل أن تخسر لاحقاً طائرة مسيرة تركية في إدلب.

وأوردت وزارة الدفاع التركية أنه جرى إسقاط الطائرة إثر استهدافها من مقاتلة إف-16، وأكد مصدر عسكري سوري أنها تعرضت لإصابة بصاروخ أطلقه الطيران التركي من منطقة سراقب.

وأفاد المرصد السوري عن سقوط الطائرة في منطقة حكومية غرب معرة النعمان ومقتل قائدها بعدما قفز بالمظلة في منطقة دير سنبل الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، مشيراً إلى مقتل إلى تسعة مدنيين بينهم خمسة أطفال الثلاثاء في قصف جوي استهدف مدينة إدلب.

وأكد المرصد السوري سقوط قتلى وجرح جراء قصف طائرات مسيرة تركية، استهدف رتلا عسكرياً بمعرة النعمان، مبيناً أن الضربات التركية الجوية والبرية تسببت في مقتل 119 جندياً ومسلحاً موالياً بالإضافة إلى 20 من حلفائهم من جنسيات أجنبية، بينهم 10 من «حزب الله» وأربعة إيرانيين، منذ 27 من فبراير الماضي.

حشد عسكري

وفي ظل التوتر، أعلن رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل ديمير عن نشر منظومة الدفاع الجوية «حصار» في منطقة عمليات «درع الربيع» بإدلب خلال أسبوع، مؤكداً وجود نظام «كوركوت» الأخف منه حالياً في الساحات، ويلقي ذخيرة جسمية ويعمل على الحماية الجوية من منطقة قريبة.

في المقابل، أرسلت روسيا سفينة الإنزال «نوفوتشيركاسكا» الكبيرة المحملة بشكل كبير، لتضاف إلى الفرقاطتين «الأدميرال ماكاروف» و«الأدميرال غريغوروفيتش» اللتين وصلتا قبل نحو أسبوع إلى سواحل ميناء طرطوس على أن تنضم جميعها إلى المجموعة الدائمة في البحر المتوسط. وبعد يوم من دخول القوات السورية والشرطة العسكرية الروسية مدينة سراقب، أمل المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في التمكن من خفض خطر المواجهة المباشرة مع تركيا إلى الحد الأدنى بفضل الاتصال العسكري الوثيق، مشيراً إلى مناقشات لعقد قمة ثلاثية محتملة تصم إلى جانب بوتين وإردوغان نظيرهما الإيراني حسن روحاني، الذي عرض استضافتها في إطار مسار أستانة.

إلى ذلك، اتهمت وزارة الدفاع الروسية أنقرة بتوطين التركمان في مناطق طردت منها الأكراد، مؤكدة أن مزاعمها وواشنطن والاتحاد الأوروبي بشأن تدفق ملايين اللاجئين من إدلب وتفاقم الأزمة الإنسانية هناك لا أساس لها من الصحة.

من جهة أخرى، جرت تسوية جديدة بين دمشق ومقاتلي المعارضة في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي نصت على خروج الرافضين للمصالحة إلى الشمال السوري، وتسليم الباقين سلاحه للجيش، وانضمام من طلب الخروج إلى بصرى الشام وإلى «الفيلق الخامس» الذي شكلته روسيا بقيادة أحمد العودة.