في تصريح له أمام وسائل الإعلام الإيرانية، قال النائب في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) عن مدينة قم، أحمد أمير آبادي فراهاني، إن فيروس كورونا الجديد مستشرٍ بشكل واسع في هذه المدينة، التي تعتبر العاصمة الدينية للبلاد، مؤكداً أن هناك نحو 10 وفيات يومياً بسبب هذا الفيروس في قم وحدها.

وانتقد فراهاني، وهو أيضاً عضو الهيئة الرئاسية لـ «الشورى»، الحكومة بشدة، معتبراً أن إجراءاتها لمواجهة المرض «ما دون الصفر»، حتى أن الكوادر الطبية في المدينة ليس لديهم ألبسة واقية، وهم أكثر عرضة للإصابة من غيرهم.

Ad

وقال نائب مدينة قم، إن الحكومة تعتبر السيطرة على الأوضاع أهم لديها من مواجهة المرض، ولذلك تُخفي المعلومات، لافتاً إلى أن «أكثر من 50 شخصاً توفوا بالمرض في قم حتى مساء الأحد، والحكومة نائمة». وأضاف فراهاني، الذي كشف في مؤتمره الصحافي عن لائحة بأسماء الوفيات، أن المدينة مصابة بالفيروس منذ 3 أسابيع، لكن الحكومة تسترت على الأمر، مما تسبب في انتشار سريع للفيروس، لأن الناس لم يكونوا على علم بوجوده للوقاية منه.

وأوضح أن وزارة الصحة الإيرانية والحكومة تروّجان أن مراجع التقليد في قم معارضون للحجر على المدينة وعلى حرم السيدة فاطمة المعصومة، لكن لا أحد من المراجع أعلن صراحة أنه يعارض الحجر، بل جميعهم أكدوا أنه إذا ما كان هناك خطر على صحة الناس فيجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة، غير أن الحكومة و«الصحة» تُعلمانهم أن الوضع تحت السيطرة، في حين أنه خارج عنها.

وكشف أن نواب قم استطاعوا إقناع أربعة أساتذة طب رئة بالذهاب إلى المدينة لدراسة الوضع والمساعدة في معالجة المصابين، ولكنهم تركوها ليلاً بعد بضع ساعات أمضوها فيها خوفاً على صحتهم، معتبرين أن الترتيبات الصحية غير كافية لبقائهم فيها.

وفي وقت لاحق علمت «الجريدة»، أن قوات الأمن اعتقلت فراهاني ووضعته في الحجر الصحي، زاعمة أنه مشتبه في إصابته بـ «كورونا»، وتم نفي صحة تصريحاته.

وأمس، أُعلن وضع د. محمد رضا قدير، رئيس الجامعة الطبية في قم بالحجر الصحي للاشتباه في إصابته أيضاً، غداة انتقاده بشدة الإجراءات الحكومية لمواجهة الفيروس في البلاد، واتهامه السلطات بتسييس موضوع صحي.

وأكد د. قدير أن العديد من الأطباء والممرضين أصيبوا بالفيروس لتقصير الحكومة، ولم يكد يخرج من الجامعة حتى وُضِع في الحجر، مما أثار شكوكاً حول استخدام الحكومة هذه الطريقة كإجراء عقابي لإسكات المنتقدين.

وقال د. قدير، قبل وضعه في الحجر، إن نسبة الوفيات في إيران مقارنة بالإصابات تعتبر الأعلى عالمياً بسبب أداء الحكومة التي لم توفر الإمكانات اللازمة في الوقت اللازم، ولم تؤمن فحصاً مجانياً، إضافة إلى أن المسؤولين امتنعوا عن وقف الرحلات من الصين وإليها لأسباب سياسية، في حين أن جميع الأطباء كانوا مُصرّين على ضرورة اتخاذ هذا الإجراء.

أما مساعد وزير الإرشاد للشؤون الإعلامية محمد خدادي، فبعث برسائل خاصة إلى مديري الصحف والمؤسسات الإعلامية حذّرها من نشر أي أخبار غير رسمية عن «كورونا» والأوضاع الصحية في البلاد، مهدداً بإلغاء رخص هذه المؤسسات وتقديم مديريها وكل الإعلاميين المرتبطين بمثل هذه الأخبار إلى المحاكمة.

وأكد خدادي أن جميع وسائل الإعلام يجب أن تلتزم بنشر ما يصدر من وزارة الصحة فقط، وتُمنَع جميعاً من إجراء أي اتصالات أو «ربورتاج» تحقيقي عن المرض وانتشاره بالبلاد.

وأصدرت «الصحة» أيضاً تعميماً على جميع المستشفيات والجامعات والمراكز الطبية يمنعها من التصريح بشأن الفيروس وانتشاره في البلاد، والسماح للأطباء بالتصريح عن كيفية مواجهة المرض فقط.

وكانت «الجريدة» أكدت في 20 فبراير الجاري عبر مصدر رفيع بوزارة الصحة الإيرانية، صحة الرسالة التي بعث بها مساعد وزير الصحة د. قاسم جان بابايي، إلى الرئيس حسن روحاني وكبار المسؤولين، يؤكد فيها أنه تم كشف 45 حالة إصابة بالفيروس في البلاد الأسبوع الماضي. وكشف المصدر أن السلطات قررت التستر على الإصابات إلى ما بعد الانتخابات، لكن وفاة مصابين أجبرتها على الاعتراف بوجود إصابات.

وفي 5 فبراير كشفت «الجريدة» عن خلاف بين «الصحة» الإيرانية، التي دعت إلى وقف استيراد البضائع الصينية وتعليق الرحلات الجوية من الصين وإليها، وبين وزارة الخارجية والحرس الثوري اللذين رفضا ذلك، على أساس أن إيران يجب أن تُظهر لبكين تضامنها الكامل معها، كما فعلت الأخيرة في موضوع العقوبات الأميركية.